آراء

سيدفع اردوغان تركيا نحو الفوضى

emad aliاصبح الوضع في تركيا بشكل معقد لا يمكن تصوره، والفوضى اصبحت سيدة ولم تشهد هذه البلد بمثل ما الت اليه حاله في هذه الايام حتى في عز الحرب التي كانت دائرة مع الحزب العمال الكوردستاني، وهي في اوج قوتها الاقتصادية الان، بينما اصبح للحزب العمال الذي كان له موقع قدم صغيرخارجيا وداخليا الانصار والدواعم والمساند الكثيرة الان وخرج عن عزلته كثيرا اليوم، ويمكن ان نقول اكثر امانا وضمانا وبشكل كبير جدا، ولم تقراه تركيا جيدا. غير ان الوضع السياسي العالمي والاقليمي والداخلي التركي بهذا الشكل المعقد الذي لا يُحسد عليه، من الجوانب العديدة، اولها، ان السلطة التركية كانت برلمانية ولم تكن هناك شخصية طامعة في الحصول على اهدافه وامنياته الشخصية بناءا على نرجسيته وباي ثمن كان بينما اصبححت تركيا اليوم تحت رحمة طمع شخصي وحزبي .ثانيا، لقد توالت سلطات عديدة في تركيا ولم تصل الى ما هي عليه اليوم من تردي الواقع السياسي، بعد فشلها في تحقيق مجموعة من الاهداف التي تهم مستقبلها الا من الناحية الاقتصادية التي استفادت من الفوضى في المنطقة وعلاقاتها المتعددة الجوانب مع الدول التي تفرض عليها الموقع الاستراتجي للتركيا التعامل معها مجبرة . ثالثا ، لم نجد قوة ناظمة لما يجري في تركيا بعد الفشل الذريع الذي مني به حزب اردوغان في النتخابات، وجن جنونه لعدم حصوله على ما يؤمن له الرئاسة المطلقة كما يريد كي يصبح سلطان العصر كما يهدف كل خطواته. رابعا ، لقد فوجيء النظام التركي بقوة حزب العمال الكوردستاني التي تورطت في معاداته بعد مدة هدنة لمسيرة عملية سلام التي انهتها تركيا لاسباب حزبية بحتة وهي لم تعلم بالردود الفعل القوية وما هو عليه العالم والمنطقة من ظروف لم تدع تركيا مفتوحة اليدين كما كانت، نظرا لاخطاء ارتكبتها في سياساتها الاقليمية والعالمية والداخلية . خامسا ،لم يشهد اي عصر خلال هذه السنين الطويلة من الكفاح المسلح لحزب العمال الكوردستاني ما تهيئت له من الارضية المناسبة لتحقيق اهدافه العسكرية والسياسية بكل سهولة، انه لم يعد يُحارَب عالميا وحسن من سمعته محاربة داعش من كافة الجوانب، وتعامله الحسن والمناسب مع ما يجري في المنطقة غيٌر من المعادلات التي كانت تستند عليها تركيا، رغم انها حاولت اخيرا من تراجع عن مواقف وتنازلت من اجل تامين ما تنويه السلطة من ضرب حزب العمال والتغيير الذي ينشده اردوغان في توجهاته بعد الضربة القاضية التي تلقاها من الانتخابات الاخيرة التي لم يتوقعها نتيجة غروره العالي . فهل وجدنا في اية مرحلة من تاريخ تركيا الحديث ان يسيطر حزب العمال الكوردستاني بشكل كامل على مدينة ويخرجها من تحت براثن الجندرمة والقوات العسكرية التركية التي باتت معنوياتهم تحت الصفر وهم يفرون كالجرذان امام انصار وقوات الحزب العمال الكوردستاني، وحتى امام التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في كوردستان الشمالية . ونتيجة لما يحدث، يمكن ان نتوقع بان تركيا دخلت المتاهات الموجودة في المنطقة دون ان تعلم بنفسها ووقعت في حفرة التغييرات الكبيرة التي حصلت نتيجة الثورات وتاثيراتها على الجميع دون استثناء . ولكنها هي التي وقعت نفسها في هذه المتاهات نتيجة قصر نظرها وحساباتها الخاطئة واعتمادها على العوامل القديمة وعدم قراءة التغييرات والمعادلات بشكل جيد .

اما من الناحية الايديولوجية التي تسيطر عليها هو ما يهدفه الاسلام المعتدل فتركيا الحالية باتت تتطلب تغييرا وبرزت توجهات اخرى مع الافكار والايديولوجيات التي امام لا توافق مع ما يحمله حزب العدالة والتنمية او يقف ضده بشكل مطلق مما يؤثر من جهته على توجهات اردوغان وحزبه ويؤثر على قوته التي تشبث بها كوسيلة وحيدة لمحاربة الاخرين، اي اصبح الداخل التركي هشا اكثر من المتوقع وتضرر من قبل اردوغان وافكاره وحزبه بشكل خاص . تركيا العلمانية التي استندت على خطوات وتوجهات اتاتورك لمدة ليست بقليلة وحصلت فيها ما شابتها من الاخطاء التي فرضت تغيرات كبيرة في نظرة وفكر وايديولوجيا الشعب التركي واستغلها الاسلام السياسي ، وبعد ممارسة اعمال وتوجهات لما يضمن هذه الايديولوجية لمدة ليست بقليلة، اصبح الشعب على دراية بما يفيده ومستقبله وما يلائم التغييرات العالمية والفكر الانساني بعيدا عن الايديولوجيا والفكر الضيق .

ان ما يراهن عليه اردوغان في تحالفه الجديد مع امريكا لمحاربة داعش، اصطدم في اول وهلة بموقف الجميع من عدم استغلال هذه التوافقات لتحجيم حزب مدني ربما يميل الى حزب العمال الكوردستاني لاغراض انتخابية، وهذا ما تفاجات به تركيا بعد دعوة حزب الاتحاد الديموقراطي الكوردي السوري من قبل امريكا في الوقت الذي لم تتوقع تركيا بقاء مثل هذه المستوى من العلاقات مع بدء اتفاقيتها مع امريكا. ومن هنا يمكن ان نتوقع بان التخبط الذي وقعت فيه تركيا ستطاول نتائجه على اردوغان وحزبه مستقبلا، ولا يمكن ان ينجح في تحجيم الحزب الشعوب الديموقراطي لكسب اصواته والفوز بالانتخابات المقبلة المبكرة التي يريده وهو يظن تغييرا في التصويت بعد العمليات العسكرية التي بداه ضد حزب العمال الكوردستاني وانهائه لعملية السلام، ليسهل عملية تغيير الدستور ويؤسس للسلطنة ويحقق احلامه . انما يحصر اردوغان قوميا وجمهوريا علمانيا داخليا من الحزبين الاخرين وعدم تمكنهم من التوصل الى الاتفاق معه،ما لانبثاق حكومة جديدة يدل على مدى الخلافات الفكرية الايديولوجية الفلسفية التي يحملونها وهي متناقضة مع بعضها، وهذا يقع لصالح الشعب الكوردي الذي يمكنه ان يلعب اللعبة صحيحا بينهم،من اجل تحقيق الاهداف التي تهمهم قبل ما تهم الدولة التركية . ومن هذا المنظار والتوجهات المختلفة التي تحملها الاحزاب التركية المتضادة مع بعضها من جميع النواحي فان اردوغان وخطواته سيوجه تركيا نحو الفوضى اكثر فاكثر والتي لا يمكنه السيطرة عليها ان استمر على مبتغاه ونواياه الشخصية البحتة.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم