آراء

العراق وإدارة صراع التحالفات

watheq aljabiriتعيش الدول العظمى صراعات معلنة وخفية، ومخططات ومشاريع؛ لنفوذ سياسي وعسكري وبالنتجية مردود إقتصادي.

ثنائي القطبية، الحرب الباردة، النظام العالمي الجديد، الشرق الأوسط الجديد، المَحاور، ومسميات تتلو آخرى لصراعات عالمية.

بعد نتائج الحرب العالمية الثانية، وثنائية قطبي العالم الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، والنتيجة تقسيم الأول بعد حرب باردة إستمرت لعام 1991، وتفردت أمريكا وأعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب؛ بداية النظام العالمي الجديد، وقيام تحالف دولي بقيادة أمريكية.

رفض الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الإنضمام الى التحالف الدولي بداية تشكيله، وإعتقد النظام الصدامي أنه كسب بعض القوى العظمى، أو أن فرنسا ستكون ندا للتحالف الدولي، فأجاب الرئيس الفرنسي لأحد الصحفين: (نحن لسنا مهادنيين، ولنا مصالح ومستعمرات في أفريقيا)، وقُبال الأحادية ظهرت أقطاب تحاول العودة الى الواجهة العالمية، وكسر القطبية الأحادية، وقوى إقتصادية كتقارب اليابان وألمانيا، وقوة الصين الإقتصادية.

ظهر سياسة تنافس المحاور واضحة للعيان، وأغدق الخليج نفطه للبقاء في المحور الأمريكي، مقابل محور ايراني روسي، وممانعة دول معتدلة، مع إنتشار الإرهاب وقوى مقاومة له، ودول داعمة فكرياً ومادياً، وآخرى ضحية، ودول لا تأمن على شعوبها من الجرائم؛ بعد إنخراط شباب يجولون العالم كقنابل موقوته، وأرضيات خصبة لنمو الفكر المتطرف بتغذية فكرية وإعلامية دولية؟!

إتبعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد 2003م؛ سياسة تفتيت المفتت، وتقسيم المقسم، وتجزئة المجزئ؛ لرسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، وخلفت نزاعات طائفية ومنطقة إستنزاف، ومحالفة حليف ودعم نقيض؛ لمسك زمام المبادرة وإخضاع الشعوب لواقع يفرض قبول أطروحة " الفوضى الخلاقة"، وإضعاف المنطقة لفتح قواعد إستراتيجية وأسواق سلاح؛ في آسيا ذات التقارب الروسي، ومحاولة كسر التقارب الثنائي الإقتصادي؛ الصيني الروسي، الذي يمنع إنهيار المنطقة تحت السيطرة الأمريكية.

تعيش المنطقة تحديات الإرهاب، وغياب الرؤية الأمريكية الخليجية الواضحة، وفشل في القضاء على داعش وجبهة النصرة، مع تذبذب المواقف العربية على أسس طائفية، وما تزال الأموال والإنتحاريين تنهال على العراق وسوريا، فيما تجد بعض الدول فصل النصرة عن القاعدة؛ مناسباً لدعمها علنياً، وتدرك روسيا خطورة المجاميع الإرهابية، وقد انخرط آلاف الشيشانيين ضمن قيادات داعش، وتحالف روسيا ايران سوريا العراق؛ ما هو إلا رسالة للتحالف الأمريكي؛ بعدم جديته في القضاء على الإرهاب.

إن الحكومة العراقية وجدت نفسها في دوامة تحديات، وأخذ التحالف الذي تقوده أمريكا يعطي توقيتات بعيدة الأمد، ويشكك بقدرات الجيش العراق؛ ملوحاً بالتدخل البري وفرض شروط على العراق؛ ربما في بعضها سوف يؤدي الى التقسيم، أو إنهيار العراق اقتصادياً؛ مع إستمرار الضغط لخفض أسعار النفط.

نجاح الروس في ضم جزيرة القرم والأزمة الاوكرانية، ومنظومة الدفع الصاروخي الأوربي، أشتعل رماد حرب باردة، وأذاب الجليد تحت أقدام الدب الروسي.

سابقاً قيل اوباما حسين، واليوم يُقال بوتن ابو علي، ومَنْ كان يُعارض اوباما بالأمس، يؤيده ويعارض بوتن اليوم، ومَنْ لا يثق بأوباما صار يتغنى ببوتن، وينسى تضحيات، أبطال يواجهون الموت بصدور عارية؛ من قوى أمن عراقية وحشد شعبي، ويعتقد انه الأحرص على أرض العراق، متناسين أن كل الدول والتحالف؛غير مهادنة، وما هو سوى صراع عالمي على الموارد الإقتصادية، وما على العراق سوى مهادنة جميع الأطراف، وتشكيل تحالفات جدية للإستقرار، ولا مجال لمزيد من الخسائر، أو تحويل أرضه الى ساحة نزاعات عالمية معلنة.

 

واثق الجابري

في المثقف اليوم