آراء

هل تقع اصلاحات العبادي لصالح اقليم كوردستان ايضا؟

emad aliعلى الرغم من ادعاء الجميع بانهم مع التغييرات والاصلاحات التي بداها السيد العبادي في بغداد الا ان هناك حذر وتخوف من قبل الساسة والشعب الكوردي من الاصلاحات ونتائجها على مستقبلهم وحقوقهم المشروعة في العراق طالما بقوا ضمن البلد ، وتخوفهم مشروع لانهم ذاقوا الامرين خلال العقود الماضية وقبل سقوط الدكتاتورية وكلما منٌوا عليه من حقوقه سحبوا منه اكثر منها بحروبهم واجحافهم في جوانب كثيرة اخرى، ولم ير الكو عصرا من السلطة المركزية منصفا لهم من اية ناحية، نتيجة انبثاق البلد بشكل فوقي من قبل الاستعمار البريكاني دون الاخذ براي جميع المكونات من جهة واستمرار الخلافات السياسية القحة والتعامل مع القضية الكوردية من اصلها بشكل سيء وتوجهات الجانبين المركزي العراقي والثورة الكوردية ومن ثم السلطة الكوردية حول الاهداف الحقيقية للشعب الكوردي وتعامل المركز معهم النابع من خلفيات السلطة ونوعها وحملها لافكار وايديولوجيات تنظر الى الاخر بعين مستصغرة وو روح متعالية وبقانون التابع والمتبوع من جهة اخرى .

ان ما يجري من الاصلاحات المطلوبة مقبولة من قبل الشعب بشكل جذري، ولكنها ربما تكون لها عواقب قد تكون في النهاية مفيدة لجزء من الشعب على حساب الاخر كما كانت السلطة من قبل لجزء رئيسي وفئة مركزية وخاصة من بغداد على حساب المحافظات في الحاشية ومن ضمنها اقليم كوردستان، فلم نجد السلطة الحقيقية بيد ابناء الشعب بشكل متساوي، فاما الكورد الموجودون كانوا مستعربون او بعثيون في المرحلة الاخيرة ولم يحملوا اماني الشعب الكوردي او لم يتواجدوا اصلا ولم يتحرك احد في ايجاد الحلول لكل تلك الخلافات طوال العقود ، ومن جانب اخر لم تكن للمحافظات الجنوبية حصة منصفة اضافة الى التركيز على المقربين والحلقات الضيقة حزبيا واجتماعيا، ومن ثم بشكل كامل، لم نجد سلطة ونظام عادل، من ومهما تكن اعضائها، هذه من جهة، اما من جهة اخرى كانت الاقنلابات والتغييرات المتتالية في ناصية الحكم لصالح مجموعة وان كانت تحمل سمات وصفات ونوايا مختلفة وكانت تتجه نحو الاسوا لحين الوصول الى النظام البعثي .

لو تكلمنا بصراحة اكثر، فان العلاقات لاقليم كوردستان الحالي شبه منقطع مع المركز ان حسبنا العلاقات بفحواها وليس بشكل ومظهرها الخارجي، وليست النواب والوزراء والمواقع الموجودة التي يعتليها الكورد في بغداد الا صورية من حيث طبيعة نظرتهم الى الواقع والنظام في بغداد، بحيث عدم التوافق وبقاء الحال والخلافات بين الاقليم والمركز دون حل جذري لم يدع النظرة لهذه القوى الكوردية المشاركة شكليا في بغداد مخلصة ومنصفة الى ما موجود، اضافة الى الحس بعدم التوازن، فانهم يحسون بانه في بلد اخر حقيقة، وحتى الخلافات الموجودة بين الكيانات الموجودة في اقليم كوردستان نراها تنمحي في بغداد لاحساسهم بان هناك من يقف امامهم ويقابلهم ويصارعهم على حساب مصالحهم، ولم يشعروا بانهم اصحاب البلد متساوين ومتكافئين لهم كما لغيرهم وعليهم كما على غيرهم، لذلك تنظر السلطة المركزية اليهم بعين الغربة والشك والريبة وكذلك هم يتبادلونها باحس ذاته، ويعتقد الجانبين بانهم غرباء عمليا في الحقيقة وليس بالمقولات والمديح والاوصاف الشفهية البعيدة عن الواقع وما موجود في صلب تفكيرهم هو غير ما ينطقون بمثقال ذرة .

ان الكورد لم يحسوا بانهم يخدمون بلدهم ولهم حقوقهم وعليهم واجباتهم نظرا للتراكمات السياسية العسكرية التي توارثوها واضرت بهم من جميع النواحي من جهة، وعدم ثقتهم بالاخرين نظرا لتلقيهم الضربات الموجعة من الجهات المركزية المختلفة، وكذلك نيتهم الحقيقية وامنيتهم الراسخة في ايمانهم باحقيتهم في بناء دولة خاصة بهم، واحساسهم بانهم يخدمون دولة اخرى ولم يحسوا بانتمائهم الحقيقي لهذا البلد ابدا .

اما اليوم وبعد المرارة التي ذاقوها من سلف العبادي المالكي فانهم ينتظرون ما يجري، ويشكون فيما يجري نتيجة بروز الحاكميَن ذاتهما من المنبع ذاته وبايديولوجيا نفسها مع تغيير طفيف في تربية الشخصين من جهة، ولما تتطلبه بغداد من الخطوات التي تقع في النهاية على حساب الحواشي من اقليم كوردستان والمحافظات البعيدة من جهة اخرى بشكل غير مباشر .

فان الحكم مابعد الدكتاتورية سارت مستندة على المحاصصة بين السنة والشيعة والكورد، فان اي تغير في نسبة اي طرف هو على حساب الاخر، فيظل عدم وجود الثقة او انعدامها بالكامل لاية جهة بالاخرى سارية المفعول، فان النتيجة ستكون مخيبة ويبرز الاحساس بالغبن وعدم الرضى نتيجة للاختلافات والخلافات العميقة وما يبرز نتيجة التغيير والاصلاح من جميع النواحي بين المكونات الثلاث، وعليه سيكون له تاثير سلبي عميق، وستمدد الخلافات على حساب الامن والامان والثقة المطلوبة بين الجهات . الجميع على اعتقاد كامل بان السلطة البعيدة عن اشتراك الجميع اي المحاصصة، فان جانب واحد سيحتكرها على حساب الاخر، ويمكن ان يكون المتخوفين على الحق لاننا لم نشهد مرحلة يمكن ان نقول بانه انصفت فئة حاكمة الاخرى البعيدة عن السلطة قبل وبعد السقوط ايضا .

الاصلاحات مطلوبة بشكل ملح نتيجة الفساد المستشري والخلل الموجود في بنية الحكم وطبيعته التي انبثقت على اسس خاطئة، وتحتاج لاعادة البناء، ولكن الباني والمؤسس يجب ان يكون بخلفية تقدمية حاملا لافكار انسانية لم يفرق بين فرد واخر مهما كانت خلفيته العرقية والمذهبية والدينية، وهذا لا يمكن ايجاده في من يحمل العرق والدين والمذهب بوصلة له في مسيرة الحكم، والبوصلة الخاصة بالمذهب والدين والنظرة من جهة واحدة لا ترى الجهات الاخرى مهما تشدق صاحبها بغير ذلك . اذا التغيير المطلوب هو في نوع النظام والعقليات التي يمكن ان تعتلي السلطة . ولا يمكن ابدا كما يقول لنا الفكر العلمي بان يصلح شيء بشيء من ذاته . فان التغيير الواجب هو يجب ان ياتي من خارج السلطة وبه يمكن ان يبنى البلد بعقلية متفتحة بعيدة عن الافكار والايديولوجيات الضيقة التي تسيطر على كافة السياسيين العراقيين اليوم بمن في السلطة ومن يعتبر نفسه معارضا، وكل ما يميلون االيه هو الموالاة لفئتهم ومذهبهم وعرقهم ليس الا . وعليه، ان النظام اللانظام الذي بني على الباطل فكرا وتركيبا وتوجها، فعليه يجب ان يزاح باية طريقة او شكل كان ويحل محله الاخر المختلف عنه شكلا وتركيبا وبنية من حيث الفكر والفلسفة والعقلية والسياسة والنظرة الى الانسان والحياة، فعندئذ يمكن ان يحس اي فرد في العراق مهما كان عرقه او دينه او مذهبه بانه غير مغدور والنظام منصف للجميع دون اي نقص يُذكر، الا ان التغييرات والاصلاحات الانية التي بداها السيد العبادي لا يمكن ان نعتبرها حلا جذريا للمشكلة الكبرى وهو طبيعة النظام وما فرز منه من الفساد والاجحاف بحق الشعب المغبون . وكل ما يمكن ان ننتظره هو الانتقال للسلطة من فئة الى اخرى ومن شخص لاخر باسم الشعب الذي لن يكون له فيها ناقة ولاجمل في النهاية كما هو المبان . وعلى الرغم من كل ذلك الا ان الاصلاحات بهذا الشكل والتوجه خطوة افضل من اللااصلاح بشكل ما، الا انها لا تمت بصلة باقليم كوردستان وشعبه باي شكل كان .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم