آراء

تنسيقات متناقضة بين اطراف محاور الشرق الاوسط الجديد

emad aliالاطراف الرئيسية في اعادة تنظيم الشرق الاوسط، والاطراف الداخلة بقوة في تحديد واقع مابعد تفاعل المعادلات المتعددة للمنطقة في نهاية ما يحدث في سوريا وما يعم على المنطقة في نهايته . يتعجب من يقرا هذه المعادلات واطرافها وتوجهاتهم المختلفة والمتناقضة لدرجة لا يمكن تصديق استمرار ادامة تلك التنسيقات لمدة طويلة . وبالضبط هذا ما يعترفون به هم قبل غيرهم انها تعاون وتنسيق لهدف او تكتيك مرحلي، وكلهم منغمسون في سوريا التي اصبحت ملعبا للدول الفاعلة والتنظيمات التابعة لهم في التمهيد من اجل خارطة جديدة للمنطقة . ان حللنا تلك العلاقات اوالتنسيقات بشكل مصور وبمنحنيات ومعادلات حسابية، نجد ان هناك اطراف تتعاون مع من لا يحب وهو مرغم على افعال تقدم عليها، او ليس من مصلحتها الذاتية كدولة ان تتعاون معه .

المحور الروسي الايراني العراقي السوري، والتنظيمات التابعة له من امثال حزب اللله وعصائب اهل الحق وغيره من التنظيمات العراقية الصغيرة . فنجد ان روسيا تنسق مع اسرائيل في الوقت التي تمتنع ايران على ذلك وتتردد سوريا والعراق على ذلك وان يحتفظان في بيان رايهما وموقفهما من ذلك وتعلن تلك التنظيمات عدائها لها، ايران تنسق مع تنظيمات العراقية الصغيرة في الوقت التي تحتفظ روسيا من بعضها وسوريا من الاخرى، العراق تنسق مع روسيا وايران بتردد وتحفظ اخيرا، بينما العراق لم يجزم قاطعا وجوده في هذا المحور لوحده دون الاخر لحد الان . ومن جانب اخر فان روسيا لها علاقات وتنسيق غير مباشر مع بعض دول الخليج بينما ايران ليس فقط تمانع في ذلك بل تعاديهم ايضا في هذا الامر . روسيا ماقبل سقوط طائرتها كانت تنسق مع تركيا بينما ايران تحاول جادا قطع دابر تركيا في سوريا وتحاول قطع او انهاء تماديها والحد من فرض اهدافها وتحقيق نواياها . روسيا تنسق وتتعامل بشكل واسع مع امريكا في شان سوريا منذ مدة، بينما ايران تحاول اعاقة امريكا في الدولتين العراق وسوريا لحين الحصول على مرامها بعد الاتفاق النووي، وهكذا نجد في هذا المحور هذه العلاقات والتوجهات المختلفة ومنها المضادة .

اما المحور الاخر الامريكي الخليجي التركي والتنظيمات السنية المعارضة في سوريا والعراق، نجد تنسيقا واضحا بين قطر وتركيا مع البعض منها في كافة الامور، بينما تختلف عنهم السعودية المتحالفة معهم في امور اخرى، امريكا لها تنسيق قوي مع السعودية وتركيا بمديات مختلفة، وتنسق تركيا مع السعودية بدرجة اخف من قطر وبشكل اخر . التنظيمات العسكرية لاسلام السياسي في سوريا لها علاقات وتنسيقات كبيرة مع قطر وتركيا بينما بعضها تعادي امريكا والسعودية من جهة اخرى .

بينما نرى ان المحورين معا لهما علاقات واسعة وتنسيق مباشر مع الدولة الاوربية ذاتها، اي الاطراف المتناقضة لها العلاقات والتنسيقات والعمل المشترك مع الدول الاوربية الختلفة، وكل بدرجة معينة ربما تكون مختلفة مع بعضها ايضا .

لو رسمنا منحيات واسهم حمراء وزرقاء لعلاقات اعضاء المحورين مع البعض او مع دول وتنظيمات خارج المحورين، فاننا نجد تقاطعات عدة وتوازي بين الاخوة الاعداء في اكثر من مكان .

من التعقيدات السابقة نتاكد بان العمل المضني الذي ينتظر كافة اعضاء المحورين والمستجدات التي فرضت نفسها، فاننا لم نجد منفذا سهلا للتاكد من ما نقع فيه، دون ان نلمس تلميحات ما يبرز من خلال التفاعلات اليومية، ولا يمكن ان نقول الان ان الخارطة الجديدة التي تنوي اكثر القوى رسمها حسب هواها، يمكن ان تضم اية بقعة او دولة دون اخرى، وبينما التاكد واضح من ان هناك تغييرات شاملة وخارطة جديدة للشرق الاوسط ، والايام تفرض ان تكون طفيفة او كبيرة، وكيف يرسم شكل الخارطة ومضمونها. والقوى المتعددة وما يمس المنطقة من جراء التنافس القوي بين الاطراف، سيؤدي الى تغيير التنسيقات بعد تجسيد المستجدات مستقبلا .

من جهتنا نحن في كوردستان، ان المشكلة الرئيسية في علاقات الكورد مع المحورين وهما توزعا دون ارادتهما او اثر خلافاتهما وعدم توحيدهما في الموقف والراي، وهذا ما يقع على حسابهما ولا يمكن ان نضمن وحدة الاراضي الكوردستانية او على الاقل ارض اقليم كوردستان العراق وما يمكن ان تتبع لاية جهة او كيف تقع خارطتها . الخلافات الجذرية وعدم وجود الاستراتيجية الواحدة لدى القوى المؤثرة في كوردستان وعدم اتقانهم اللعبة لحد الان، وتبعيتهم لاعدائهم ستقع نتائج المعادلة على حسابهم وليس لهم، وسيكون القدر هو المحدد لمصيرهم، وليس نظرتهم وتوجهاتهم وتاثيراتهم وافعالهم واجتهاداتهم، التي يمكن ان تكون قوية وتفرض التغير من التوجهات لو كانوا متوحدين في مسيرتهم. وعليه، ان التنسيقات المتناقضة تنطبق على طرفي السلطة الكوردستانية المتوزعة على المحورين بشكل قوي . ايران وعلاقاتها وتنسيقها مع طرف كوردي وما تلتمس من امريكا واوربا، وتركيا وعلاقاتها وتنسيقها مع طرف اخر وما تلتمس هي ايضا من امريكا واوربا حول اقليم كوردستان، يتقاطعان من جهة ويتحدان من جهة اخرى .

في النتيجة نتاكد بان التناقضات ستؤدي الى عدم بيان النهاية بشكل واضح، وانما تغطيها بغيمة تقتضيها الحاجة لكل طرف وما تدعو اليه مصلحته الى جانب ذلك، في الوقت نعتقد بان مصلحة بعض الاطراف تقف ضد حاجتها هي لما يمكن ان تتحرك وفقها في الوقت ذاته .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم