آراء

رأي في الترشيق الحكومي

amira-albaldawiلا اريد ان اكون متشائمة الى درجة نسف اي خطوة اصلاحية وشيطنتها وذكر مثالبها دون حسناتها ودفع الاشكاليات فيها دون ذكر مافيها من ايجابيات، كما لااريد ان اكون متفائلة اكثر من اللازم واغماض طرفي عن اي خلل او خطأ او سهو او عدم وضوح وغيرها مما يمكن ان يحدث في اي خطة او سياسة تنهض بها اي حكومة مما يتطلب من مراكز البحوث، والاكاديميين، والمختصين ان يلفتو النظر اليها، من باب الاستنارة بآرائهم والاستفادة من خبرتهم واتباع الشفافية وآليات الحكم الرشيد . وفي مجال ترشيق الوزارات بألغاء البعض منها ودمج البعض الآخر فبالرغم من أهمية الخطوة وجرأتها واعتقادنا بأنها جاءت متأخرة واننا نعتقد ان ضغط الوزارات الى (18) وزارة كحد أقصى هو مايجدر تثبيته، فأننا لاحظنا ان الترشيق قد تم على اساس الارضاء السياسي ولضمان ان يكون للكتل الثلاث الكبيرة (التحالف الوطني، تحالف القوى، التحالف الكردستاني) مايرضيهم من الوزارات وان الترشيق قد طالهم جميعا بدون فرق او تمييز ، في حين كنا نتوقع ان يكون الترشيق قد بني اصلا على اساس ابراز ملامح واضحة لسياسة الدولة العراقية مثل التهيؤ للتوجه الى اقتصاد السوق مثلا او تعزيز اللامركزية او اعادة النظر بأدارة موارد النفط والنهوض بالقطاعات الاقتصادية الاخرى . الا ان ماحصل لايدل على اتباع اي من التوجهات المقترحة التي تمس حاجات المواطن وتدل على ان القرار كان على اساس الدراسة المعمقة والمنسجمة مع المصلحة العامة وليس غيرها ، وفي سبيل أستكمال الصورة نود التنبيه الى الامور الآتية :-

1- ان خفض عدد الوزارات من 33 وزارة الى 22 بألغاء اربع وزارات ثلاث منها وزارات دولة (المرأة، المحافظات، شؤون مجلس النواب) ليس لديها حقيبة وزارية او ميزانية مستقلة ومع استمرار موظفي الوزارات في وظائفهم واستلام رواتبهم تعكس مردودا ليس ذا قيمة كبيرة الى ميزانية الدولة

2- دمج اربع وزارات هي (البيئة، العلوم والتكنلوجيا، البلديات، السياحة والآثار) بوزارات اخرى مقابلة لها يعد امرا مرهقا للوزارة التي ستستقبل عدد كبير من الموظفين ومسؤوليات اكبر في حين كان من المفروض الحاق قرار الدمج والالغاء قرارا آخر بتوضيح تفاصيل مصير موظفي الوزارات ومشاريعها واقسامها بطريقة لاتسبب اي اضرار، وفي ذات الوقت تسهل افراغ مباني ثلاث وزارات من شاغليها واجهزتها وسياراتها ببيع السيارات والاجهزة والاثاث وغيرها وارجاع اموالها الى خزينة الدولة

3- نقترح الاجراءات البديلة الآتية :- تتحول وزارة البيئة الى مديريتين (مديرية البيئة الصحية) وتدمج مع وزارة الصحة وتشمل كل ماله علاقة بوزارة الصحة، و(مديرية البيئة الزراعية والاهوار) تدمج بوزارة الموارد المائية وينقل موظفيها الى هاتين المديريتين حسب الاختصاص. تنقل الدوائر التابعة الى وزارة العلوم والتكنلوجيا الى الوزارات المقابلة ذات العلاقة مثل دائرة البحوث الزراعية الى وزارة الزراعة، دائرة البحث والتطوير الصناعي الى وزارة الصناعة، دائرة تكنلوجيا المعلومات الى وزارة التخطيط، وهكذا ويتم توزيع الموظفين حسب العائدية والاختصاص دون تكديسهم بوزارة واحدة، كما اقترح الغاء وزارة البلديات وتحويل انشطتها وموظفيها الى المحافظات حسب رغبتهم وذلك تحقيقا لقرار لامركزية الخدمات البلدية .

