آراء

السعودية تتخبط في تعاملها مع قضايا المنطقة

emad aliيبدوا ان المملكة السعودية قد وقعت في الفخ اخيرا ولاول مرة  بعد رحيل الملك عبدالله ومجيء الملك سلمان، والتغييرات التي احدثها داخليا وابرزت بها مدى التخبط التي يحصل في سياساتها الخارجية، وبالاخص تعاملها مع القضايا الشائكة في المنطقة وموقفها الحرج من العلاقات الدبلوماسية لمن تعتبره العدو اللدود ونجاحه في دبلومسياته على العكس منها، وهي تتعامل مع ما تمر به المنطقة وفق قاعدة ما يعمله عدوي هو ضدي ويجب ان يكون رد الفعل هو ضده مهما كانت النتجية . ومن اهم ما يظهر تخبطها هو اصرارها على التدخل في سوريا كما كانت دون تغييرفي السياسة والتوجه منذ الحرب التي اندعلت فيها، وادامت في العزف على اللحن ذاته حتى بعد تدخل روسيا القوي وتغيير المعادلات .

على الرغم من سقوط تركيا كثيرا وتعثرها في ما تعمل في المنطقة ايضا، وبعد محاولتها الحثيثة لقيادة المحاور الا انها اصبحت اخيرا الحليف القوي للسعودية، وهما المحتاجان للبعض وبعد ان اصرت السعوجية في المقابل ايضاعلى قيادة القوى الاقليمية الا انها اصبحت في الحفرة التي حفرتها واوقعت نفسها بها من خلال السياسات الغبية التي مارستها . وبعدما تراجعت السعودية في ثقلها ورصيدها السياسي في المنطقة بعد فشلها في سوريا، اعتبرت انعطاف تركيا وتراجعها عن مواقفها السابقة فرصة يمكنها استغلالها، وفي المقابل تركيا ايضا تفكر في استغلال السعودية بعد فشلها الاكبر من السعودية في سياساتها الاقليمية . انني لا اقيّم سياسة دول الخليج كافة الا ان السعودية هي المسيطرة في التوجهات التي تعتمده هذه الدول وكل بنسة معينة لحد الساعة ولامور معلومة، ومن هذه الدول تفضل ان تكون محايدا، فلا يمكن تحاشيها، الا ان قطر ومن خلال تعاونها مع تركيا قبل السعودية قد بنت لنفسها موضع قدم في بيان مصداقيتها لتركيا اكثر من السعودية على الرغم من ضعفها في كثير من المجالات التي هي المقوم الاساسي للتعامل مع البعض في العلاقات الدبلوماسية الدولية . العدو الاول لقطر وما تهم فيه هو النظام السوري، وهدفها الاساسي هو  محاولة اخونة الانظمة في المنطقة، اما السعودية فانها تعتبر الصراع مع ايران ومع تقدمها السياسي الدبلوماسي وتعويض ما فاتها من الفرص هو الهدف الاول لها، وكل ما تحاوله من اسقاط التظام من اجل كسر شوكة ايران او هدم عمود من اعمدتها الاساسية لسياساتها في المنطقة، وليس النظام السوري فقط، لذا من الطبيعي ان تكون علاقات السعودية مع تركيا على اسس مختلفة ، فتركيا لا يمكن ان تتعامل مع المنطقة وفق ما تهتم به السعودية، وخاصة في امور تخص ايران . زيارة المسؤولين الترك الى ايران عقدت الامور اكثر بعد اتفاقات سرية لا تفيد السعودية واهدافها واولوياتها التي تستند على كل ما يضر ايران قبل اي احد اخر، وهذه الخطوة تفرض اعادة النظر من قبل السعودية في سياساتها العامة في المنطقة .

ان ما اوصل السعودية الى هذا التخبط هو تدخلها غير المحسوب جيدا في اليمن ايضا وضعفها اتجاه ايران من الناحية الشمالية وسيطرة ايران على مواقع عديدة لها سياسيا وامالت اليها الكفة دون اي منازع مهما ادعت السعودية ودول الخيلج من الحفاظ على مواقعهم .

يمكن القول ان اليمن كان فخا سواء وضعته ايران ام  اوقعت السعودية ونسجته بنفسها نتيجة الاخطاء المتراكمة ودون ان تقصد، وتسارعت كثيرا وخطت دون اي حساب ولو غير دقيق اقدمت عليه، وهذه خطوةفريدة تتخذ من قبل دولة دون ان تكون لها قدرات عسكرية او خبرة مفترضة لمثل هذه السياسات الكبيرة، وبذلك اوقعت نفسها في الفخ دون اي عمل مسبق من اي احد، . الوضع الداخلي الهش للسعودية قد فرض عليها الخطوات العشوائية غير المدروسة ايضا، واثرت عليها في العديد من النواحي،  وابتعدت عن الامور المهمة في هذا الزمان والمكان وخاصة بعد وصول روسيا وسياساتها الواضحة والصريحة لما تعمل عليه  وما يمكن ان تصل اليه المنطقة، وهي تنتظر ما يكون على الضد من المصالح السعودية اولا ومن ثم تتضرر منه  تركيا بعدها . والفائز الوحيد فيما يجري هو ايران وتقدمها الهاديء الرزن المرن خطوة خطوة . سواء كان تقدمها من جانب العلاقات الدبلوماسية العالمية او موقفها وموقعها في المنطقة ودورها الذي تزداد اهمية يوما بعد اخر، وما يدل هذا على انها كلما تقدمت في المقابل تتراجع السعودية كتحصيل حاصل لما يتجه اليه صراع المحورين من جهة، وعلاقاتهما مع الدول العظمى واثيراتهما على البعض  من جهة اخرى . بفتح ايران فجوة العلاقات الدبلوماسية العالمية احدثت فجوة كبيرة في العلاقات الدبلوماسية السعوديةمع الكثير من الدول وارجعتها خطوات في دورها ومكانتها  واهميتها وامكانياتها، وباخطائها في اليمن تراجعت كثيرا واحدثت شرخا كبيرا في مسار عملها الذي سارت عليه منذ مدة طويلة . ولم تتحرك امريكا ساكنا في مساعدة حليفها التي لم تصل منذ سنين طويلة الى هذا المستوى من الحضيض في دورها وامكانياتها وثقلها . وكل ذلك يقع لصالح ايران وموقفها .

وعلى صعيد اخر فان تراجع امريكا القوي من المنطقة بشكل غير مباشر، او وفق السياسات التي تتبعها والتي ليست كما كانت ابان الحرب الباردة على الرغم من عودة روسيا القوية، او ما تصر عليه امريكا من السياسة الباردة في منطقة الشرق الاوسط مستندة على اساس لا عدو ولا حليف ويمكن التعامل مع الجميع بشكل متوازن، اوقعت السعودية في موقف محرج .

بعد موت الملك السعودي والتغييرات الداخلية التي حصلت من تهميش المحور الداخلي الاخر او القوة الاخرى التي ادام في سلطته على حساب القوة الحالية التي حلت بديلا لما كانت منذ مدة طويلة جدا وتربص هذا الجانب من العائلة المالكة وتحين الفرصة لازاحة الاخر، والذي اثر بشكل او اخر ولاسباب عديدة على السياسة الخارجية اكثر من الداخلية لهذه المملكة . وبان التخبط بشكل واضح من خلال سياساتها في سوريا واليمن وتفاعلها مع الاحداث وعلاقاتها مع دول المنطقة وبالاخص ايران وتركيا والعراق ومصر .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم