آراء

أضاءات (2): الثقافه المقاومه للفساد المالي والأداري

ayad alzouhiriمن الأخطاء المساهمه في ظهور الفساد، هو الركون والأطمئنان من قبل المسؤولين الحكومين   الى ما هو قائم، وهو أن الأمور غير مقلقه وكل شئ على ما يرام وليس هناك ما يستحق المتابعه والتدقيق في مجريات الأمور. هذا الركون الى الدعه من قبل المسؤولين عن شؤون التفتيش والمتابعه يشجع الكثير من المتربصين والأنتهازيين وأصحاب النفوس المريضه بأن تمتد أيديهم بالمساس بالمال العام، وهذا يؤكد مقولة (المال السايب يشجع على السرقه) وهذا أحد أهم أسباب الهدر المالي في دوائر الدوله، بسبب أنعدام الرقابه الماليه.

هناك دراسه قامت بها جامعة (لينيه) بالتعاون مع مجلس الوقايه من الجريمه في السويد بأن هناك ستة أسباب أو ما يسموها مناطق خطره ينمو فيها الفساد المالي والأداري، وهذه المناطق هي :-

1- المشتريات : هناك قسم خاص في دوائر الدوله مختصه بشراء ما تحتاجه هذه الدوائر أو الشركات، وعادتآ ما يكون هناك شخص أو لجنة مشتريات يقوم بهذه المهمه لصالح الدائره أو الشركه، وغالبآ ما يتعرض هذا الموظف الى ضغوط في أكثر من وسيله ومن أبرزها ما يقدم من مغريات ماليه له لتمرير مثلآ صفقه فاسده لصالح طرف معين سواء هذا الطرف جزء من الدائره أو الشركه أو من قبل الجهه المزوده للسلع او الخدمات لصالح هذه الدائره أو الشركه، وأن ما نسمع به وما نشاهده من عقود فاسده في كل الوزارات هو مصداق واضح لما نقول، والأمثله والشواهد كثيره لا تعد ولا تحصى كالعقود الفاسده في وزارة الدفاع والداخليه، وكل الوزارات الأخرى بلا أستثناء، وهذا معروف للقاصي والداني، بحيث أحتل العراق مراكز متقدمه في هذا المجال.

2- المساعدات التي تقدمها الدوله للمواطنين المستحقين لها كوزارة الشؤون الأجتماعيه ووزارة المهجرين وغيرها من الدوائر المختصه بتقديم الدعم والمساعده للمواطنين. فقد لعب الكثير من موظفي الدوله التابعين لهذه الدوائر دورآ متعاظمآ وكبيرآ في عمليات نهب كبرى وتكاد تكون هي الأكبر في تاريخ الفساد المالي عبر التاريخ.

3- الأموال الداخله للدوله: وهو ما يستحصله الموظف من المواطنين من الرسوم والضرائب والأجور الخاصه بالخدمات التي تقدمها الدوله للمواطنين كالماء والكهرباء والمرور و....حيث هناك مافيات خطره منتشره في كل دوائر الدوله بلا أستثناء الا مار حم ربي.

4- عدم أجراء المراقبه الصحيحه وتطبيق المعايير الفنيه والقانونيه في التفتيش الحكومي، والتي تتمثل بحاله التساهل والتغاضي بسبب المجامله والأهمال، مما يشجع الموظف الحكومي بالتجاوز على المال العام، وكما يقال (من أمن العقاب أساء الأدب).

5- أغراء بعض الموظفين بأعطاء معلومات حساسه وأستراتيجيه لجهات خارجيه، على سبيل المثال معلومات أمنيه وأقتصاديه مقابل أموال .

6- الدوائر والمؤسسات التي تصدر منها الرخص والشهادات للأفراد والشركات بشكل غير قانوني مقابل فائده ماديه يجنيها الموظف.

ولأجل التقليل من هذه الظواهر الشاذه والمنحرفه يكون من الضروري على الدوله واجب العمل الوقائي وتقويته للتقليل منها، وهذا ما ينبغي الأهتمام به من قبل الحكومه ومعالجته فنيآ وقانونيآ لسد الطريق أمام من يحترفون هذا العمل.

من الأمور الفنيه والمساهمه في الحد من الفساد في دوائر الدوله هو توفير قاعده قيميه (ضوابط عمل) تلقي الضوء على خارطة عمل الموظف وتوضيح ما له وما عليه في مجال عمله لكي يكون على وضوح تام فيما يوكل له من عمل، وكذلك توضيح الحدود التي يحاسب عليها الموظف عند تجاوزها من قبل دوائر الرقابه والمتابعه المختصه في متابعة سير العمل في الدوائر والشركات الحكوميه. كل النشاط الحكومي يبنى أو يقوم على قاعده قيميه مشتركه يتعرف عليها الموظف بل ويتدرب عليها قبل البدأ بالعمل وتكون هذه المبادئ موثقه وفي متناول يد كل موظف، وتعتبر له كدستور عمل .

هذه القاعده القيميه تستند على ستة مبادئ قانونيه:-

*الشفافيه

*الشرعيه

*الموضوعيه

*حرية الرأي

*ترسيخ قيم التساوي والكرامه

*الكفاءه والمهنيه

*الخدمه

القاعده القيميه للدوله تنبني على الدستور وبالتالي على القانون والموافق عليها من البرلمان. هذه القاعده القيميه تضع قيمة المهنيه هو الأساس لكل موظف في الدوله، وهذه القاعده هي ما تمثل مجازآ الحبل الشوكي للعمود الفقري للجهاز الحكومي.

هذه القاعده القيميه تحتوي على المعايير التي تمنع كل أشكال السلوكيات الفاسده للموظف، كذلك لما للوعي لهذه القاعده من قبل الموظف أهمبه كبيره والتب سوف تساهم في خلق ثقافة عمل تساهم في مقاومة الفساد المالي والأداري. أن قاعده قيميه راسخه وفعاله وعمليه، تكون بمثابة تطعيم ضد كل حالة عدم نظام في السلوك الحكومي.

 

أياد الزهيري

في المثقف اليوم