آراء

هل يعاد النظر بقوانين الجنسية والإقامة للمهاجرين في العالم المتمدن؟

jawadkadom gloomلا زال القانون المدني في أوروبا مهزوزا تجاه رعاة ومروّجي الإرهاب بما في ذلك من يجنّد الفتية المهاجرين المسحوقين للقتال ويدفعهم الى سوح النزاعات العرقية والطائفية في سعير الشرق الاوسط وفي ليبيا وسيناء مصر من خلال غسيل أدمغتهم وضخ الافكار الجهادية في اذهانهم وزرع الكراهية في نفوسهم اضافة لما يفعله المال السياسي لادامة القلاقل والنزاعات وزعزعة البلدان من خلال دفع تلك البلدان الى حالة غير مستقرة فهناك الكثير من جمعيات حقوق الانسان تقف الى جانبهم وتناصرهم بدعوى حرية التعبير وضد سياسة تكميم الأفواه وبالأخص للأجيال الثالثة او الرابعة من المهاجرين الذين ولدوا في المهاجر والشتات اذ لاجنسية لهم سوى واحدة للبلدان التي ولدوا ونشأوا وترعرعوا فيها لكن دون ان يندمجوا في مجتمعاتهم الجديدة التي أخذتهم بأحضانها ومنحتهم حقوق المواطنة كاملةً فصاروا مواطنين اصليين ولا جنسية اخرى لهم في بلاد آبائهم وأجدادهم ، لذا نراهم يتمادون ويصرّون على التمسّك بقناعاتهم الفكرية السلفية والجهادية السقيمة لانهم يعرفون مسبقا ان لاقوانين حازمة صارمة توقفهم عند حدّهم طالما ان العقوبات لاتطالهم اضافة الى تعطيل عقوبة الاعدام وإلغائها تماما في الكثير من دول اوروبا حتى بالنسبة لمن خان بلاده وتجسّس عليها وباع نفسه لجهات اخرى عميلا مؤكداً ، مما أتاح لهؤلاء المجرمين من منابت الارهاب ومروجيه ان يسرحوا ويمرحوا دون وجلٍ او خوف او تردد مادامت عصا القانون الوضعي ليست غليظة وموجعة وهناك من الليبراليين ومعتنقي حرية الرأي والتعبير من يقف الى جانبهم مع علمه بخطل افكارهم وعنفية مساعيهم بذريعة حماية الاسس الفكرية مع المختلف ومنحه الفرصة ليقول ويفعل ماشاء له ان يفعل

والمؤلم ان دعاة الاسلمة الداعية الى العنف وما يسمّى الجهاد يعرفون هذا الضعف والهوان في مواجهة نزعاتهم من قبل الحكومات والدول الأوروبية التي لم تعمل شيئا ناجعا او حزماً قاسيا لمواجهة ممارساتهم ويعرفون اللعبة جيدا وهم مطمئنون ان لاشيء سيصيبهم مادامت القوانين الوضعية المدنية اعجز من تنال منهم وتوقفهم عند حدّ معين ولهذا تجاوزوا الخطط الحمر ، فإنّ أئمة الجوامع مازالوا ينفثون سمومهم بملء اصواتهم لتأجيج الكراهية والحث على الجهاد ومعاداة الكافرين الذين هيأوا لهم فسحة الحرية الواسعة والنيل الشديد من " اهل الكتاب " الكافرين وفق زعمهم واعتبارهم ألدّ أعدائهم وهم عائشون في كنفهم ويتمتعون بخيرات الحرية التي منحت لهم ، ترى اية صلافة ونكران جميل وتمادٍ في العنجهية ونزع للحياء يمارسونها فاستغلوا حالة التسامح وسعة الصدر والانفتاح والترحاب وبدون ان يسألوهم من ايّ دين او عقيدة ينتمون ومن ايّ اعراق بشرية ينحدرون !!

وصل الامر المشين بهؤلاء ان قاموا بغلق الطرقات وسدّ منافذ المرور ايام الجمعة والمناسبات الدينية مثل صلاة العيدين بحيث اخذوا يفترشون الشوارع بدعوى اقامة صلاة الجمعة واعتراض الناس للسابلة في الشوارع وارغامهم على اخذ نسخ من منشوراتهم الدينية وأدبيات الفقه من فتاوى وأضاليل وبدع ومرويّات غريبة لأئمتهم ومنظريهم السلفيين ودعاتهم وتنظيم التظاهرات وسط المدن الاوروبية بحيث لم يترددوا في رفع اعلام منظمات ضليعة في ممارسة العنف بحجج الجهاد مثل القاعدة وداعش وغيرهما والطامة الكبرى ان هذه التظاهرات تخرج بموافقات رسمية ومحمية من الدولة ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات الدفاع عن الحريات دون ان يجرؤ احد على اعتراضها وتشتيتها ومنعها ، ففي المانيا مثلا تقوم الدنيا ولاتقعد اذا رفع احدهم علم النازية او اظهر احد شعاراتها في حين يسمح للمتأسلمين ودعاة التطرف من المهاجرين ان يرفعوا رايات وشعارات داعش ويصرخوا بكل ما أتوا من قوة لتمجيد العنف ونصرة رعاته وبث سموم منشورات التطرف بكل حرية دون ان يتم محاسبتهم او ردعهم

والى الان لاتوجد آلية حازمة في عموم القوانين المدنية للعالم المتحضر يمكن بموجبها سحب الجنسية ممن يدعو الى العنف او يبشّر بالجهاد او حتى من يشكّ بانه يقوم بتجنيد المقاتلين وضمّهم الى بؤر الارهاب ؛ بالاخص من قدماء المهاجرين المولودين في اوروبا فما زالت قوانين الهجرة رخوة الذراع الاّ على المهاجرين الجدد ممن هرب من بطش الارهاب ونجا من محارق الحروب والنزاعات الطائفية والعرقية في بلدانهم المبتلاة بسيطرة الدكتاتوريات والسطوة الدينية لمن يدّعون زيفا انهم حاملو رسالة الله

ويبدو ان الكثير الكثير من افراد هذه الجاليات المهاجرة بقيت معزولة ومتقوقعة في مدار فكرها ولم تحسن تطويع نفسها والاندماج في مجتمعاتها الجديدة بسبب الترسبات المتراكمة في اعماقها وظلّت تعيش ضغطا نفسيا وصراعا حضاريا بين عالمهم الجديد وخلفياتهم القديمة مما ولّد فيهم نرجسية ان إرثهم وخلفياتهم السلفية هي الارقى والافضل دون ان يستقوا شيئا مثمرا من العالم المتمدن ويستوعبوا النظم المدنية وقد أعماهم التنوير نظرا لان عيونهم كانت لاتنظر سوى الظلمة والجهل والألوان القاتمة التي تسيّدت المشهد في منابتهم الاصلية

مالم تتغير قوانين الجنسية وترتيب الإقامة الدائمية والوقتية واكتساب الجنسية وتوضع بنود التعهدات على ممنوحي الاقامة ومتحصلي المواطنة في البلد الذي استقرّ به المهاجر والزام المهاجرين بعقوبات رادعة وحاسمة بما في ذلك اسقاط اكتسابه للجنسية وفسخ اقامته وتعطيلها اذا ثبت تعاطيه الارهاب او نشره لمفاهيم الكراهية وتأجيجه للمشاعر العرقية وكل ما من شأنه العبث بالقانون المدني الذي هو الاخر عليه ان يكون صارما تجاه من يخرق الامن والسلام بدعوى حرية الرأي واحترام المعتقد ، اقول واكرر مالم يعاد النظر في تلك النظم والقوانين فلن تقوم للمجتمع المتحضر قائمة لاسيما وان اليمين هناك متربص لهذا المسلك ويرقص فرحا لما يقوم به المهاجرون من إساءات عنفية وأعمال ارهابية خطيرة كي تميل الكفّة الراجحة اليه عسى ان يقبض على زمام السلطة ؛ فليس من المعقول ان يتم حبس انسان لبضعة شهور لانه آذى او ضرب كلبا او أحدث ضجيجا وازعج جاره قليلا بينما يلتحق الالاف من الارهابيين المتأوربين ويقتلون ويسلخون جلود بني جلدتهم ويذبحون الناس كالنعاج والفرائس دون ان ينالهم القانون ويفرّوا من العقاب فالمطلوب مزيد من الصرامة بشأن باعثي الكراهية من شيوخ الجوامع ومجنّدي تلك المسوخ البشرية المحشوّة ادمغتها بلغة الدماء والقتل ولايكفي ابدا إقدام الجهات الامنية الاوربية على ترحيل بضعة افراد من امراء ودعاة العنف والكراهية او اسقاط الجنسية عن نفر قليل جدا بما لايتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة – مثلما فعل وزير الداخلية الفرنسي مؤخرا -- مادام سيل الارهاب الان صار كالطوفان الهادر المخيف ولايأمن جانبه في كل بقاع الدنيا

 

جواد غلوم

في المثقف اليوم