آراء

بؤس الطبقة السياسية التونسية ما بعد الثورة

alarabi benhamadiلقد انكشف أمركم للعام والخاص وظهر بالمكشوف أنكم عاجزون ولا برامج جدية تملكون، تقولون ما لا تفعلون وفي- البلاتوهات- التي هاجرها الناس هائمون، بسببكم اخَتلّطت الأوراق فاستوي الفاسد مع الصالح و لم نعد نفهم من ضد من ولا من يقتل من.

اصبحت تونس الصغيرة في عهدكم وفي وقت وجيز خزانا كبيرا للأسرار والغموض وطمس الحقائق رغم تعاقب الحكومات وتعدد الالوان. ضربة البداية كان الهروب المتبادل بين زين العابدين بنعلي راس النظام وحشد المتظاهرين المحاصرين للداخلية، ثم رواية قائد الجيوش حول الاولياء الصالحين الحارسين للدار، وتتالي الاغتيالات الواحدة اغرب من اختها، وانفجار الارهاب الذي لا وجه له لكن له انياب والذي لا راعي له لكن عروقه داخل الدار ووراء الابواب.

كلكم تتعاملون في السر والعلن مع من أسميتموهم بالأزلام بعد ان استمددتم شرعيتكم من نفيهم ومعاداتهم . والواقع انه لا خيار لكم لانكم لم تحاولوا اما عن عجز واما عن قصد بناء انسان جديد و فضلتم التصرف في الاصل التجاري الموروث عن النظام السابق.

لقد سئم الشعب مهاتراتكم ومسلسلاتكم واصبح في معظمه يعتقد جازما ان الارهاب هو منكم واليكم وان البلاد سائرة نحو المجهول إن لم يكن نحو الهاوية.

ان حاكم البلاد الفعلي للبلد هو المافيا السياسية والمالية في شراكة موضوعية مع الاجهزة الامنية الغير مستقلة عن الاستعلامات الاجنبية. لماذا لا تخجلون وبالصمت تلوذون؟

لقد اتت بكم الديمقراطية فهذا معلوم ونحن بمنهجها متمسكون، آلا تشعرون انه بسلوككم وعنف مليشياتكم لقبرها تحفرون؟

لقد اصبح الكثيرون يحنون الى الماضي بما فيه من مساوي لانكم لا تختلفون عنه في حبكم للسلطة والمال والجاه، فمن اية مدرسة نفاق واحتيال تخرجتم؟

نحن نعلم ان الكثير منكم هم اسوا ما ترك نظام بن علي، ما جعل وزيرا اولا سابقا في عهد –الترويكا- يصرح ان < نكبتنا في نخبتنا> بعد ان عاين تكالب وتهافت سياسيي ما بعد الثورة الحصول على حقائب وزارية وذلك خلال محاولاته الفاشلة اعادة تشكيل حكومة بعد ان استقالت حكومته السابقة على اثر زلزال اغتيال الشهيد والمناضل السياسي شكري بالعيد.

انكم تتحملون الجزء الاكبر في مصير من عبرروا فغرقوا ومن ذهبوا (للجهاد) ليستشهدوا او يرتزقوا ومن عادوا لافيون كرة القدم بعد ان يئسوا وانتكسوا. لم تغرسوا في قلوب الشباب المهمش املا و لا في نفوسهم فرحا ولا رسمتم لهم دربا، فتفردت بهم الضباع واصابهم الضياع.

لقد عمت عقلية <حوت ياكل حوت وقليل الجهد يموت>، فخفت قفة الفقير وانعدمت الثقة بين الناس وتغلبت المصالح الخاصة على الشان العام، وهكذا اصبح شعار هيبة الدولة مثل النفخ في الرماد وخدمة الصالح الهام نكتة يتندر بها الاصحاب.

كنا نعاني من باس الدكتاتورية واليوم نعاني من بؤس الديمقراطية : انت تقول ما تريد وانا افعل ما اريد. فالرشوة والتعذيب والفساد ليست في نقصان بل بعضها في ازدياد. الرشوة انفجرت كالقنبلة الانشطارية بعد ان كانت تحت السيطرة البنعلية.

خلاصة المقال ان الطبقة السياسية في تونس هي مُوَلّد للجدل العقيم والاستهتار لا للقيم والافكار وتعتقد جهلا انها سيدة الدار، لكن المسيرة ستتواصل رغم ظلمة الطريق ومنعرجات المسار.

 

العربي بنحمادي

في المثقف اليوم