آراء

الثَوّْرة ضِدَّ داعش محاولة لخلط الاوراق

mohamadjawad sonbaفي مساء يوم 19 شباط 2016 ، اعلنت بعض وسائل الاعلام، عن انبثاق ثورة ضد داعش، قام بها عدد من ابناء العشائر في قضاء الفلوجة. وما أَنّْ حلت الساعة الثامنة مساء، حتى أخذت الفضائية العراقية، بالتهليل والترحيب بهذا الخبر. وسرعان ما احضرت الى الاستوديو الخاص بها، أَحد الاشخاص، من الذين توصفهم بعنوان (الخبير الأمني، أو المحلل السياسي)، ليقوم بتحليل هذا الحدث المفاجئ.

من المؤسف ان الفضائية العراقية، قد تعاملت مع هذا الخبر بطريقة ساذجة جداً، وبعيدة عن المهنية الاعلامية، التي تفرض ربط بدايات اي حدث مع نهاياته ونتائجه. وحتى تكون الصورة واضحة للجميع أقول:

عندما اوشكت القوات المسلحة العراقية، على اكمال تحرير محافظة الانبار، في الاسبوع الأخير من شهر شباط 2016، لتستعد للبدء بصفحة تحرير الفلوجة، من براثن عصابات داعش الارهابية. انطلقت تلك التظاهرات في قضاء الفلوجة.

من المعلوم ان الفلوجة منذ سنتين مضت، وهي ترزخ تحت احتلال داعش. وداعش تسللت الى الانبار والفلوجة، بمساعدة بعض شيوخ وابناء العشائر، وبعض اعضاء الحكومة المحلية. حيث وضع المخطط لتسليم الانبار والفلوجة، بعد ان سلّمت القوات المسؤولة عن حماية هذه المحافظة، اسلحتها ومعداتها الى داعش.

وجدير بالذكر فان بعض شيوخ عشائر تلك المناطق، قدّ عقدوا مؤتمراً، عند دخول داعش الى اراضيها، اعلنوا فيه ولاءهم ومبايعتهم لداعش. وتأكيداً لامضاء تلك البيعة، قاموا بذبح احد ضباط القوات الامنية، من الذين لم يسلموا انفسهم لداعش، تحت منصة خطابة ذلك المؤتمر المشبوه.

والسؤال الذي يثار الآن:

سنتان مضت على سقوط الفلوجة، بأيدِ عصابات داعش، ولم نسمع بان اهالي المنطقة وشيوخ عشائرها، الذين امضوا عهد الولاء والوفاء لداعش، بأنهم تحركوا ضد داعش. فلماذا تحركوا الآن ليعلنوا تمردهم على سلطة داعش؟.

انها محاولة شيطانية تشبه الى حدٍّ بعيد، محاولة رفع المصاحف في معركة الجمل 36 هـ، حيث وصف الامام علي (ع)، تلك المحاولة بأنها (كلمة حق يراد بها باطل).

و اذا كانت الفضائية العراقية لا تملك رؤية بعيدة المدى، لتحليل المواقف وكشف الحقائق، فان الكثير جداً من شرائح الشعب العراقي، تدرك بعمق، ان ثورة عشائر الفلوجة بهذا الوقت، ما هو إِلاّ موقف لبعثرة الحقائق، وتغييب الصورة الحقيقية، لمشهد احتلال المدينة سابقاً.

فقلب الحقائق من قبل بعض العشائر، التي تتظاهر الآن بالثورة على داعش، بالوقت الذي تقترب فيه القوات المسلحة العراقية، وقوات الحشد الشعبي، من اعلان تطهير الفلوجة من داعش، بعدما تمَّ لها تطهير محافظة الانبار، ما هي إلاّ محاولة مكشوفة، للظهور بمظهر الثوار، المنتفضين لتحقيق هدفين:

1. اضفاء صورة الثوار عليهم، لحفظ ماء الوجه، من كشف عورات الماضي.

2. عن طريق اعلان الثورة على داعش، فأنهم يؤسسون لصنع ظرف يختلط فيه الحابل بالنابل، حتى تضيع عصابات داعش بين ابناء تلك العشائر، التي اصطنعت هذه الثورة المشبوهة ضد داعش.

3. استثمار ظروف مرحلة ما بعد داعش، لركوب موجة الوطنية المزيفة، ليكون فيها هؤلاء الثوار المزيفيين، قادة النصر والتحرير مستقبلاً.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه

 كاتِبٌ وَ بَاحِثٌ عِرَاقي

 

 

في المثقف اليوم