آراء

على اي اساس تُدارعلاقة اقليم كوردستان مع دول الاقليم

emad aliلا يمكن ان نتوقع ان تُدار العلاقة المقتضبة بين اقليم كوردستان والدول الجوار، المسماة بالعلاقات الدبلوماسية السياسية الاقتصادية غدرا، باي منطق علمي او اساس مقنع للتوازن المراد في العلاقات الرسمية بين جهتين نديتين ولاسيما بين تركيا التي لم تكن تعترف بالقومية واللغة الكوردية حتى الامس القريب واعتبرتهم اتراكا جبليا وفق منطقها وعقليتها ونظرتها للاخر المبني على اساس مصلحي عنصري لا تمت بالعصر والانسانية باي شيء كان من جهة، وفي الوقت الذي دخل داعش في صلب المعادلة السياسية والتفاعل والمصالح بين جميع الجهات في المنطقة وبالاخص في مناطق وجوده الحصري المنتشر في سوريا والعراق وبجوار الدول العربية وتركيا، وهو يدخل في ثنايا ما تهتم به ايران من الصميم من جهة اخرى، ناهيك عن العلاقات مع ايران وافرازاتها او انعكاساتها المختلفة ايضا .

من المعلوم ان حدود الاقليم ملاصقة بايران وتركيا، وتوزعت الجغرافيا السياسية للاقليم على احزاب وضعت حجر عثر او حاجزا لمنع توحيد العلاقات الدبلوماسية الرسمية بشكل يمكن ان يطمان عليه الشعب الكوردستاني . ان الحزب الديموقراطي الكوردستاني وضع كل بيضه في سلة تركيا ومرت هذه العلاقات في محطة اختبار للوفاء بما كان يعتمد هذا الحزب عليها ويعتقد كل خير منها وهو مطمان وكانها حبيبتها المتيمة في السراء والضراء، الا ان تركيا بينت على حقيقتها وحتى دون ان يعترف الحبيب الغالي لها، وهي لم تنجح او نكثت العهد في اول محطة اختبار، عند صمتها عن اقتراب داعش من عاصمة الاقليم وكاد ان يقلب الطاولة على ما حوله لولا التدخل الطاريء من قبل ايران والتحالف الدولي بشكل عاجل . اي ان تركيا رغم ادعائاتها وتشدقها بالعلاقة التي تستفيد منها ومن جانب واحد بشكل مطلق تقريبا، وتدعي في العلن الوفاء الا انها سقطت في وحل اختبار داعش العملي والواعي والذي فصل الحقيقي من المزيف للادعاءات للجميع، ولا يمكن الوثوق بها من قبل احد مهما تحججت بحجج واهية . وفي المقابل ان الديموقراطي الكوردستاني بعدما ادخل نفسه في التمحور الاقليمي، لم يكن بمقدوره ان يسحب اي قدم من ما دخل فيه، بل اصر على مد علاقاته لمصالح حزبية ضيقة مع تركيا بالشكل والمستوى ذاته بل اكثر من قبل، ويدخل العامل الاقتصادي الاكثر الحاحا على هذا وما يعتبر اخطر خطوة على مستقبل اقليم، لانه يعتمد على تركيا في في اعتماده على شريان اقتصاده الوحيد بعدما انقطع تقريبا بشكل شبه كامل عن بغداد عدا جوانب طفيفة .لو خطت بغداد الى المقاطعة لازدادت صعوبة الحال في اقليم بسبب هذا التوجه الافقي المحصور الضيق للجهة المتسلطة على اقليم كوردستان لاعتبارات جغرافية واقتصادية وليس نتاجا لاحقيتها في الاعتلاء على السلطة بجماهيريتها كما تدعي، لو دققنا في الامر بشكل دقيق .

اما الاحزاب الاخرى التي بدورها استقطبت في محور اخر مقابل، وكل جهة بمستوى معين يختلف عن الاخر وفق مدة وتاريخ علاقاته ونطرته او فلسفته او مصلحته الحزبية الضيقة ايضا، وليست العلاقة نابعة من اصول ومنطق العلاقات الدبلوماسية الصحيحة المعتمدة في جميع انحاء العالم ايضا . اي اقليم مستهلك غيرمنتج يستورد نسبة كبيرة من احتياجاته عن طريق تركيا واكثرها من صنع ونتاج تركيا او الصين، ونسبة اصغر من ايران وعلى الاساس نفسه، اي من الريع النفطي الذي كان بالامكان ان يستفاد منه استراتيجيا، اصبح عالة ونقصا وموقع اتكاء السلطة في الاقليم وهو نقطة ضعف كبيرة بيد الاخرين لاسقاط تجربة الاقليم متى ما اتفقوا على ذلك، لكون الاقليم اصبح مستهلكا ومعتمدا على الاستيراد الخارجي بشكل مطلق دون ان يفكر اي من هؤلاء في نسبة من الاكتفاء الذاتي للاعتماد عليه في الايام السود عند مجيئها وهو المتوقع والمنتظر، لانه اصبح النافذة التي تمكٌن من خلالها الجيران من ان يخنقوا اقليم ويجهضوا تجربته لو غلبت مصالحهم واتفقوا على ذلك متى ما ارادوا او فرضت مصلحتهم على التوجه ذاك، ودون ان يقدر من يتشبث بالعلاقات الخارجية والتي حولوا الاقليم بها الى مستودع لاستهلاك ثرواته بشكل خاطيء، عندئذ لا يقدر احد ان ينبس ببنت شفة . وكما شاهدنا من قبل وما شهدته الثورة الكوردية التي كانت مصيرها بيد رجل واحد وتابع لدولة اقليمية واحدة، اي وضعت كافة البيوض كما اليوم في سلة الشاه، واليوم في سلتين ولكن في جزئين مختلفين من اقليم كرودستان، وهذا مايهدد على توزيع الاقليم الى مصيرين مختلفين، ويمكن ان يزحلقانه الى التقسيم بشكل تلقائي كلما ازدادت الخلافات والتعلق كل طرف بمصلحته وبعلاقاته الجزئية، وما يهمه دون اي التفات الى المصالح العليا لكافة ابناء الشعب في جميع مناطق اقليم كوردستان كما هو المطلوب .

من هذا وما نحن فيه ومن انعكاسات الحوادث اليومية وما يجري داخل هذه البلدان التي تتعلق فيهم مصير ومصلحة الاقليم، نرى ان العلاقات سطحية غير معتمدة على اسس خاصة بالعلاقات العصرية، اي يمكن ان نصفها بالعلاقات بين التابع والمتبوع وهذا خلل واضح يقع على حساب التابع متى ما فرضت المصلحة تغيير الاتجاه لدى المتبوع . انها علاقات غير منطقية وفق منطق العلاقات وتسير متعرجة وفق ما تامره ضرورات الايام والمصالح الضيقة فقط ولدى جهات معينة في هذه الدول والاقليم ايضا وعلى حد سواء وليس علاقة ند بين دولة واخرى كما هو المعهود. وعليه، لا يمكنني ان القى اسم لاطلقه على هذه العلاقات ونوعها ومضمونها واسسها وكيفية ادارتها ونتائجها ونتاجاتها، فليس لي الا ان اقول لله درك يا شعب اقليم كوردستان. ويمكنني ان اقول بان كل العلاقات هذه تقع على حساب الكورد نفسه في الاجزاء الاخرى من كوردستان الكبرى مهما ادعت اية جهة عكس ذلك، او مهما صرح المصلحيون بانها مبنية على المصالح الذاتية الحيوية لاقليم كوردستان ويراد بها التضحية بمصالح صغيرة للاجزاء اخرى لمصالح انية كبيرة، والصغيرة هي التي يمكن تاجيلها لوقتما تحين الفرصة المناسبة لتحقيقها، وهذا ايضا بعيد عن المنطق.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم