آراء

ما سر عدم الأنسحاب التركي من شمال العراق؟

ayad alzouhiriلا شك أن دخول القوات التركيه الى الأراضي العراقيه لم يأتي أعتباطآ، ولا هي بالنزهه، بل هناك أجنده على طاولة الحكومه التركيه بزعامة (السلطان العثماني) أردوغان. هذه الأجنده تدور في فلك الأحتلال والمشاركه في تقسيم الأراضي العراقيه بين السلطنه العثمانيه الجديده والطامعه بالتوسع نحو الجنوب، لتكون الموصل الخاصره التي تمنع التواصل بين المقاطعات الكرديه الطامحه لأنشاء دوله، وبين شريكهم السعودي المتربص على حدود العراق الجنوبيه والمتعطش لمياه الفرات الماره في أراضي الأنبار وتحويلها الى أراضي المملكه القاحله وبالتالي قتل أبناء المذهب الشيعي في الوسط والجنوب عطشى وتخريب كل ما يمت للحياة بصله في هذه المنطقه، وهي عين الخطه التي يسعى أليها الأمير بندر بن سلطان، وهو جعل الشيعه في موقف شبيه بموقف هتلرمن اليهود، وهذا سيناريو أستنسخوه من ربيبتهم أسرائيل في تحويلها لمياه الليطاني وغيره نحو الأراضي الأسرائيليه، وهذه من الأمور التي تزيد من ترجيحنا بالمشاركه الأسرائيليه في كل ما يحدث في المنطقه.

بالطبع هناك عدة سيناريوهات تضعها الحكومه التركيه بالتنسيق مع حكومة ال سعود، تتلخص بالعمل على تقسيم الأراضي ذات الأغلبيه السنيه بين هاتين الدولتين.

يبدأ هذا التقسيم بما يسمى بالأقلمه والذي يتخذ صورة الحكم الذاتي، بل وبالحقيقه الكونفدرالي، بل وطبق الأصل مع أقليم كردستان ذات النموذج الهلامي، حتى أن زيارة مسعود البرزاني للمملكه السعوديه تصب في هذا الأتجاه، حيث يطلب من مسعود التنسيق ووضع خبرته تحت طلب من يمثل الأجنده السعوديه في العراق وخاصه من لهم تمثيل في الدوله العراقيه، وأبرز من يمثل هذا الأتجاه هو محور (أسامه النجيفي، صالح المطلق، ظافر العاني، حيدر الملا وأخرين يمثلون داعش السياسي في الحكومه العراقيه). عند تشكيل الأقليم السني تبدأ مرحلة التطبيع أبتداءآ بالأستثمار وتنتهي بالتبعيه الكليه لهم، وخاتمته ضمه الى أراضيهما ويسدل الستار على واقع قديم أسمه العراق. هذا ما تصبوا اليه كل من تركيا والمملكه السعوديه. الموصل من حصة تركيا والأنبار من حصة المملكه وما تبقى يقسم بين الأكراد والشيعه .

هذا الأمر ليس من نتاج الخيال ولا هو أضغاث أحلام بل لا تزال سجلات التاريخ تحتفظ بالكثير من الشواهد والوقائع، وما مطالبات تركيا في عشرينيات القرن الماضي بضم ولاية الموصل لها وما قضمته السعوديه من أراضي عراقيه في مساومه مع صدام حسين أبان حرب الثمانينات مع أيران الآ شاهد على طمع هذه الدول في الأراضي العراقيه، ولكن ما قامت به بريطانيا من أستفتاء لأهالي الموصل أنذاك وخيارهم لصالح بغداد،هو ما منع تركيا من ضم مدينة الموصل أليها، وهذا من أيجابيات الأحتلال أذا كان للأحتلال من أيجابيات، ولكن شهية تركيا لضم الموصل عادة بمساعدة وخيانة الثلاثي (مسعود، بيت النجيفي، البعثيون الدواعش).

دخول القوات التركيه يؤكد ما نذهب اليه، وأزيد عليها بأن الحكومه التركيه تعرف جيدآ بأن الحكومه العراقيه في طريق أسترجاع كامل التراب العراقي من قبضة داعش، وهي تعرف جيدآ أن أسترجاع الموصل سيفتح باب جهنم على مصراعيها أمام تركيا، رافعه الستار عن كل المؤآمرات التي أشتركت فيها تركيا مع مسعود وداعش مما يجعلها في موقف لا تحسد عليه ويفضح المستور من أيادي كثيره تورطت في المستنقع العراقي، وهذا ما يثير مخاوف ليس تركيا وحدها بل الكثير من الدول المتورطه في الشأن العراقي وهو ما يصدم الرأي العام العالمي حينها.

هذا هو ما يثير قلق تركيا وهو حجر الزاويه في موقفها من عدم الأنسحاب من الأراضي العراقيه في الموصل بالأضافه الى ذلك أن هذا الزحف التركي على الأراضي العراقيه هو جسر أمداد عسكري ولوجستي لداعش علاوه الى تأمين ممر أنسحاب أمن لهم في حالة حدوث أنهيار عسكري لهم، وهو جزء رئيسي من أتفاقهم على التآمر على العراق، الا وهو تأمين حياة عملائهم والسائرون بركبهم .

أما الأفعى السعوديه والقابعه على حدود العراق الجنوبيه، فهي لا تقل خطرآ عن تركيا، وهم مع بعضهم يشكلون حلفآ غير مقدس. فالجانب السعودي يسعى الى سيناريو في العراق شبيه ما فعله في سوريا والوصول بالعراق الى حد الأعياء مما يسهل أقتطاع الجزء الغربي من العراق والذي يعتبره السعوديون الأمتداد الطبيعي للسعوديه من الناحيه الجغرافيه والعشائريه والمذهبيه. طبعآ وراء هذا التمدد هو الفوز بمياه الفرات العذبه والذي طالما أسالوا اللعاب عليه وذلك بالوصول أليها والظفر بها والتي طالما هي موضع حسد هؤلاء الأعراب بالعراق، وهو يمثل أمنيه عزيزه عليهم وحان الأن وقت تحقيقها، فبه سوف تحي المملكه أراضيها البور وبنفس الوقت يقتل الملايين من الشيعه عطشآ، ويحول وسط وجنوب العراق الى أراض قفر تفتقر لكل مقومات الحياة، مما يفسد على ساكني هذه المناطق عيشهم وبالتالي هلاكهم وهو المطلوب، وهذا هو عهد الوفاء لأل سعود أتجاه آل الشيخ الوريث الشرعي لمؤسس المذهب الوهابي محمد بن عبد الوهاب، وهذا العهد كان الأساس في أنشاء هذه المملكه المشؤمه على يد هذين العائلتين.

أنا أريد أن أشير أن ما يمر فيه العراق، وما يحيق به من مخاطر تهدد وجوده، بل وتجعله على محك الوجود من عدمه، يتطلب وقفه تاريخيه من أبناءه يحفظون به ميراث حضاره وتراث أنسان أنشأ مهد الحضاره الأنسانيه ويصونوا مقدسات الأولياء، الذين طهروا أرضه وشرفوا أنسانه وحفظوا وجوده من كل شرور الزمن. أن العراقين أمام أستحقاق تاريخي يفرد صفحات ناصعه لمن يقف بوجه هذه المخططات اللئيمه مسجلآ أعظم ملحمه ينهزم فيها على يديه كل جيوش العدوان وعلى صخرة أرادته تتحطم موجات الشر الداعشي.

 

أياد الزهيري

في المثقف اليوم