آراء

استراليا حكومة تيرنبول وتعديل النظام الضريبي

abas alimoradبعكس حكومة طوني ابوت التي اخفقت في فتح النقاش حول تعديل النظام الضريبي خصوصا، في ما يتعلق بضريبة السلع والخدمات (جي اس تي)، فتحت حكومة مالكوم تيرنبول الباب على مصراعيه لادخال تعديلات على نظام الضريبة المعمول به حالياً، ففي كلمة لرئيس الوزراء مالكوم تيرنبول الاسبوع الماضي امام المؤتمر الاقتصادي الاجتماعي الذي عقد في ملبورن قال ان اي تغيير في النظام الضريبي يجب ان يكون عادلاً، مضيفاً ان التغيير يجب ان يؤمن الايرادات التي نحتاجها، ونتقاسم العبء بعدالة بين المواطنين بطريقة تحفز قطاع التوظيف والاستثمار والابتكار، وحسب رايه فان العدالة ضرورية حتى تحصل على تأييد الرأى العام والا فان مصيرها الفشل بكل بساطة.

وفي كلمته امام نفس المؤتمر راى وزير الخزينة الفيدرالي سكوت موريسن ان الهدف من النقاش حول ضريبة السلع والخدمات هو الوصول الى نظام ضريبي افضل ولا يشكل عبئاً اكبر.

إذن، كل شيء مطروح للنقاش وعلى طاولة البحث كما قال الوزير موريسن من زيادة ال (جي اس تي) الى تخفيض الضرائب الشخصية للعمال، الى تخفيض الضريبة على الشركات، بالأضافة الى تأمين رزمة مساعدات لإصحاب الدخل المتوسط والمنخفض.

الجدير ذكره، ان الوزير موريسن الذي يطالب بزيادة الضريبة هو نفسه كان قد قال قبل اسابيع قليلة خلت "ليست لدينا مشكلة ايرادات، ولكن لدينا مشكلة في الانفاق"!.

لم تتأخر ردود الفعل على تصريحات رئيس الوزراء، فحزب العمال الذي يعارض اي زيادة على أل(جي اس تي) قال على لسان مساعد وزير الخزينة في حكومة الظل اندرو لي: الاستراليون يعرفون ما هو تعريف مالكوم تيرنبول "للعدل" اوليس هو من ايد ومن دون تحفظ كل ما جاء في ميزانية الاحرار عام 2014 (صحيفة سدني مورننغ هيرالد 6/11/2015 ص 1) وحسب نفس المصدر فقد انتقد الاقتصادي المعروف روس كارنوت الدعوة لخفض الضريبة للشركات، لكن رئيسة مجلس الاعمال الاسترالي كاترين ليفنكستون قالت ان تخفيض ضريبة الدخل الشخصي مهم وضروري ولكن لا شيء يحفز الاقتصاد أكثر من تخفيض الضرائب للشركات.

إذن، بما ان ضريبة السلع والخدمات او الضريبة "الكسولة " كما اسماها كريس بوين وزير الخزينة في حكومة الظل تأتي في اولويات التغييرات المقترحة فما هي السيناريوهات المقترحة والمتداولة والايرادات المتوقعة .

اولاً، المعروف ان (جي اس تي) الحالية هي 10% على كافة الخدمات مع اعفاءات للخضار والفواكه الطازجة والخدمات الصحية والتعليمية.

السيناريو الاول: ابقاء الضريبة 10% مع توسيعها ووقف العمل بالاعفاءات لتشمل كل السلع والخدمات.

الثاني: زيادة الضريبة الى15% مع الابقاء الاعفاءات المعمول بها حالياً.

الثالث: زيادة الضريبة الى 15% ووقف العمل بالاعفاءات لتشمل كل الخدمات واعفاء الخضار والفواكه والمواد الغذائية الطازجة.

الرابع: زيادة الضريبة الى 12.5% مع الاعفاءات او بدونها.

اما عن المداخيل التي يؤمنها كل سيناريو او نموذج فحسب شركة المحاسبة (كي بي ام جي)

فإن النموذج الاول يؤمن للخزينة حوالي 12.1 مليار دولار في العام، اما النموذج الثاني فيؤمن مبلغ 26 مليار دولار اما الثالث فيؤمن 36.8 مليار دولار سنوياً.

وحسب مصدر آخر فان الزيادة الى 12.5% تخل للخزينة مبلغ 14مليار دولار مع الابقاء على السلع والخدمات المعفاة حسب النظام الحالي (ذي صن هيرالد 8/11/2015 ص 13)

هذا من الناحية المالية، ولكن ماذا عن الجوانب السياسية والاجتماعية، سياسيا وكما اسلفنا المعارضة العمالية تعارض وبشدة اي تغيير في ضريبة السلع والخدمات واعتبر زعيم المعارضة بيل شورتن زيادة او توسيع ال( جي اس تي) ليست اصلاحاً ضريبي.

من جهتها مؤسسات الخدمات الاجتماعية حذرت من زيادة الضريبة، فقد راى المجلس الوطني للدراسات الاجتماعية والاقتصادية ان الزيادة ستؤثر بشكل كبير على اصحاب الدخل المنخفض والمتوسط.

من جهته السينتور عن ولاية كوينزلند إيان ماكدونلد من الحزب الوطني الشريك في حكومة الائتلاف عارض رفع ضريبة السلع والخدمات الى 15%.

من جهته الناطق باسم حزب الخضر لشؤون الخزينة آدم بندت علق على ما اظهرته دراسة مكتب الخزينة البرلماني قائلاً من العدل اعادة العمل بالضريبة على الكربون بدل رفع ال (جي اس تي) بالاضافة الى ان الضريبة على الكربون قد تخفض نسبة التلوث وكان مكتب الخزينة البرلماني قد خلص الى نتيجة ان توسيع ضريبة السلع والخدمات والابقاء على سعرها الحالي 10% قد يكلف الموطن اسبوعيا 48 دولار او 23 دولار في حال رفع الضريبة الى 12.5% مع الابقاء على الاعفاءات الحالية بينما ضريبة الكربون بسعر 28 دولار للطن فتكلف المواطن 10.15 دولار في الاسبوع وتؤمن لخزينة الحكومة نفس المبلغ اي 14مليار دولار سنوياً (ذي صن هيرالد 8/11/2015ص 13).

إذن كيف ستكون المعركة السياسية حول التغييرات في النظام الضريبي؟

بعض استراتيجيو حزب الاحرار يرون ان المجازفة الكبرى تأتي بفوائد كبيرة ويرون ان الحكومة تعيش شهر العسل وتتقدم في استطلاعات الرأي ولديها من الرصيد السياسي ما يكفي لتستثمره في اسرع وقت قبل ان تبدأ حملة حزب العمال تأتي ثمارها.

من جهتهم استراتيجيو حزب العمال يراهنون على الانشقاق في صفوف الائتلاف ويعتقدون ان تيرنبول وموريسن بدأوا يفقدون دفة التحكم بالنقاش الدائر حول ضريبة السلع والخدمات.

وأخيراً، من جهتنا نسال السؤال المهم اذا كانت الحكومة جادة في وضع نظام ضريبي عادل وتوزيع الاعباء على الموطنين حسب مقدرتهم، فهل ستعالج الحكومة قضايا ضريبية مهمة مثل الاعفاءات المعطاة للمستثمرين في القطاع العقاري او ما يعرف ب(نيكاتيف كيرينك) او الغاء التخفيضات على ارباح رأس المال او تصيحيح الاعفاء الضريبي على معاش الادخار التقاعدي لاصاب الدخل المرتفع حتى يستطيع المواطن تأمين سكن بعيداً عن منافسة اصحاب رؤوس الاموال؟!

ونختم، بالتساؤل ايضاً هل سيكون هناك تغيير جذري بين حكومة ابوت وحكومة تيرنبول التي تتميز عن الاولى اقله بالخطاب الجذاب حتى تاريخه؟ لان الحكومة الحالية لا تزال تتبنى معظم سياسات حكومة ابوت. وهنا اريد ان انقل رأي احد القراء الذي علق في صحيفة ذي سدني مورننغ هيرالد ان الفارق بين الحكومتين هو ضحكة مالكوم تيرنبول!

اننا بانتظار ما ستؤول اليه الامور والنقاش الدائر حالياً، لنرى ما هي النماذج المقترحة والنتائج التي ترافقها، وان كانت ستنتج تغييرات جدية، وكما يقال من يعش يرى.

 

عباس علي مراد

سدني

في المثقف اليوم