آراء

الشعب هو الذي انفرد به ام هو الذي انفرد بالشعب؟

emad aliنعيش في واقع متازم ويزداد يوما بعد اخر اثر اصرار الساسة في اقليم كوردستان على الدخول في المتاهات التي لا تتضرر منها الا الفقراء والمساكين واصحاب الدخل المحدود نتيجة انانيتهم وعدم اكتراثهم بمصالح الشعب ابدا، ولم يستفد من المتاهات التي ولجت فيها الاحزاب والاتجاهات جميعا الا السياسيين والاحزاب والتجار المحتكرين والحلقات الحاكمة المتنفذة المسيطرة على السلطة بما فيها السياسية والاقتصاد الذي اذابوهما في بودق واحد، عن طريق التجارة والاستئثار بالسلطة السياسية من اجل كسب المنافع على حساب الطبقة المستضعفة .

هل من المعقول ان تفكر كما وانك تعيش في بدايات القرن العشرين وتريد ان تنفذ ما نفذه ابائك واجداداك دون اي اختلاف او تغيير في الاسلوب والعقلية من كافة النواحي . هل يمكن ان ننخدع باسباب وادعاءات واهية غير منظورة في هذا الزمن لما تسير عليه في الوقت الذي يعلم حتى الطفل ما الخلل في كل موضع وموضوع .

اننا نعتقد بان الانعزال التي تفرضه السياسة المتبعة من قبل القادة والسلطة على نفسهم قد فرضت عليهم عدم معرفة ما يفكر به الشعب ومستواه ونظرته وادراكه وهو في قرن الواحد والعشرين، وهم يعتقدون بان ما يتكلمون عنه يصدقهم الشعب دون اي شك . انهم يخدعون انفسهم سواء بعلمهم او دونهم نتيجة الحال التي يعيشون فيها وكل ما يسمعون ويرون ليس الا ما ينقله اليهم المستشارون والسياسيون المصلحيون والحلقات الضيقة المتسلطة الى جانبهم ومهمتهم هو كيل المديح دون نقل الواقع اليهم كما هو، وهم فرحون وكانهم يعيشون في عهد السلاطين والاقطاعيين والملوك في زمن ما .

ادعى احد المبتهجين البشوشين الصاعدين قريبا ومنذ اشهر الى سدة السلطة بقدرة قادر او نتيجة لتملق او مساومة كبيرة على حساب ما يخص الانسان من الناحية الاخلاقية كانت ام الاجتماعية ام الاقتصادية، وهو يتكلم وكانه العالم المناظر المفكر العبقري الذي لا مثيل له وعلى اعتقاد بانه يمرر ما يدعيه على الناس جميعا . يقول بعظمة لسانه وواثقا من نفسه بان الشعب مغفل والجميع يصدقه، او انه يعلم ويفيده ما يدعيه لمصالح يخصه شخصيا، يقول؛ انه الشعب بكل فئاته ومكوناته وطبقاته وقطاعاته وشرائحه، من لازال يخول ان يبدا قائدا ابديا دون منازع لما زكاه حزبه وعائلته وتضحياتها وتاريخه واخلاصه ورمزيته وحتى قدسيته لم ينساهة بعدما تذكر ما جاء من الاساس ليعلنه وان كان قد ادركه في النهاية، هذه المواصفات والعوامل والدوافع التي ادعت الاستمرار على طلب بقائه على سدة الحكم طالما يقدر عليه ويمكن ان يورثه للمستحقين من بنيه حسبما ادعى بشكل مباشر . وانه وكانه العالم الخبير وهو يحلل ويعلل ويقول؛ جاء امثلة من التاريخ وكيف جاء بالعديد من العائلات العريقة في البلدان المتعددة التي كانت لها الدور الرئيسي في استقلال بلدانهم وتقدمها وكيف بقت مكانتهم ودورهم واهميتهم وموقعهم السياسي الاجتماعي الاقتصادي محفوظة لحد اليوم ، وهذا ما يدفع الشعب المخلص لقادته المضحين حسب قوله ان يفرضوا بقاء رمزهم على سدة الحكم . ياله من فصاحة في التعليل ومحاولات بائسة لايجاد الحجج وتضليل باسم الاخرين وبطرح امثلة وابعاد عامل الزمن والمكان من المعادلة . انهم لا يفكرون ولو لحظة واحدة في سلطة القانون والديموقراطية والانسانية والتقدمية التي يدعونها زورا دون ان يخجلوا في السر والعلن، انهم يريدون ملكيا باسم الجمهورية، يدعون نظاما برلمانيا ويريدونها رئاسية في العمل والتعامل والسلطة، انهم يدعون خدمة الشعب ولا يفكروا في ما هو عكس خدمة الشعب وهم يسيرون عليه بعلمهم واصرارهم الحزبي العائلي الشخصي .

كل هذه الادعائات التي يطلقونها كل يوم وليلة من اجل ان يعلنوا للجميع بان الشعب هو الذي انفرد بهم وعلى العكس من الحقيقة التي هي انهم هم من انفردوا بهذا الشعب المسكين وجثموا على صدوره .

هل ادعاء عكس القانون والعمل على تطبيق ما لم يتلائم مع اي قانون ساري من اجل شخص او حلقة معينة ليس ببداية التفرد والدكتاتورية والسير بعكس المتغيرات العالمية والتغييرات العصرية التي حدثت لما كان ثابتة في هذه المنطقة، وعدم الاعتبار لاي شيء .

هنا عمليا وعلى ارض الواقع سيستوضح للجميع بان هم الاصدق ام الشعب وبخطوات صريحة عملية وهو ارتفاع اصوات الشعب من اجل الاحتجاج ونفي الادعاءات التي تخرج باسمهم من قبل المصلحيين المنفردين المتوجهين نحو الدكتاتورية او بدفع منهم دون ان يدخلوا هم الحلبة طالما استخدموا الكماشة متقين حرارة الاستياء والامتعاض الذي يعيشه الشعب . انه اليوم وليس غدا الذي يمكن ان يختار الشعب من هو اهل السلطة والمناسب لتحقيق اهدافه ومصالحه وما يهم حياته وظروفه العامة وتغييرها نحو الافضل، واخراجه من المحنة التي سببتها الساسة وهؤلاء المرتزقة والتابعين المتملقين في كل حدب وصوب .

لابد ان نذكر الحقيقة هنا، ربما هناك لتلك الاقوال التي تصدر من هؤلاء بعض الحقيقة حول مرحلة ما وما كان عليه الشعب من الظروف العامة والوعي والمستوى الثقافي المعين الذي دفع الى الاهتمام والاعتبار للكاريزما والوجوه الاجتماعية، مما دفع هذا الى تفرد شخص هنا وهناك، وهذا ما دفع هؤلاء الى ان يتدخلوا في شؤون العامة لكافة الناس، ومن ثم ادى هذا الى ان يكون لهم الدور الكبير على الساحة السياسية من خلال انضمامهم الى الاحزاب واستئثارهم بالسلطات، وخاصة منذ اندلاع الثورة الكوردية في الخمسينات والستينات القرن الماضي وهي مرحلة وجود الحزب الواحد القائد، الا ان اليوم لم تعد هناك فرصة للتفرد الشخصي والحزبي مهما حاول اي منهم لذلك .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم