آراء

يحكمون اليوم بعقلية الامس

emad aliانهم يثحاسبون اليوم بعقلية الامس كما يقيٌمون الامس بعقلية اليوم ويلتزمون بالامس دون ان يتعقلوا بما موجود اليوم ومستوجباته. بعد التغييرات الفاترة او المقتضبة التي حصلت في شؤن البلد العراق ومن ضمنه اقليم كوردستان، نرى وجه التشابه بينهما في السلطة من حيث طبيعة الحكم، الاسلام السياسي في العراق يحكم باسم الدين والعائلة تحكم في كوردستان باسم القومية، والاثنان لم يحسبوا الا لمصالح عائلية او باسم القومية والدين والمذهب وبحزبية ضيقة لا تمت بالمصالح العليا للشعب باي شيء يُذكر. ان دققنا جيدا في مجريات الحكم وما يدور على حقيقته، اننا نرى ونتيقن بادلة واضحة للعيان ان ما يفعله الجانبان من اجل تحقيق اهداف ليست لها صلة بمستقبل البلد من قريب او بعيد، انهما يعملان ضمن المحورين اللذين يفرضان عليهما ما يسيران عليه.

اوصل الاسلام السياسي العراق بتلك العقلية المبتذلة الى الحضيض وما الفساد والفقر والتخلف الا من ثمار حكمهم طوال العقد والنيف من حكمهم الذي سلموا به البلد بكل سهولة الى حال لم يجد احد فيها الا المصير المجهول سياسيا اقتصاديا ثقافيا. اما العائلة الحاكمة باسم الديموقراطية في اقليم كوردستان والتي يسندها المتربصون بالعراق وكوردستان من دول الجوار طوال هذه المدة، فانها لم تجلب الا الخيبة والخذلان لاهل كوردستان من النواحي كافة ايضا. انهم سلفيون بمعنى الكلمة، اي يعيشون في القرون والعقود السابقة عقلا وفكرا وفلسفة، وتورط بهم الشعب العراقي بكافة فئاته ومكوناته المختلفة.

نعيش في قرن يجب ان نكون فوق كل ما يمكن ان نسميه الافكار التي انتهت صلاحياتها في حينه ولا تصح لما نحن فيه، ولكن القوى المتزمتة الملتزمة بالماضي وبادواته، لهم السطوة والسيطرة باسماء وادعاءات عاطفية يضللون بها الشعب المعلوم عن وعيه وثقافته العليا بشكل عام. اذا،ً يستغل هؤلاء المتسلطون الشعب العراقي وهم يعيشون في حال يمكن ان يُستغلوا بسهولة لكونهم خرجوا توا من تحت ايدي اعتى ظالم ودكتاتور وتشبثوا بقشة من اجل انقاذهم، ووقعوا في الفخ طوال هذه المدة مابعد الظالم ايضا .

ويسال المراقب عن الحل او كيفية الخروج من الوحل . انه عملية صعبة المنال حقا ولكنها ممكنة، لاسباب عديدة؛ صعبة لانها تعمقت المشاكل والخلافات بحيث وصلت الى حد لا يمكن اندمال الجرح بسهولة ودخلنا من نواحي عديدة في متاهات لا نهاية لها . وممكنة الحل لاننا كشعب نحمل سمات مميزة وصفات يمكن الاعتماد عليها في ازاحة العوائق والسدود، عند ازاحة المعرقلات من السلطة المتخلفة التي لا تناسب العصر. اذا يمكن الانتقال الى الضفة الاخرى بمجرد ثورة عارمة وازاحة السلطة الحالية بشكل كامل، وان كانت الفوضى تسيطر في مدة معينة الا انها تكون خلاقة، ولا يمكن ان يعيد هؤلاء الكرة مرة اخرى، بوجود العزيمة الموجودة لدى الشعب الذي نعرف عنه الكثير في كوردستان والعراق ايضا . هناك في المركز لم تسمع الا انين العلمانية التي جثمت على صدرها ما انبثق من قبل العقليات المعلومة عن كونها لا تمت بصلة بالعصر ومستجداته ومتطلباته وبعيد عن العلمانية بعدا شاسعا . وفي اقليم كوردستان لم نرى الا عائلة حاكمة بشكل مطلق وباسم المشاركة الجماعية ولم يشاركها الا المتورطون والمستفيدون من ملذات السلطة العائلية سواء الحلقات الحزبية او الشخصيات او جماعات باسم الاحزاب او باسم الدين او حتى العلمانية مضللة الشعب لكونه ليس له صلة بالعلمانية والحكم الديموقراطي بشيء .

هناك في العراق احزاب الاسلام السياسي المهيمن، وهنا في الاقليم الاحزاب العائلية باسم القومية والقومية منهم براء، لكونهم يضحون بكل ما له صلة بالقومية من اجل مصلحة شخصية او عائلية او حزبية. انهم متورطون في اقليم ولهم على هذه الحال اكثر من عقدين ومروا بحرب داخلية مميتة واضروا بالاهداف الاستراتيجية كثيرا، اما الموجودون في المركز فلهم اكثر من عقد لم يفعلوا الا اعادة العراق الى العهود الغابرة من كافة النواحي. اليس من المعقول ان يُدفعوا الى سلة النفايات باية طريقة كانت لانهم يحكمون بعقلية الماضي. وهنا استثنيت الكلام عن ما فرضته مصالح الاخرين من دول الاقليم والعالمية لاننا مسؤلون عن مصيرنا وكان لابد ان نقف سدا منيعا امام اي مصلحة للاخرين تكون على حساب مصالحنا، لان الصراع المحتدم تتطلب ذلك، اي تتطلب المحافظة على الذات ومنع الاعتداء عليك بمنع فرض مصالح الاخر على مصلحة شعبك ولم نفعل نحن ذلك .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم