آراء

حيدر العبادي اللعنة التي فرضتها الولايات المتحدة على العراقيين!

لقد كتبنا في مقالات سابقة حاولنا فيها ان نبين وجهة نظرنا من أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى جاهدة في البحث عن حزب قوي او "رجل" قوي للاعتماد عليه بعد خروجها من العراق لادارة مصالحها والابقاء على نفوذها. فالادارة الامريكية لم تستطع ان تتصالح مع القائد نوري المالكي مثلا، لتجعل منه رجلها في العراق لعدد من الاسباب. من بينها ان المالكي كان أكثر ذكاءا وفهما بالسياسة الامريكية من ان يربط مصيره بالولايات المتحدة فهو يدرك الطبيعة والبناء السايكولوجي للعراقيين في علاقتهم مع الادارات الامريكية، وخصوصا ان الاخيرة لا تبالي بالتخلي عن رجالها في اي مكان من العالم بعد استنفاذها لقدراتهم والتي يجد فيها "رجل" امريكا ذاك نفسه وقد تخلت عنه، وشاه ايران وحسني مبارك وصدام حسين نماذجا على ذلك. من جانب اخر، ان القائد نوري المالكي، كانسان وطني تقف خلفه الجماهير ويتمتع بالصلابة الوطنية والنزاهة وينظر الى ان وجوده في العراق، كجندي حر، خير له من ان يكون زعيما متهما بالعمالة (حاشاه) وهو يدرك ماذا سيؤول عليه مصيره أجلا او عاجلا. فضلا، ان المالكي يميل لايران، العدو اللدود "للاستكبار العالمي" حسب وصف ايران .

والولايات المتحده، حاولت كثيرا ولا تزال الاعتماد على بقايا حزب البعث وما تزال "تناضل" من أجل عودته الى السلطة. ذلك ان حزب البعث كان دائما ولا يزال لا تهمه قضية الوطن والوطنية، كما وان الدجل في شعاراته في امته العربية الواحدة ورسالتها الخالدة، لا يزال يجعل من ذلك هدفا له على المستوى العملي،من خلال فهمه أن هذه الرسالة "الخالدة"، انما هي هدف "البعث" للقضاء على جميع الاحزاب والحركات السياسية العربية واختزالها من اجل بقائه "البعث" في هيمنة مطلقة على المجتمع بالحديد والنار. فالشعارات الذليلة والفكر الدموي هو طريق البعث الوحيد للسلطة، وهذا وكما يبدوا ما تريده الولايات المتحدة من عودته . وإلا ما السبب الذي يجعلها تطيح بصدام ونظامه، ثم تحاول اعادة النظام تدريجيا ثانية للسلطة لكي يمارس العنف واذلال المجتمع، في حين، ان الاربعين من السنين الرهيبة الماضية التي مرت على العراقيين، سوف لن تشفع للبعثيين العودة، حتى لو قدر أن يكون رئيسا لهذا الحزب المجرم من يدعي أنه من أولياء الله تعالى .

فالولايات المتحدة تحاول ومنذ خروجها من العراق ان تجد لنفسها موقفا "وفيا" مع البعث، قد "يكفر" عنها ما عملته مع البعثيين أنفسهم، وفي نفس الوقت فهي تسدي اليهم "خدمات جليلة" . فالولايات المتحدة لا تكره البعثيين، ولكنها كرهت صدام لانه قد تجاوزها ووقف ضدها (اعلاميا على الاقل)، فضلا ان دوره في المنطقة قد انتهى من اجل مصالحها. فدموية البعثيين يمثل للولايات المتحدة، الخط المفضل من اجل حفاظها على مصالحها والابقاء على تأثيراتها في العراق عن طريق وجودهم الرسمي فيه.

ولكن، المشكلة الواضحة والتي تجاهر بها الولايات المتحدة اليوم، انها تسعى في مواقفها العلنية من اجل تقسيم العراق وجاعلة من عودة البعث والاعتماد عليه في المستقبل استرايجيتها القديمة – الجديدة. كما وانها ماضية في ذلك المسعى ودائبة على محاولات اقلاق العلاقة العراقية الايرانية وخلق المشاكل بينهما والضغط على الحكومات العراقية من اجل تنفيذ ذلك.

فمن بين أسوأ ما تقوم به الولايات المتحدة الان، وهم ما لم يكن متوقعا أبدا من دولة عظمى كالولايات المتحدة ان يقوم "الكونغرس" بدعوات يقدمها لمجرمين عراقيين هاربين ومطلوبين الى القضاء أمثال الارهابي علي حاتم سليمان ومضر شوكت، لزيارة الولايات المتحدة؟؟؟!!! فما الذي يا ترى يمكن أن يشرف "البرلمان الامريكي" عندما يدعوا فيه حثالات مجرمة كهذه، سوى غايات واهداف لسكب مزيدا من الوقود على النار العراقية؟!

فقد أكد النائب عن ائتلاف «دولة القانون» محمد الشمري، الذي قام بالتعليق على هذا الموضوع، قائلا: ان («الدعوات التي قدمها الكونغرس الاميركي لمطلوبين في قضايا ارهاب بحجة التباحث معهم في أمور تخص الشأن الداخلي، تتعارض مع المعايير الدبلوماسية الدولية، كما تعتبر تدخلا سافرا في شؤون السيادة الوطنية».

وأكد الشمري في تصريح لـ {الصباح} أمس، ان «مثل هذه الدعوات.. لشخصيات لاتحمل اي صفة حكومية او رسمية، امر يثير الريبة والشك»، مؤكدا ان «في هذه الدعوات مخططات تكاد تدبر لاستهداف العراق لاسيما ان الشخصين المدعوين مطلوبان للسلطة القضائية، بتهم تتعلق بدعم الارهاب وتوفير غطاء للعصابات التكفيرية والمتمردين المحليين لتنفيذ اجرامهم داخل البلاد».

ودعا السلطتين التنفيذية والتشريعية، لاتخاذ اجراءات حازمة وتبني مواقف صارمة ضد مثل هكذا اعمال غير مسؤولة تصدر عن المؤسسات الاميركية، وتؤثر في بناء العلاقات بين البلدين»، واشار في هذا الصدد «على الحكومة ان تتخذ قرارا فاعلا تجاه هذه الدعوات المشبوهة التي تدخل في باب المخططات التآمرية التي تستهدف العراق وسيادته»).

من جانبه أكد النائب عبد العظيم عجمان، ان («هذه الدعوات واضح الهدف منها، وهو المساعي المحمومة لاقرار اقامة الاقليم السني في المنطقة الغربية، وهو من ضمن المخططات الاميركية المراد تنفيذها بالقوة في العراق، حيث يسعى الجانب الاميركي لبناء ثلاثة اقاليم على اسس مذهبية وعرقية»، موضحا ان «دعوات الزيارة هذه تمنح لمن يوافق على تلك المخططات المشبوهة، ويتوافق مع العم سام في بناء هذه الاقاليم المثيرة للجدل حتى قبل تشكيلها») ...انتهى..

وعندما نحاول تأشير مثل هذه الامور وفق مساعيها السلبية الواضحة، فاننا لا نفتري على أحد حينما نذكر أن الولايات المتحدة، وجدت اخيرا في حيدر العبادي، ضالتها المنشودة، ليس لانه يمتاز "بالقوة والثبات على المبدأ" أبدا، ولكنه يمتاز و(لا فخر) بالنهم وشناعة حبه لنفسه وللكرسي. كما وان عدم انتمائه للبعث، يبعد عنه الشبهات من انه مستمر بطاعة وفروض الادارة الامريكية لنصرة البعث، بينما ادارة الرئيس اوباما ماضية في تبنيها لاصلاحاته الشكلية والتي ربما تسر هذه الادارة بقاء العراق يسوده الفساد والارهاب. فادارة الرئيس اوباما تدرك جيدا، ان حيدر العبادي لا يبالي من اللوذ بالصمت حينما يتم التجاوز على السيادة العراقية، ولا التردد من ابداء الطاعة المطلق لاوامرها، حتى لو كان ذلك ما يجعل من وجوده مصدر لاساءات لا تغفر. وسيأتي اليوم الذي سيطلع العراقيون على العلاقات "السرية" بين هذا الرجل وبين "الادارات الامريكية"، ولكن بعد فوات الاوان. فالولايات المتحدة لا تختار ولا تثق بأحد هباءا، كما وان مؤسساتها الخاصة بهذا النوع من الاختيارات، تخصص له دراسات معمقة، وتقصي شامل لحياة وسمات وغرائز وماضي الشخصية التي تريد لها ان تكون موضع خدمتها وخدمة مصالحها.

ورجل كحيدر العبادي، ليس بالرجل البليد أبدا، على الرغم من انه يبدوا وكأنه تنقصه المهنية والخبرات السياسية . فقد أبدى العبادي على سبيل المثال "تسرعا" في الكشف عن نواياه حينما حاول التفرد بقراراته في مجال الاصلاحات لكي "يستعلم" مقدار ردة الفعل لدى الجميع. ولكنه حينما واجه الضجة حول تفرده ولا مبالاته حتى بتوصيات المرجعية الدينية العليا، وتجاوزه على الدستور بالغائه مناصب نواب رئاسة الجمهورية، تراجع . حتى انه لم يتوانى ان صرح عن "وعيه" في ذلك التجاوز، كما ولا يزال غير مبالي أيضا بعدم التزامه بتعليمات المرجعية العليا.

الدكتور حيدر العبادي يسيئ للعراق والعراقيين في عدم وقوفه بجدية ضد فساد الكتل السياسية والفساد الحكومي. وما الاصلاحات التي يقوم بها وكما يعتقد، فهي ليست سوى مهزلة لم تزد الكتل السياسية سوى امعانا في الاستمرار في الفساد.

أن ما يهمنا استخلاصه من هذا المقال، هو ان ادارة الرئيس اوباما تخطئ كثيرا في سياساتها تجاه العراق. فهي وان نجدها ماضية في محاولات تقسيم العراق واقامة الاقاليم، ودعوة الارهابيين والمجرمين "للتباحث" معهم، فهي تفقد هيبتها كدولة عظمى لا تجد أفضل مما تعتقده لنفسها من سياسة فاشلة . كما ويمكن ان لا نجد صعوبة في التنبأ ان هذه الادارة ستفشل في مساعيها غير الحميدة هذه في سياساتها الاخرى . فالولايات المتحدة، وباعتقادنا، ان ما أكثر ما يهمها الان، هو ان تجد لنفسها ما تبرهن به على انها قوة عظمى وفي تنافس مع روسيا الاتحادية، فانها تخطئ كثيرا في نهجها السلبي حينما تناطح هكذا ارادة الشعب العراقي الذي وجد لنفسه صرحا عظيما يركن اليه في ملماته كالحشد الشعبي الذي يقدم اعتى رجاله في تضحيات كبرى لبقاء العراق حرا موحدا.

لو ان الولايات المتحدة قد قامت باستفتاء حول شعبيتها في العراق، هل ستخيب امالها هناك؟

مجرد سؤال للتذكير فقط.

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

في المثقف اليوم