آراء

سَلِيْمُ الجُبُوريّ في دَائِرَةِ الاتِّهَامّْ

mohamadjawad sonbaفي الاسبوع الأخير من شهر آب 2015 ، نشرتُ مقالاً مكوّن من حلقتين بعنوان (سليم الجبوري مواقف وشبهات). كان المقال بمثابة استشراف لما يُخططُ ويسعى اليه سليم الجبوري، بناء على معطيات الواقع. وقدّ ضَمَّنتُ الحلقة الثانية من ذلك المقال، بجملة من النقاط التي تمثل مثابات دلالة، ترسم للجبوري معالم الطريق، التي إِنّْ سلكها سيدخل قلوب كل العراقيين، المحبين للعراق وشعبه، وبذلك فاني قدّ أَديَّتُ مسؤوليتي الشرعيّة والاخلاقيّة.

لمّْ تمضِ إِلاّ أَيام قليلة على نشر المقال المذكور اعلاه، حتى سمعنا وشاهدنا في يوم 3 أَيلول 2015، أَنَّ سليمَ الجبوري قدّْ زار دويلة قطر، تلبية لدعوة من حكومتها. تلك الحكومة التي ينظر اليها أَغلب العراقيين، نظرة الريّبة والشكّ، بناءً على مواقف دويّلة قطر، الداعمة لاعمال الارهاب في العراق.

و زيارة الجبوري للدوحة، تزامنت مع انعقاد مؤتمر الدوحة، الأمر الذي أَثار الكثير من الاستفهامات والشكوك، حول هذا التطابق في التوقيتات. وجدير بالذكر فقد حضر مؤتمر الدوحة، عدد من الاشخاص الفارين من العراق، والمطلوبين للقضاء العراقي، لوجود دلائل تتهمهم، بتنفيذ عمليات ارهابية ضد ابناء الشعب العراقي، وآخرين غيرهم متهمين بتسليم محافظة الموصل والانبار الى عصابات داعش.

هذا الموقف المريب من سليم الجبوري، أثار الكثير من التساؤلات عند الاوساط الواعية، من ابناء العراق. وهذا الموضوع المقلق، أَدّى الى ردّة فعل عند بعض اعضاء مجلس النواب العراقي، فقاموا بجمع تواقيع عدد غير قليل من زملائهم النواب، في خطوة لسحب الثقة من سليم الجبوري. يبدو أَنَّ الموقف العام كان صادماً للجبوري، وقدّ فاجأ سليم الجبوري بشكل كبير، حتى انه جعله عاجزاً، من الظهور أَمام الاعلام، لتبرير تلك الزيارة المشبوهة، إِلاّ بعد مرور عدّة أَيام عليها.

ظهر الجبوري في يوم 8 أيلول 2015 ، يتحدث في مؤتمر صحيفيّ، اسغرق زهاء (16 دقيقة)، اجاب في الدقائق الأربعة الأخيرة من المؤتمر، على ثلاثة اسئلة لعدد من الصحفيين، أمّا باقي وقت المؤتمر، فقد استهلكه الجبوري، في تقديم الحجج، التي تبرر زيارته لدويلة قطر، وعدم لقائه بأَيّة شخصية من خارج العملية السياسية. اضافة لتركيزه الشديد، على موضوع دعم المصالحة الوطنية، ودعم العملية السياسية، ودعم الدستور، واحترام سيادة العراق .

لقد حاول الجبوري في بداية خطابه، قلب الطاولة على خصومه، عن طريق استثمار قضية الاصلاحات. تلك القضية التي أخذت بعداً معنوياً عميقاً عند العراقيين، لكونها دعوة نادت بها مرجعية السيّد السيستاني. وقد أَكدت مرجعية السيد السيستاني قبل اسبوعين، على سرعة تنفيذ الاصلاحات، وطالبت الحكومة بعدم التلكؤ في تنفيذها. من هذا المفصل الحساس، أَكّد الجبوري أمام الصحفيين، أن عملية الاصلاح بطيئة، وقد يفكر البرلمان باعادة النظر، في التفويض الذي اعطاه مجلس النواب لرئيس الوزراء.

هذه المناورة القويّة التي قام بها الجبوري، ربما كان لها أثراً مزلزلاً يهزّ السلطة التنفيذية، لو أَنَّه نادى بها، قبل ان يزور مشيخة قطر، لكن بعد تلك الزيارة، ضاعت تلك المناورة هباءً منثوراً، ولم يحدث لها أَيُّ صىدى اطلاقاً، بالرغم من سخونة مشاعر الشارع العراقي. والأمر الآخر الذي لم يكن في حسبان الجبوري، أَنَّ عدداً من النواب قاموا في جلسة البرلمان ليوم 8 أيلول 2015، بجمع تواقيع 143 نائباً، يدعون الى اقالة الجبوري من منصبة، لكن هذه العملية تقوضت، لامتناع اعضاء كتلتي التيار الصدري والمجلس الاعلى من اعطاء تواقيع التأييد لهذه الحملة.

ومن حيث تقييم المواقف، فإِنَّ الجبوري، قدّ وضع نفسه في موقف الانسان المتناقض، من خلال دفاعه عن سياسة مشيخة قطر. فقد بيّن الجبوري أَنَّ الجانب القطري، أكد بأَنَّه لن يحاور أي طرف لا يؤمن بالعملية السياسية، ولا يحترم الدستور في العراق. في حين مشيخة قطر، دعت لحضور مؤتمر الدوحة، عدد من الاشخاص المتورطين في جرائم ارهابية امثال المجرمين، طارق الهاشمي، وعدنان الدليمي، وعبد الناصر الجنابي، وعدد غير قليل من القيادات البعثية المشبوهة.

أقول للسيد الجبوري:

أَيُّ حرمة للعراق تراعيها مشيخة قطر ؟.

و ما هو الدعم الذي قدمته مشيخة قطر، للعملية السياسية في العراق؟.

و ما هي حدود ومواصفات المصالحة الوطنية، التي تسعى مشيخة قطر لتحقيقها في العراق؟. وما هي مصلحتها في ذلك؟.

و ليعلم الجميع ان مشروع المصالحة الوطنية، ماهو إِلا (مسمار جحا)، سيظل مصدراً لانتاج المشاكل في العراق دون نهاية. كما ان مشروع المصالحة، استهلك اكثر من ثلاثين مليار دولار، من أموال الشعب العراقي خلال عشر سنوات، دون الوصول الى نتائج ملموسة من هذا المشروع الخيالي.

و أَوَّدُ أَنّْ أُخبر السيد الجبوري، بأَنَّ محنة العراق حالياً ومستقبلاً، يتحمّلها أمام الله تعالى والتاريخ طرفان، هما:

1. السُنَّةُ المتطرفين والفاسدين، الذين باعوا ضمائرهم وشرفهم، للمشروع الخليجي بقيادة السعوديّة وإدارة أمريكا.

2. الشيعة الفاسدين، الذين اشتركوا في العملية السياسية، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

ان دول الخليج التي تقودها السعودية، سائرة سيراً حثيثاً، في تطبيق برنامج الادارة الامريكية، الهادف الى اضعاف العراق، وكلّ دول المنطقة لصالح بقاء المصالح الامريكية الاستعمارية في البلدان العربيّة، وضمان تفوّق قوّة الكيان الصهيوني في المنطقة. والله تعالى حسب الظالمين.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه

كاتِبٌ وَ بَاحِثٌ عِرَاقي

 

في المثقف اليوم