آراء

ما يخفيه الاتفاق الامريكي التركي حول المنطقة

emad aliيوم بعد اخر يبرز ما يمكن ان يوضح ما جرى وراء الستار بين امريكا وتركيا، ونتيقن من الشروط التي يمكن ان نعتقد بان امريكا قد عرضتها او تكلمت عنها لصالح تركيا في حال تغيير توجه تركيا نحو الموقف المغاير لما كانت عليه من قبل وما كانت عليه معاونة في الخفاء مع ابشع تنظيم ارهابي بشكل غير مباشر. بعد ايام فقط تيقنت امركيا ان تركيا ليس لها تعهد في هذا الجانب لذلك شاهدت بان تحركات تركيا هي بالضد من الحزب العمال الكوردستاني على غير ما تدعيه امريكا على الاقل من ان الاتفاق جاء على خلفية محاربة داعش او الارهاب وليس محاربة حزب العمال الكوردستاني فقط باسم داعش. تكتنف الحملة العسكرية التي بداتها تركيا باسم محاربة داعش غموض كثيرة لا يمكن التاكد من فحوى تلك الاتفاقية من حركاتها بهذا الاتجاه وما يخبط الامر على الكورد هو دعم حلف الاطلسي لتركيا سياسيا ايضا في موقفها من الحرب على الكورد باسم الارهاب وهي بعيدة عن محاربة الارهاب على الارض كما يرى هذا الحلف بام عينيه رغم ادعاءات الحلف غير ذلك. وما يتجلى من تحركات اردوغان هو اعلانه انتهاء عملية السلام مع الكورد بمجرد احساسه بانها لن تفيده في المرور نحو السيطرة على كافة زمام الامور للسلطة التركية وتحويل النظام الى الرئاسي ليفتح الطريق امام حربه ومعاداته للاخرين، وتراجعه في تعهداته ووعوده للكورد والعالم في قضيتهم. فهو بدا باعتقال الكثيرين من اعضاء الحزب الشعوب الديموقراطي باسم العمال الكوردستاني ليمكنه التاثير على الاصوات التي منحت لهذا الحزب الكوردي، من اجل ضمان نجاحه في حال اجراء الانتخابات المبكرة التي ينويه اردوغان ،على الرغم من ان كافة استطلاعات الراي تؤكد على انخفاض شعبيته وحزبه مقابل ارتفاع شعبية الحزب الشعوب الديموقراطي وهذا ما لا يدع اردوغان ان ينجح في تحقيق هدفه ايضا. اضافة الى ذلك اشعل بتحركاته حربا شرسة في شمال كوردستان لم تشهدها منذ العقود، بحيث سيطرت قوات الحزب العمال الكوردستاني على مناطق استراتيجية بما فيها المدن التي عزلها عن انقرة ولم تقدر القوات التركية المعتدية من المقاومة بكل ما تملك من الاسلحة والاعتدة وهي عضو في الحلف الاطلسي.

اردوغان بخطواته المبتذلة يريد ان يخلط الاوراق من اجل تحقيق هدفه الوحيد هو الحصول على الاكثرية التي تمكنه من تغيير الدستور فقط، ويدفع الى سفك الدماء اكثر من اجل هذا، وهذا بعيد عن المباديء التي يتشدق بها من الاسلام السياسي، بينما يتجه الى افتعال حجج من اجل احداث هذه الخروقات والحرب الشرسة التي راحت ضحيتها العديدين من الشعبين التركي والكوردي على حد سواء في الاونة الاخيرة . وكل ما يريد ان يقوله للشعب الكوردي بان تصويتهم لصالح الحزب الشعوب الديموقراطي وفرض عليه هذا التوجه وما جلعه ان يقدم على هذه الحرب والفوضى لمصالح شخصية حزبية خاصة.

اما ما نريد قوله بشان امريكا وما قدمته لتركيا لتغيير وجهتها نحو ما تعتقد انها تقف ضد داعش وفي الواقع هدفه هو مقارعة الحزب العمال الكوردستاني، وكما نرى يوميا انها فشلت في بداية طريقها وخسر الارض في حركتها على غير المعهود من قبل،بينما اقدمت امريكا على طمانتها على تامين حدودها من جهة وتمكينها من ان تكون مسيطرة على الموقف في المنطقة بعد الاتفاق النووي الايراني الغربي من جهة اخرى فلم تعلم ان الفوضى سيطرت على داخلاه والتي تعتبرها ارضها وبلدها .

اذا، امريكا تفائلت وتعهدت ولكنها لم توعد تركيا بانهاء حزب العمال الكوردستاني لاعتبارات عسكرية وسياسية لما للحزب من قوة وشوكة وهيبة وامكانية وقدرة عسكرية مما فرض توازنا مغايرا لما كان يتوقعه داعش في توقعاته. فلم يعلم اردوغان وتركيا بكافة مؤسساتها او بالاحرى لم يتوقع بان الواقع تغير وحزب العمال له خططه المفاجئة التي لم تتوقعها تركيا، وتطبيق بداياتها ارغمها على تلقي الصدمة القوية منذ الساعات الاولى لحربها ضده في شمال كوردستان، ولم يعتقد اردوغان تغير شعبيته بشكل كامل وشامل وانفاضها الى هذا المستوى، بينما توسعت قاعدة الحزب الشعوب الديموقراطي وارتفعت شعبيته، وغير بذلك المعادلات التي لم يحسب لها تركيا وحسب لها امركيا وهي تراقب عن كثب ما يجري، وربما تعلم امريكا ان هذه الصعقات تدفع تركيا لتعيد النظر في توجهاتها بشكل ما، وهو بداية التغيير المعتقد في الخارطة العامة للمنطقة ويمكن ان نجد فيها العامل الكوردي بثقله وقوته التي لم يكن لها المثيل من قبل. وبهذا نعتقد ان امريكا لم توعد تركيا او تتعهد بكثير كما يظهر لنا لحد اليوم وما تشهده الساحة التركية والمنطقة من التغييرات على الارض يؤكد بان تركيا وقعت في الوحل اكثر من الخلاص من ما وقعت فيه من قبل .

 

عماد علي

في المثقف اليوم