آراء

تحولات المشهد السياسي العراقي!!

يشهد الوضع السياسي تحولات كثيرة ومهمة، ويعيش تبدلات واضحة سواء في داخل أطار الحركات والكتل السياسية، او فيما بين بعضها البعض الاخر، وبعد مرور اكثر من ثلاثة عشر عاماً على التغيير ٢٠٠٣ ولحد الان، فان جملة من المتغيرات والاصطفافات حدثت، فتبدلت وتغيرت المواقف وحصلت مستجدات في عموم المشهد السياسي، كما شهد تباين وتراجع واضح في العلاقة بين القوى السياسية، خصوصاً وان التحالف الوطني هو الاخر تحول الى تخالف،سيما ان الكيانات السياسية حملت صراعات داخلية بين مكوناتها، الامر الذي جعل خارطة الحركة السياسية تتغير وفقاً لهذه الصراعات والمتغيرات .

الوضع الإقليمي هو الاخر كان ومازال الجانب المؤثر على هذه التحولات، مه وجود التسويات القائمة في المنطقة، ووجود الملفات المتداخلة، واهتزاز بلدان وسقوط حكومات تحت عنوان ما سمي "الربيع العربي"، ومادة هذا التحول هو الصراع الطائفي، اذ كان حاداً وعنيفاً في جوانبه، كما حصل في سوريا واليمن، اذ كان الصراع واضحاً جداً، كما هو الحال في العراق وتأجيج الصراعات الطائفية، وهو ما يعد تمهيداً لخارطة جديدة في الشرق الأوسط ، فالوضع في العراق  ليس باحسن حال من الأوضاع في اليمن وسوريا، فالكتل السياسية متشظية، وازمة ثقة حاضرة بين الجميع، وعدو داعشي يترقب الفرصة للانقضاض وتوسيع رقعة نفوذه، فالسنة العرب  بين من يعتاش على داعش، وبين من هرب من داعش، وبين من هرب من جحيم موت بطيئ، وبين من يتحكم بحركة تنظيم داعش في البلاد وخيوطه، فالسنة العرب عموماً يعيشون في منطقة الحرام، اي خارج جغرافية وجودهم، وبين فوهات بنادق الارهاب وتحريرهم .

الوضع الكردي هو الاخر تعرض لاهتزازات داخلية، سيما مع ترافقه مع الانخفاض اللافت لإشعار النفط، وتراجع الاقتصاد في اقليم كردستان، ناهيك عن الخلاف السياسي بين المكونات الكردية وصراعها على السلطة والنفوذ .

الوضع السياسي عموماً معرّض للاهتزازات،خصوصاً مع التظاهرات التي دعا لها الصدر، والتي غيرت مسار بعض المواقف السياسية، وصعّدت من نبرة الصراع السياسي بين القوى الشيعية تحديداً، خصوصاً وان السيد العبادي رافض لمبدأ الصدر في التغيير، فمثل هذه التظاهرات الظاغطة والتي يسعى الصدر واتباعه الى فرض الامر الواقع على التحالف الوطني، وحزب الدعوة تحديدا، والتي يُتهم فيها سيطرته ونفوذه على موسسات الدولة جميعها، لهذا فان الموقف سائر نحو المد والجزر، وان هذا الصراع هو لإثبات الوجود للقوى السياسية المتصارعة، وان هذا الصراع ما هو مخاض عسير لوضع سياسي جديد، وتسويات تاريخية جديدة في البلاد .

ما تعرضت له العملية السياسية ومنذ اثنا عشر عاماً، كان بفعل الجهل السياسي للحزب الحاكم،ومحاولة الاستيلاء على مقاليد الحكم في البلاد، وإيجاد رؤية جديدة، وتغيير للنظام السياسي الحالي من خلال انقلاب على النظام البرلماني وتحويله الى حكم الحزب ألواحد، بل يتعدى الى التحكم بجميع مفاصل الدولة من هيئات ووكالات ومفاصل اخرى، وفرض الامر الواقع، وان اي قول يعارض فانه يستهدف عملية الإصلاح المفترضة والوهمية . 

اعتقد وكما يراه المحللين ان من الضروري وجود رؤية مشتركة في داخل القوى السياسية، وان يسعى الجميع لإيجاد هذه الرؤية، خصوصاً في الوضع الشيعي، اذا ما وصلنا الى قناعة ان هناك أزمة ثقة، وتفرد بالسلطة والنفوذ، كما ان الوضع الحالي يتيح لنا ان ندعوا الى تشكيل كتلة قوية ورائدة،وتكون عابرة للطوائف والقوميات، وان تتحمل مسؤلياتها في بناء موسسات الدولة، وايقاف التفرد بالسلطة، وغلق ملف الوكالات، كما ان من الضروري دعوة القوى السياسية جميعها الى المواطنة الصالحة، ومكافحة الفساد، وتطويق مكان وجوده، والحفاظ على الدستور كونه الوثيقة الرسمية التي تحفظ حقوق المواطن العراقي، ومعالجة الثغرات وبآليات قانونية ودستورية، كما يجب الدعوة الى ايجاد  ميثاق شرف وطني وإعلامي للقوى السياسية ينضم العلاقة بين القوى السياسية، وتوحيد الجهود جميعها من اجل مكافحة الارهاب الداعشي، واعتبارها التحدي الابرز والتمسك بوحدة العراق أرضاً وشعباً .

 

محمد حسن الساعدي 

 

في المثقف اليوم