وتحويل وزارة السياحة والآثار الى هيئة للسياحة والآثار تتوزع في كل المحافظات لأهمية الاختصاص ولتوجيه رسالة من الحكومة بأهتمامها المستقبلي بالسياحة كمورد غير ناضب وان للمحافظات دور اساسي في تفعيل هذا القطاع، مع توزيع موظفي الوزارة على المحافظات (اي ان الهيئات الجديدة لايوظف فيها موظفين جدد وانما يعاد توزيع موظفي الوزارة الملغاة على الهيئات)

4- يلحق بأمر الالغاء اوامر تبين مصير الموظفين والبرامج الخاصة بالوزارة الملغاة على سبيل المثال وزارة حقوق الانسان الغائها يعني ارتباك في متابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية والتقرير الدوري الشامل لحقوق الانسان الذي تنهض به الوزارة خاصة وان المفوضية العليا لحقوق الانسان لم تقوى شوكتها بعد ومازالت تراوح مكانها وحتى انهم لم ينجحوا بأختيار رئيس لها لحد الان، وعليه لابد من تحديد مصير الوزارة هل ستلحق انشطتها بالمفوضية وهذا قرار صائب مع اعادة انتخاب المفوضين لأنهم اثبتوا ضعفا واضحا ومع القيادات الجديدة للمفوضية ورفدها بالقدرات التي بنيت من الوزارة سينتج بديلا ناجحا

5- اما وزارات الدولة فلابد من اصدار أوامر تبين مصير برامج تلك الوزارات وموظفيها، على سبيل المثال فأن وزارة الدولة لشؤون المحافظات يتم تمثيلها بالهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات المشار اليها في قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 المادة -45 . في حين لم يتم الاشارة الى اي آلية بديلة سيؤول امر وزارة المرأة، فبالرغم من البرامج التي توقفت بأنتظار الاجراءات وبالرغم من صدور الامر الديواني بأستمرار العمل بلجنتي استراتيجية النهوض بالمرأة واستراتيجية المرأة الريفية الا انه لم يتم توضيح ماذا بشأن تنفيذ الخطة الوطنية للقرار 1325، واستراتيجية مناهضة العنف ضد المرأة، وغيرها من آليات التنسيق السابقة .

6- ان ماكان يجدر العمل به هو استحداث وزارة الطاقة تدمج فيها وزارات (النفط، الكهرباء، مديرية الطاقة البديلة في وزارة العلوم والتكنلوجيا) للتخلص من مشاكل الكهرباء واعادة هيكلة القطاع النفطي يتزامن العمل على تشريع القوانين ذات العلاقة، واستحداث وزارة الاقتصاد بدمج وزارتي (التجارة والصناعة) وتحويل برنامج البطاقة التموينية الى المحافظات والتفكير الجدي بحل مشكلة شركات التمويل الذاتي . ان هاتين الوزارتين سترسل رسالة واضحة بأن الزمن القادم لن تكون الاولوية فيه للنفط وان الدولة ستتخلى عن هيمنتها على السوق .

ان التأخر في اتخاذ هذه الاجراءات التوضيحية والمطمئنة والمنطلقة من رؤية واضحة مع مراعاة عدم ارهاق موازنة الدولة بموظفين جدد او تشكيلات جديدة، سيعود برسائل سلبية الى المواطن المتظاهر والمواطن الموظف في احد الوزارات التي شملت بالترشيق والمنظمات الدولية وخاصة الاممية التي تساعد العراق في تنفيذ البرامج وتراقب اجراءاته اثناء الازمات ومابعدها .

 

د.عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم