آراء

اقليم كوردستان وحلف روسيا

emad aliمن المعلوم ان هناك جهود دبلوماسية حثيثة من قبل روسيا لمشاركة اقليم كوردستان في حلفها الجديد لمحاربة داعش سواء في سوريا او في العراق وما تسربت من الاخبار يمكن ان تضع اقليم في خانة الاختيار الصعب، بينما روسيا تعهدت بمساعدات كبيرة لقوات البيشمركة عدا التقارب السياسي الدبلوماسي والتعاون المشترك ويمكن ما نقرا من مواقفتها على اتخاذ اي موقف سياسي مقارب لما ترضاه ايران والمعروف لدى الجميع، هذا في الوقت الذي يشترك اقليم كوردستان في التحالف الدولي لمحاربة داعش الذي اسسته امريكا من قبل .

ما الذي يجب ان يعمله الاقليم في هذا الجانب وكيف يمكن ان يساير الحالة وما الموقف الصحيح في هذا الامر. .بداية يجب ان يتاكد الاقليم قبل اي شيء وباية طريقة كانت ان التحالف الروسي المنبثق حديثا جاء بضوء اخضر من امريكا سرا ام هوفرض للامر الواقع من قبل روسيا وحلفائها على الجميع، واتخاذ الموقف على ضوئه، وحينئذ يمكن توضيح الامر ومن المتوقع ان لا ترضى امريكا وحلفائها على دخول اقليم كوردستان في هذا الحلف الجديد القديم وما تبينه امريكا ودول الغرب على العموم من المواقف تجاه ما اقدمت عليه روسيا وغيرت الكثير من المعادلات بقفزتها المباشرة ودخولها المفاجيء بشكل عملي قوي في محاربة داعش وانبثاق حلف مع ايران والحكومة العراقية المركزية مع سوريا اضافة الى حزب الله كتنظيم موالي لايران . ولهذا يمكن ان تكون مشاركة اقليم كوردستان في الحلف بشكل مباشر صعب عليه وخاصة من المحور التركي المعارض للحلف الذي يرتبط به جزء من الحكومة الكوردستانية المتسلطة على كوردستان . اما المحور الاخر المرتبط بايران في اقليم كرودستان فيمكن ان يلاقي ضغوطا للمشاركة ولكن سلطتها اقل ولا يمكن ان يشارك لوحده دون السلطة الرئيسية في اقليم كوردستان . وعليه، يمكن لاقليم كوردستان ان يتحرك من اطار الحلف الذي دخل فيه دون اي اعتراض على الحلف الجديد وان امكن مساعدته سرا في تحقيق اهدافه لتخفيف وطاة داعش عن حدوده وتعرضه للاضرار الجسيمة بين فينة واخرى .

اذا، الوضع الداخلي لاقليم كوردستان في ازمة متعددة الجوانب سياسية اقتصادية كبيرة، وهو يعاني من توفير وتقديم ابسط الخدمات للمواطنين، في واقع استشرى فيه الفساد حتى النخاع وفي ظل الحكومة العائلية المنبثقة من الاحزاب الكلاسيكية المشاركة من اجل مصالح ضيقة . ومن جانب اخر هناك موقفين متضادين امريكا وهيمنتها ودورها في الظروف التي يمر بها اقليم كوردستان وعدم اكتراثه بالاهداف الحقيقية لشعبه من جهة ويرى الاقليم وضعه المتازم وهو محصور في زاوية ضيقة من جهة اخرى، ودور ايران في حماية اقليم كوردستان عندما اقترب داعش من حدوده قبل اية دولة اخرى من جهة ثالثة . فلايران الفضل عليه وما يفرضه هذا الموقف من المنة والمتطلبات وما يمكن ان يتخذه من الموقف في الحلف الجديد ان عرضته ايران عليه . لذلك ان موقف اقليم كوردستان في هذا المضمار لا يُحسد عليه، ويحتاج اي قرار او توجه لتحليل وتفكير دقيق ولخطوات ومتطلبات ما قبل اي قرار يعتبر مصيري وبداية جديدة لاتخاذ موقف صارم للانضمام الى حلف يمكن ان يتحول الى عالمي، عدا ما يتخذ من الخطوات على صعيد المنطقة التي تقع كوردستان في قلبها .

برايي المتواضع، اعتقد ان تمكن اقليم كوردستان ان لا يحدد موقفه من الحلفين بشكل واضح وصريح لخير له ولمستقبله وان يتخذ موقفا محايدا لحين توضيح كل الامور، او يجب ان يتخذ المحورين الظاهرين في اقليم وهما المحور التركي والمحور الايراني موقفين متضادين او ان ينضما عمليا الى الحلفين وليوزعا الادوار وتبادل المواقع ومن ثم تداول السلطة في اقليم وفق ما يتمكن كل حلف من السيطرة على الموقف في المنطقة ودوره فيها . وهذا يحتاج الى عقول سياسية مبدعة لا يمكن ان نتصورها في قيادة كما هي الحال في اقليك كوردستان الان، وعندئذ يمكن ان نوقل اننا نحتاج الى غرف عمليات وتعاون مشترك والاعتماد على الاستراتيجيات التي يفتقد اقليم كرودستان اليها منذ عقدين من حكمه واستقلاله شبه التام . والا ان اتخاذ اي موقف عفوي غير دقيق سيؤدي الى كارثة في مستقبل اقليم كوردستان، ويمكن عند الخطا وعدم مجاراة الحال التي تؤدي اليه المنطقة ان تُهدر كل الجهود التي بُذلت والتضحيات التي قدمها الشعب الكوردستاني المغدور والدماء التي سالت في طريق التحرير .

وعليه، يجب التاني والتعاون والتفكير في بيان الموقف في هذا المضمار، ولكن ما نراه هذه الايام هو افتعال ازمة بعد اخرى وبالاخص انشغالهم بمنصب رئيس الاقليم واصرار البرزاني وحزبه على البقاء دون اي وجه سياسي وقانوني حق ضاربا عرض الحائط كل القيم الديموقراطية والقوانين السائدة . وكان من الاجدر بهم ان يجتمعوا ويتعاونوا ويتفقوا على استراتيجية بيان موقفهم من التغييرات الجذرية في المنطقة وتاثيراتها على اقليم كوردستان، وما يمكن ان يؤدي اي موقف الى ما يؤل اليه الوضع في المنطقة باحتمالين لا ثالث لهما واما الاسود ام الابيض، وان يتفقوا على الادوار الصعبة التي من الواجب اتخاذها كل منهم وان يستفيدوا من فرقتهم لبيان مواقف مختلفة وحتى متعارضة من اجل مستقبل الاقليم واهدافه . ولكن ما نراه انهم مشغولون بالمصالح الشخصية الحزبية الضيقة التي ستنهار عند بوابة الموقف الخطا الذي يمكن ان تتخذه السلطة العائلية المتشبثة بالكرسي اليوم ازاء ما يجري من الهيجان في المنطقة، وما ينبثق من التحالفات الجديدة ومستقبل كل منها وما لهم من تاثير مباشر على مستقبل الاقليم واهدافه الاسترايتجية الكبرى . هل نشهد خطوات عقلانية ام الازمات الداخلية عمت عيون السلطة والاحزاب جميعا ولم تر ما تجري من فوران الحال في المنطقة والتغييرات المفاجئة الكبيرة التي تكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل القضية الكوردية بشكل عام .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم