آراء

كيف تنظر ايران الى العراق؟

emad aliمن الناحية السياسية وبحكم التغيير الذي حصل وسيطرة الشيعة التي تتشدق ايران باهميتها واصالتها واصحيتها دينيا باعتبارها المذهب الاسلامي المعتبر، فانها تعتبر العراق درعا مصونا لها وحديقة خلفية لتحقيق اهدافها الاستراتيجية، ولم تتصور ان تقدم امريكا العراق اليها على طبق من ذهب، بعد خروجها دون ماء وجه من العراق وتسليمه للبلد لمن اعتبرته من محور الشر حتى الامس القريب. اي، لو دققنا وتمعنا في سياسة امريكا تجاه العراق بعدما فشلت في تحقيق مجموعة من الاهداف السياسية الاستراتيجية التي اسقطت النظام العراقي من اجلها ولم تحقق ولو نسبة ضئيلة منها فاننا نتيقن من سياسات ايرامن ونظرتها الى العراق من كافة النواحي. ان امريكا اضطرت ان تغير من استراتيجيتها في العراق بعدما احست باستحالة تنفيذ ما ارادته، وغيرت من وجهتها وبدات تسليم العراق الى ايران او القدر، ومن ثم بدات خطوة توازن القوى التي بداتها امريكا من خلال المفاوضات مع ايران والرضوخ لامر الواقع التي فرضته ايران عليها وارغمت على التعامل مع الموجود في ايران والعراق، بما اهتمت به من الصراع الناعم بدلا من الوجود العسكري الضخم وفرض المفيد لها.

ايران فكرت كثيرا وايقنت بان سقوط الدكتاتورية في العراق هدية لها، لذا لم تعارض بل ساعدت قوى التحالف سريا، لانها لم تكن على علاقة ما مع ايران، بل كانت لحد تلك الساعة تعتبرامريكا الشيطان الاكبر، رغم التواصل السري بينهما بين الحين والاخر. او حتى ايران كانت تدرك ان مهمة امريكا بما موجود عليه العراق من التعقيد الاثني والعرقي، فانها لا يمكن ان تسيطر وتنفذ ما تدعيه من بسط الحرية والديموقراطية وليكون العراق بوابة او نافذة لنشر الديموقراطية التي تعهدت مع نفسها ان تنشره وفق ما تؤمن بها وهي شكلية اكثر من ما تفيد به الانسان الشرقي،و ايران تحضرت لاعاقة امريكا في العراق بعد سقوط الدكتاتورية للوصول الى التفرد في السيطرة على العراق كما شاهدنا خلال الحكم المالكي ولحد اليوم، اي كل ما عملت امريكا من تطبيق واستيراد الديموقراطية وتنفيذها طبق الاصل في منطقة غير ملائمة او هي ليست بارضية تتمكن من تحقيق المراد، وبوجود عوائق داخلية وخارجية معا، فان النتجية غير مضمونة وما حدث هو سيطرة قوى تدعي الديموقراطية علنا ولم تنفذها حتى داخل كتلها واحزابها، وهي ترفضها فكرا وتطبيقا في الداخل العراقي ومن هو ضد الديموقراطية العلمانية وهي تعلنها جهارا ولكنها تنفذ الشورى الاسلامي الشيعي باسم الديموقراطية خداعا للعصر ومتطلباته .

كانت ايران على دراية وعلم بدقائق الامور، وهي كانت موجودة كيانا وعقلية وفكرا في المنطقة وهي اكثر معرفة بشؤون المنطقة واكثر علما بمضامين الامور وليس قشورها، لذا كانت ترجح نجاحها هي في نهاية الامر، وحققت اهدافها من فرض الصعوبات على امريكا من تحقيق مهامها من اجل ان تفرغ الساحة لها وكما حدثت وهي الان الحاكم الاوحد الامر الناهي في العراق، رغم ادعاءات البعض بان العراق حر صاحب السيادة .

لا يمكن ان يخطو اي مسؤل متنفذ سواء حزبيا او في السلطة العراقية خطوة دون ان ترضى عنها ايران او تعرف بها وتدلي برايها، وهي اما ترفض او تقبل من منظور مصالحها فقط دون اي اهتمام بالمصلحة الحزبية والعراقية لهؤلاء، وكل ما يقال عن غير ذلك من الادعاءات المذهبية ليست بقشة لم تلتفت لها ولم تشكل ولو حجر عثرة بسيطة امام مصالح ايران الاستراتيجية التي تزيح كل ما تقف امامها من اية ناحية سواء كانت سياسية او دينية مذهبية او اجتماعية اوانسانية بشكل عام .

نظرة ايران الى العراق كما هو نابع من سياسة ايران الحقيقية، وهي اتخاذ المذهب حجة لتحقيق المصالح القومية وهكذا تتخذ المذهب عذرا في العراق لتحقيق اهداف ايرانية صرفة لا صلة لها بالعراق ومستقبله واجياله ولا صلة لها باحقية المذهب واصالتها كما تدعي . كل ما تقوم بها ايران هو سيطرتها وبقاء قوتها في المنطقة بشكل تكون كفة الصراع مع المحور الاخر لصالحها مهما صرفت من الجهود والاموال والتي ربما تكون لغير صالح الشعب الايراني الاني، لانهم في وضع ماساوي اقتصاديا منذ مدة طويلة.

لو ا ختصرنا ما نتكلم عنه في جملة، فاننا انقول ان العراق بالنسبة لايران هي الة مناسبة وخاصة لتحقيق استراتيجيتها وفي صراعها العالمي من جهة وفي المنطقة من جهة اخرى، ومن اجل محاربة من يعادونها من دول المنطقة والعالم من المحور والمذهب الاخر من جهة ثالثة. وعليه تتعامل وفق تلك الدوافع في كل خطوة تكتيكية واستراتيجية تتعامل مع العراق بها . انها سياسة الحفاظ على المصالح القومية الفارسية قبل الدينية المذهبية رغم التشدق بعكس ذلك لاسباب وعوامل موضوعية تجعل المذهب لخدمة العرق وتقف بها على الضد من الاخر، وهو السلاح الفعال في هذه الانواع من الصراعات التي تخص منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي بشكل عام . وفي المقابل هناك المحور الاخر الذي يريد ان يتعامل مع العراق على الهوى ذاتها وبعكس النذهب، الا ان هناك ما تعترضه من القوة المهيمنة على السلطة التي تميل الى ايران اكثر من السيادة الذاتية والاستقلالية في العمل .

 

عماد علي

في المثقف اليوم