آراء

وخزة في صميم الضمير الدولي

saleh altaeiأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، ومن خلال اللقاءات في الداخل أو أطروحات الوفود العراقية الرسمية إلى الدول والمحافل الدولية، طالبت الحكومة العراقية المجتمع الدولي بالدعم العسكري والمادي واللوجستي لدعمها في محاربة داعش ولاسيما وأن انخفاض أسعار النفط بدأ يؤثر على ميزانية التسليح والتجهيز، ويضعف القدرات القتالية للجيش العراقي، لكن الدول ولاسيما منها المعنية بمحاربة الإرهاب أو التي تدعي أنها تعادي الإرهاب، أحجمت عن مساعدتنا، ولم تستجب لنداءاتنا، واكتفت بتشكيل حلف دولي وجه من الضربات الموجعة لقواتنا وحشدنا أكثر مما وجهه للدواعش وباقي الإرهابيين، وقدم من الدعم لداعش ما حرم منه العراقيين.

أقول: ما حدا مما بدا؟ ألم تقم فرنسا في كانون الأول من عام 1983 بإعارة العراق خمس طائرات من نوع (Super Etendard) مع عدد كبير من صواريخ (EXOCET) المتخصصة بتدمير المنشئات النفطية؛ خلال الحرب العراقية الإيرانية وهي حرب بين بلدين مستقلين، تترتب عليها الكثير من المخالفات، وتخضع إلى كثير من الالتزامات، ويجب أن تكون مواقف الدول منها في سياق القانون الدولي، بما في ذلك ما يسمى مبدأ الوقوف على الحياد؟ بينما الحرب قائمة اليوم بين شرعية النظام العراقي ممثلا للدولة العراقية ذات السيادة والعضو في الأمم المتحدة من جهة، ومنظمة إرهابية دولية محظورة وفق قوانين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وفي هذه الحرب يقاتل العراق بأبنائه وطاقاته وقدراته المالية والاقتصادية نيابة عن العالم كله، أما الطرف الآخر الممثل بداعش التي هي عبارة عن تجمع دولي للإرهابيين من العالم كله فتقاتل نيابة عن التخلف والتطرف والراديكالية، مما يرتب الكثير من الالتزامات المالية والرسمية والأخلاقية على المجتمع الدولي كله، ومنها وجوب مساعدة العراق ودعمه بلا حدود.

إن هذه المواقف المتعارضة والمخالفة لضوابط الأخلاق، تثبت أن السياسة مثل الإرهاب لا دين لها، وأنها تتحرك وفق قيمها، ومنظومتها الفكرية الخاصة، وبرامجها الآنية والمستقبلية، ولا علاقة لها بالعدل والمساواة وإحقاق الحق حتى وإن كانت من أكثر الداعين إلى هذه الشعارات الفارغة ظاهرا.

 

صالح الطائي

 

في المثقف اليوم