آراء

مشكلة العراقيين هي تعدد السلطات الخارجية والداخلية المتنفذة في بلدهم

emad aliلا توجد في العالم دولة لها سلطات داخلية وخارجية متنفذة كما هي حال العراق اليوم، ونحن نتلمسه بوضوح على ارض الواقع بعد سقوط الدكتاتورية فيه. ان ما يثبت تعدد المصادر اكثر في هذه الايام هو عدم تنفيذ ما اقره البرلمان لخطوات الاصلاحات كاعلى سلطة رغم موافقة الجميع عليه. اي، اكتشف العراقيون بشكل اوضح ان هناك خطوط حمر لتنفيذ ما يصدر من القوانين وخطوات الاصلاح التي اقرها البرلمان في بداية الاحتاجات بالاجماع دون ان يعترض احد ولم نسمع احد ان ينبس ببنت شفة في حينه .

الخطوات التي اقرت، درست جيدا من قبل المؤثرين والمتنفذين وتم افراز ما يهم مصلحة هذا البلد او ذاك وخاصة الايران الاسلامية التي تعتبر العراق حديقة سلطتها وامتداد يدها الخلفي ووسيلة سهلة لتنفيذ اهدافها وتوجهاتها الاقليمية ، ومن خلال الموالين كان ام السلطة المباشرة والضغوطات التي لها اليد العليا في فرض ما تريد وان كانت على حساب الشعب العراقي، انها فعلت ما تريده وتخطوا بما يهمها فقط .

ومن خلال ما يجري في هذه المرحلة، اكتشف العراقيون انهم يُحكَمون من قبل سلطتين متنفذتين خارجية وداخلية، والا هل من المعقول ان يصيغ رئيس الوزراء حزمة من الاصلاحات الضرورية والصادرة من ضرورات الواقع وما يتطلبه الوضع المتردي وتفرضه مصالح الشعب وبدعم واسناد وحث المرجعية الدينية وكما راينا ويقرها البرلمان بالاجماع، واكثر الخطوات المهمة فيها لم تدخل حيز التنفيذ لعدم رضا ومواقفة طهران على العديد من الخطوات التي تعتبرها خطوطا حمراء لها، رغم اصرار رئيس الوزراء والمرجعية وموافقة البرلمان .اننا لم نتورط بسلطة داخلية فاسدة وبازلام وموالين لهذا وذاك فقط، وانما تاكدنا الان باننا تحت نير السلطتين الداخلية وا لخارجية بشكل واضح ولا يمكن امرار اية خطوة الا بالموافقة الخارجية .

ما الحل لنيل حقوق كافة فئات العراق المهضومة من قبل هذه السلطات؟ اهل انتفاضة جماهيرية تفرض نفسها، بعدما يلمس الشعب المحتج، عدم نجاح الاحتجاجات، ام البحث عن سبل لقطع الايدي الخارجية باية طريقة كانت هو الخطوة الصيحية التالية. هل يتمكن العراقيون من خوض مثل هذه المعمعات بعدما تخلص من حكم الدكتاتورية الجائرة بعد حكم دام اكثر من خمسة وثلاثين عاما ليأن اليوم تحت وطاة السلطيتن، او ربما اكثر مستقبلا. هل معاقبة المتفرد التابع الفاسد خط احمر وموقعه محفوظ ويجب ان يبقى كما هو وعلى حساب الشعب العراقي، هل خطوات التقشف والاصلاح واعادة التنظيم واعادة مستحقات الشعب اليه خط احمر، هل من المعقول ان تعارض دولة اخرى ما يناضل من اجله الشعب العراقي ومراجعه السياسية والدينية، هل ممكن اتباع السياسة الانتقائية من اجل ارضاء هذه الدولة اوتلك، وان كانت تقع على الضد من المصالح العامة للشعب ، وهل ينبغي طلب السماح والموافقة من دولة خارجية على ما يخص الداخل من اية ناحية كانت سياسية ام اقتصادية، اهل هذه دولة ذات سيادة ام دولة ذات سلطتين داخلية خارجية وليست سلطة داخلية تابعة فقط، وهل من المعقول ان ُطلب السماح من السلطة الخارجية قبل الداخلية من اجل انجاح اية خطوة اصلاحية او قانون يخض الشعب وليس حتى خطوة استراتيجية .

بعدما تاكد الجميع بان الخطوات الاصلاحية التي وافقت عليها جميع الجهات على حد سواء، لم تدخل حيز التنفيذ نتيجة اعتراض خارجي وتدخلا منهم في ادق التفاصيل وحتى على الاسماء، فيجب ان يفكروا، ويجدوا اين يكمن الحل اذا؟

انا على اعتقاد كامل بان الشعب العراقي عليه ان يفكر اكثر من مرة، بعد ان يتاكد من فشل الاحتجاجات وعدم حصوله على النتائج المنتظرة ومن كافة الجوانب في نهاية الامر، وان لا يياس مهما صعب الامر لانه دخل حبال الصراع وبنفسه فرض ما كان من المفروض ان تعمل عليه الجهات الداخلية المتنفذة منذ مدة طويلة، وعليه ان يستحضر للاسوا في المستقبل، بعد عودة مياه الفساد والتفرد والحال ذاتها الى مجاريها السابقة دون اي تغيير ملموس .

على الشعب ان يفكر في عملية تضمن له منع اي تدخل، وهي قطع الطريق منذ البداية من التدخلات الخارجية بشتى السبل، ومنها التظاهرات والاحتجاجات ورفع شعارات حول تلك القضايا كما رفعت حول انهاء واستئصال الفساد ومحاكمة الفاسدين وتوفير الخدمات الضرورية للمواطن، اي الشعارات والعمل على الخطوات السياسية المقبلة يجب ان تخص منع الجهات المانعة الخارجية المصلحية من الاستمرار في التدخلات الفضيحة في الشان الداخلي قبل اي شيء اخر، او التهيؤ للثورة العارمة التي تعيد النصاب لدولة مدنية مستقلة صاحبة السيادة قاطعة لدابر التبعية لاية دولة اخرى وباي اسم كان. الشعب العراقي اثبت انه قادر على اي فعل مطلوب منه، ولن يياس من النضال المدني الذي يفرض الاصح ويمنع المعوقات من فرض نفسها مهما كانت سطوتها وقوتها . انها التظاهرات التي اصبح من الواجب عليها وكما فرضت التغييرات نفسه، وهو منع التدخل الخارجي كما كانت تفرض الخطوات على السلطات التنفيذية وا لتشريعية والمرجعية على حد سواء من قبل، انها قوة الجماهير التي لاتضاهيها اية قوة مهما كانت مسلحة . المطلوب هو التنظيم والارادة والاصرار والتعاون وهذا ما نتوقعه من شعب توارث ايجابيات الحضارة التي يتمتع بها تاريخه والسمات التي يتمتع بها شعبه المضحي دائما .

 

عماد علي

في المثقف اليوم