آراء

الاحتجاجات تكشف معادن المثقفين العراقيين

emad aliكما يقول المثل؛ الصديق في وقت الضيق، هذا على الصعيد الخاص والعلاقات الضيقة اما ما يخص الشان العام، فان الازمة وكيفية عرض الحلول والطريقة لنجاجها، والمشاركة في المسالة اي الازمة والحل بشكل مباشر او بشكل ما حسب الامكانية وما يستوجب الاشتراك وخاصة من قبل المثقفين، وهي اي المشاركة التي تكشف معادن من يفترض وتقتضي الضرورة ان يشارك في بيان الحقيقة والحلول ايضا، هي التي تفرض ما يمكن ان يتجلى من خلاله معدن من يفترض ان يشارك فيها من خلال بيان موقفه، بيان المعدن عند الموقف من الازمة .

لقد استوضحت الاحتجاجات العراقية ما اداه المثقفون من الادوار المباشرة في تصحيح المسار لحياة الشعب العراقي السياسي والاقتصادي والثقافي ايضا نسبيا، وهي بعيدة عن مستوى الطموح بشكل كبير جدا، ولم نلمس ما يمكن ان نبينه من المشاركات المنتظرة والعمل حتى غير المباشر، اي باساليب وطرق وتوجهات ثقافية داعمة لعملية الاحتجاجات وازاحة العوائق امامها، ودعم المحتجين ورفع معنوياتهم ودفعهم للحصول على النتائج المرجوة بنسبة مقنعة، نتيجة الياس الذي وقعوا فيه خلال السنين الماضية . ولكن يمكن ان نشير الى اعداد قليلة منهم ادوا ادوارا فوق طاقتهم، وهذا لا يكفي لان؛ ان تجمعت نسبة كبيرة منهم لكانت مهمتهم اسهل مما عليه الان، وكان بالامكان ابعاد الاندساس وعملية الشراء واستغلال الطروف الخاصة لفرد هنا وهناك، اي، العمل الجماعي والاعتماد على الكميات التي لم يكن بالامكان التاثير عليها والاندساس فيها والتاثير علي مواقفها، وبها يمكن ازاحة او تجاوز الضغوطات من قبل الجهات المختلفة، كما يحدث اليوم من التخبط والمحاولات لحرف العملية وترويج الدعايات المغرضة من قبل المتضررين، وبالاخص الاحزاب الاسلامية وفرق الموت المدفوعين والمدعومين من قوى داخلية وخارجية مغرضة . هنا في العراق، ومثلما نعلم ان المثقف سياسي مهما ادعى انه ليس بشرط ان يكون سياسيا، لان السياسة هي التي اقحمت نفسها في بيوت الناس ومن ثم عقولهم، واصبحت هي ثقافاتهم قبل ان يختصوا بثقافاتهم واختصاصاتهم، المفروض ان يكون السياسي مثقفا، ولكنه لحد الان لم نجد هذا بشكل عام، بعدما انحرفت السياسة عن معنى الحقيقي للمفهوم، وازدادت الحال فوضى وتخبطا بعد السقوط نتيجة تسلم الاسلام السياسي سلم الحكم والسلطة العراقية بشكل عام . لكننا هنا يمكن ان نفرز المثقفين من الاختصاصات الفنية والادبية المجردة ايضا والذي لا يمكن ان نعزلهم عن السياسة فكرا وفلسفة ونظرة الى الحياة من منظور السياسة وتداعياتها وابعادها، الا اننا يمكن ان ندعي بعدهم عن التحزب والانتماء الحزبي السياسي، انا عتبي على الفنانين من الرسامين والنحاتين والمطربين والممثلين والتشكيليين والادباء والروائيين والاعلاميين بشكل عام، لانني لم اسمع او ارى منهم عملا قويا يؤثر على مسار العملية الاحتجاجية التي تجعله واقية مصانة لا يمكن خرقها، ولم ار منهم حاجزا معنويا لحمايتها من المندسين والمغرضين كما شاهدت في الدول الاخرى كالمصر وتونس في زمن الربيع العربي واثناء تصحيح المسارات التي انحرفت . وان كانت الاسباب سياسية ايضا، لان من بقى منهم في العراق انتمى او مال الى جهة لمصلحة ما او اُستغل من قبل هذا الحزب او ذاك لسبب موضوعي او ذاتي ما، او من انعزل او انعكف ويعيش لذاته دون ان يهمه الشان العام لتاثره بالفوضى العارمة التي حدثت منذ عقود او بعد السقوط بشكل خاص .

اما عتبي الاخر على الاكاديميين بشكل خاص لانهم توزعوا ايضا على الاحزاب بفعلهم وموقفهم ولم نر تجمعات مؤثرة منهم تشارك بفعالية في الاحتجاجات التي هي لصالحهم قل اي احد اخر، وعدم اداء ادوارهم جاء نتيجة التزامهم بالمصالح ادارية اوالمالية الضيقة، ولم نر ما يبرزهم في هذه العملية اما لعدم ايمانهم بما يجري او تفضيلهم للمراقبة من بعيد، وهذا امر سلبي لا يمكن ان يغتفرون عليه والتاريخ يذكره لهم . اما الاعداد القليلة منهم، فلهم التقدير والتحية وان كان دورهم النوعي اثٌر بشكل كبير على العملية بنسبة مقنعة لحد ما .

لم تنته الاحتاجات بعد، ولم تحقق الا نسبة معينة من اهدافها، لذا ان العراق اليوم بحاجة ماسة لاستمراريتها، وهذه تحتاج لشدة العزم والحزم والارادة القوية، واليوم نجابة مفصل وحيدا وهو امام الاستمرارية الاحتجات لحين تلمس النتيجة او الفشل، فهنا يبرز دور من تحتاج اليه الاحتجاجات، وان بقى لحد اليوم من يمكن ان يؤدي دوره المفروض ادائه، فاليوم يمكن ان يثبت ما يؤمن به ومن خلال اشتراكه في دفع العملية ودعمه بكل الطرق، من اجل افشال من يحاول قطع الطريق امامها كي يدخل العراق لمدة طويلة اخرى في نفق الياس والمتاهات السياسية، فاليوم اصبحت استمرارية الاحتجات على المحك والنخبة هي التي عليها ان تدفعها الى الامام، لان المشاركة النوعية في الوقت المناسب هو المطلوب الذي يمكنه ان تزيد الزخم، وعلى المثقفين ان يدركوا ويقيَموا الوضع الاني والمطلوب وان يقرروا . دور المثقف وحدود عمله ليس منغلقا، وانهم في مقدمة من يجب ان يخدموا الانسان في الوقت المناسب، والتاريخ مليء بهم .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم