آراء

العراق بين الأَزمات والحلول

mohamadjawad sonbaإِنَّ حلّ ازمة العراق، لا تعالج بالاقتراحات، وتشكيل اللجان، واستبدال الوزراء الحاليين، بآخرين تكنوقراط. فازمة العراق، اذا ما نظرنا اليها نظرة واقعية فاحصة، نجدّ أَنها ازمة مركبة لها جذور، أَدَّت الى ان يكون العراق في ازمة دائمية. وحسب تصوّري ان أمريكا قدّ صممت هذه الأزمة، بشكل حاذق ومدروس ومتقن لتحقيق الأهداف التالية:

1. ان يبقى العراق هزيلاً في قوته الدّولية وتأثيره الاقليمي.

2. ان يكون ضعيفاً متناحراً ممزقاً في الداخل.

3. ان يكون دائم التبعية للمشروع الامريكي – الصهيوني، عالمياً واقليمياً.

4. ان تكون ثرواته مواداً أولية للصناعات الأمريكية.

5. أن يكون العراق سوقاً استهلاكية، تستثمر فيه الشركات الأمريكية، بيع منتجاتها بشكل مستدام.

6. تحقيق التوازن في معادلة القوى العسكرية، فيكون العراق قاعدة عسكرية امريكية، حتى تستطيع الادارة الامريكية، الهيمنة على المنطقة بصورة تامّة.

7. تحييد العراق من الصراع الفسلطيني الاسرائيلي، بعدما تمّ فعلاً تحيد العديد من الدول العربية، من هذا الصراع. خصوصاً بعد نجاح المشروع الامريكي– الصهيوني، في تطبيع العلاقات، بين العديد من الدول العربية واسرائيل.

8. ان سيطرة امريكا على العراق، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، يعني بقاءها قريبة من ايران، وهذا يسهم بشكل فاعل، بعدم استقرار ايران في الداخل والخارج من جهة، واستزاف طاقاتها المختلفة بشكل مستمر من جهة ثانية.

وحتى تكون هذه الأهداف واقعية في التنفيذ، تمّ تصميم المشروع السياسي العراقي، وأن تدار شؤون الدولة العراقية، بالشكل الذي يحقق غاية الأهداف الواردة أعلاه.

وحتى نضع الحقائق في نصابها الصحيح، فان الطبقة السياسية العراقية، التي تأسست تحت الوصاية الأمريكية، قد ساعدت أمريكا بشكل ايجابي، لتحقيق مشروعها بشكل ناجح، سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد، من الطبقة السياسية.

وأَمّا الاسباب التي جعلت الطبقة السياسية العراقية، مهيأة لتنفيذ المخطط الامريكي فهي:

1. عنصر يتصل بمقدار الكفائة المهنية للمسؤولين، بمختلف مناصبهم ودرجاتهم الوظيفية.

2. عنصر يتصل بنفسية المسؤولين، ومقدار نضج وعيهم الوطني، ودرجة ثقافتهم الخاصة، وتربيتهم التي تعكس سلوكهم المجتمعي.

هذه الأسباب بصورة اجمالية، تشكل المعايير التي حدَّدت سابقاً، وستُحدد حاضراً ومستقبلاً، مسار العملية السياسية في العراق. إِنَّ الانتكاسة في العملية السياسية، منذ عام 2003 ولحد الآن، يعود الى مجموع هذه الاسباب التي تظافرت معاً، فأنشأت نظاماً سياسياً فاشلاً، يقوده مسؤولين أكثر فشلاً من المشروع نفسه.

وليعلم جميع العراقيين جيداً، بأنهم سيظلّون يدورون في فلك، حلقة كبيرة مفرغة، لا يغادرونها ما لم يتم تغيير، تصميم نظام الحكم في الدولة العراقية. وما لم يتم ايضاً، تغيير الفريق السياسي، الذي يدير دفّة عمل الدولة العراقية.

ويجب أن يكون معلوماً للجميع، أَنَّ كل عملية تغيير أو اصلاح، ستبقى معوّقة وغير فاعلة، إذا ما بقت تسير على نفس المنوال السابق. فستتكرر نفس الأخطاء السابقة، ما لم يتم كسر نمط نظام العملية السياسية، والتغيير الجذري لتركيبة المسؤولين، عن ادارة الدولة العراقية. بشكل يتمّ الحرص فيه، على البقاء المؤقت، لوجود النظام العام للبلد، (وان كان بهذا الشكل البائس)، ريثما يتم العمل الجاد، للوصول الى دولة قوية بنظامها، ونزيهة بمسؤوليها، والله تعالى هو المستعان.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه - كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

 

في المثقف اليوم