آراء

عملية الحويجة .. رسائل جس نبض

nabil ahmadalamirالعملية الامريكية الاخيرة في الحويجة لاتُعبّر عن ستراتيجية جديدة لواشنطن في محاربة داعش، ولاتعدو كونها اكثر من عملية استعراضية لاطلاق رسائل لهذا وذاك ..

الأولى .. رسالة اعلامية لسحب الاضواء من الانتصارات الروسية التي تحققت على داعش عبر الضربات الجوية والصاروخية المركزة التي أحرجت الامريكان، وأظهرت زيف قوتهم الجوية والاستخباراتية .

والثانية .. رسالة الى الجمهور العراقي المشكك في جدية الحلف الامريكي ضد داعش والمُندفع للتحالف مع الروس، حيث يقولون فيها .. اننا نمتلك جهدا استخباراتيا على الارض يشكل خرقا للتنظيم الارهابي لايمتلكه الحلف الرباعي الذي تراهنون عليه .

والثالثة .. رسالة الى الحكومة العراقية، يقولون فيها اننا نُنَسِّق مع حلفائنا الكُرد، ونستطيع ان نعمل معهم على الارض بمعزل عن بغداد التي لم تعلم شيء عن هذه العملية .

إن هذه حركة واشنطن الاستعراضية هذه تَتَطلَّب رداً ذكيا من بغداد يؤكّد لها اننا نمتلك خيارات أخرى مثلما تمتلكون أنتم .. وأننا لسنا بيضة القبّان كما يعتقد البعض، بل نحن القبّان نفسه .

سيتحدد مستقبل المنطقة بتحالف العراق مع أي طرف . . فإن دخل العراق مع الروس والايرانيين والصينيين، سيكسر احتكار الامريكان للمياه الدافئة في الخليج ، وسيكون جزءاً من حلف اقتصادي عسكري يوفر للعراق حماية لاجوائه ومياهه، ويوفر له دعماً لاعادة أعمار كل البنى التحتية التي لم تنجح امريكا في اعادة بنائها .

وأذا أنظم العراق الى حلفاء الغرب وأمريكا في المنطقة من دول الخليج والاردن وتركيا ومصر، ستنجح خطة الغرب (أمريكا تحديداً) في حرب الطاقة، وسيُمرر انبوب الغاز من اسيا الوسطى باتجاه أوروبا، وسيُضرب الاقتصاد الروسي ويُحَجَّم حضور موسكو في منطقة المتوسط وعلى المدى القريب على أقل التقديرات .

لذلك على جميع القادة العراقيين أصحاب القرار أن يعرفوا حجم العراق على الخارطة الاقليمية والدولية .. فبثرواتنا الطبيعية وأمكانياتنا البشرية وموقعنا الستراتيجيبي وقوتنا العقائدية الضاربة المتمثلة بالجيش والحشد المُقدس ومرجعيتنا الرشيدة التي تُمثل الخيمة الكبيرة للعراقيين الذي يتجمع تحتها كل الجهد العقائدي والسياسي والعسكري .. فكل ذلك يؤهلنا بأن نكون من اللاعبين الكبار في هذه المرحلة، وفي هذه المنطقة والعالم، خصوصاً بعد فهم معاني تصريحات ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر الذي قال .. إن كل مايجري في منطقة الشرق الأوسط هو تحضيرات للحرب العالمية الثالثة والتي سيكون الروس والصينيين طرف فيها ضد أمريكا .

لذلك نرى أن كل مايحتاج العراق الآن، هو قيادة تبتعد عن المكاسب الحزبية والفؤية، وطبقة سياسية شجاعة تؤمن بامكانات شعبها، ولاعبيين سياسيين كبار يستطيعوا أن يوظّفوا كل تناقضات المنطقة لصالح هذا الوطن . إن العراق كبير ولايمكن ان يكون تابعاً أو لاعباً ثانويا في المنطقة، ولقد جربنا ذلك وضقنا مرارته طوال السنوات الماضية عندما تطاول الصغار علينا ..

فهل يفهم قادتنا خطورة مايُخَطَطْ لاجيالنا في هذه المرحلة !!! .

والله من وراء القصد .

 

د. نبيل أحمد الأمير

 

في المثقف اليوم