آراء

ما الموقف الكوردي المثالي من ازمة العراق الحالية؟

emad aliان قيّمنا الواقع بحيادية دون اي مبالغة او تسويف كما يفعله الصحفيون والسايسيون على حد سواء في هذه الايام نتيجة الاعتماد على مجموعة مصالح ويتصرفون بدوافع شخصية وحزبية بحتة خاصة بهم او باحزابهم، وادخلوا بمثل هذه التصريحات والمواقف والافعال العراق الى المتاهات الحالية التي لا يمن لاحد ان ينكرها، والخروج منها صعب جدا ان لم يكن مستحيلا دون افرازات مؤذية جدا .

يبدوا بعد اكثر من عقد ونيف من سقوط النظام العراقي، ان العراق يتقدم خطوة هنا وفي مجال ما ويتراجع و يتاخر خطوات هناك نتيجة المحنة التي يوقعوه بها جراء الصراعات السياسية الداخلية اولا واخيرا، واقول اخيراهذا ايضا لان الاولى بالداخل والساسة ان لا يجعلوا من الخارج عاملا ومسببا وحجة لما هم فيه ويهمون في تنفيذه وان لم ينجحوا فهم الوحيدون الذين يجب ان يتحملوا المسؤلية .

من خلال متابعتنا للواقع الاجتماعي وطبيعة العراقي ونظرته وخلفياته وتراثه والتراكمات الفكرية والعقيدية المتوارثة التي يتمتع بها، اننا نتاكد بانه لا يتقارب من البعض او يخفف من مشاكله او جدالاته وصراعاته الذاتية الا ان شعر حقا بوجود دافع وحيد وهو  اما وجود من يتربص به او يلمس حقا وجود عدو او ان مرر عليه الساسة وجود خطر حقيقي او صنعوا له الفزاعة او عدوا وان كان وهما . اي الدافع هو محاربة الاخر بمجرد صنع العدو له، وتوحده هذا ليس مبنيا على الدفاع عن النفس كما يمكن ان يفهم البعض . اي المهم هو الهائه بوجود الاخر المتربص او اشغاله به، ويمكن ان يتراصف ويوحد نفسه قليلا كان ام كثيرا وفق وجود طبيعة  ونوع الاخر المتربص ونياته وما يتمتع به .

هذا اي صنع الفزاعة ان كان موجودا بنسب مختلفة  في الشعوب الاخرى وتعتمد عليه المؤسسات الاستخباراتية والمخابراتية الكثير وخاصة في دول العالم الثالث من اجل الخلاص من حدوث مالا يفيد السلطات فيها، فان العراق غارق فيه سياسيا واجتماعيا ايضا بشكل عام وخاص وهو يسير وفق مثل والحكمة الجميلة!! (انا واخوي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب) وهذا يطبق فعليا مابين المذاهب وا لاعراق الموجودة الان في العراق، ولا تمت هذه الميزة والصفة العامة بالمواطنة بشيء من قريب او بعيد .

العراق يعيش اليوم في ازمات عدة اقتصادية وسياسية وثقافية وحتى اجتماعية خطرة وجدت نتيجة كل تلك التغييرات التي حدثت خلال العقد المنصرم . بانت وطفحت الى السطح ماكان مستورا ومغطاة بطرق واشكال غير ملائمة او مؤقتة، التعصب الديني المذهبي العرقي ليس ناشيء ومنبثق خلال لحظات او ساعات او سنين او عقد او عقدين، او من فعل الواقع الجديد كما يدعي البعض بل كان موجودا في كل العصور الماضية، لذلك عملت عليه السلطات المتعاقبة دون ان يحس به احد وبالاخص النظام البعثي السابقعمل وفقها بالتاني والهدوء ومن غير اية ضجة  .

كتبنا كثيرا ونعيد، لم يكن ابن المحافظات الغربية كابن الجنوب ولم يكن ابن كوردستان كالاثنين الاخرين ايضا من كافة النواحي، والفروقات واضحة، بل عملت عليه السلطة بنجاح وتمكنت من فرض الفروقات في المواطنة وبنت افكار، وان تحسس منها الكثيرون من المثقفين، وخلقت درجات مختلفة من ما يمكن ان نسميه تدرج المواطن العراقي ووزعهم الى درجات متفاوتة جدا، ولكن البعض يقول العكس اليوم لكونه يعيش في ازمة اخطر، او لا يدرك ان ما فيه العراق نتيجة تلك السلبيات التي افرزتها افعال  السلطات السابقة وكان النظام السابق في مقدمة الجميع .

و بناءا على ما عرضناه، فكيف لكل طرف من الموزائيك العراقي  ان يتعامل مع الموجود الناشيء من القديم الحديث . وهنا اتكلم عن الكورد وربما اعود في كتابات اخرى عن الاخرين من الشعب العراقي .

 المعلوم عن الكورد وتعامله مع ما يجري في العراق بانهم ربما يجمعهم التعصب العرقي الذي يتمتعون به بدرجة ما اقل  مما يتمتع به غيرهم، وهم اكثر منهم كما هو المؤكد والمسلم علميا لان الكثير منهم ابناء الثقافة الاتية من التعصب الصحراوي  نتيجة الاحتلال الجزيري للعراق ابان الفتوحات او الاحتلالات الاسلامية . وعاش الكورد دون ارادته تحت خيمة دولة قومية اخرى في اكثر مرحلة مرارة له من تاريخه، وان عاش في كنفهم الا انهم لم يحسبوا لخصوصيته في اية مرحلة كانت من تاريخه، لذا وبعد اكثر من ثمان عقود متتالية تحمل كل ما يَقال عن الاستعمار الداخلي من الدولة ذاتها والخارجي من ما احتله الاستعمار البريطاني ومعه المكونات الاخرى ومسه ما تدخل به الاخرون من دول الاقليم وفُرضت عليه افرزات ونتائج الحروب والمآسي التي مرت بها دولته  المركزية ومع ما فعلته هياي الدولة المركزية به قصدا اضافة لما جرى للجميع، وهو يعيض هكذا خلال كل هذه العقود المتعجرفة الضاغطة عليه.

اذن كيف هو التعامل المثالي من قبل الكورد وبهذه الخلفية المريرة سياسيا مع ما يمر به العراق خلال هذه المدة والايام، وما يحدث لا لم يشهده العراق من قبل ولا يمكن ان يحدث مستقبلا .و لا يمكن ان نقول بانه يجب ان يستغل ما يجري وما متوفر من الفرصة،  الا انه يجب ان يسايس ايضا وفق ما يتطلبه واقعه ومصالحه ، كيف ؟

قبل ان نقول رأينا، يجب ان نقول بان الكورد بانفسهم وفي داخلهم ليسوا بافضل من العراق ان لم يكونوا اسوأ منه، من الناحية السياسية والاقتصادية بشكل خاص، فهم غير موحدين ولم تسر العملية السياسية والتجربة الكوردستانية بشكل سليم بل شابته النقوصات والنغوصات وابتعدت عن كل السمات والصفات التي تدفع الى نموه وتقدمه ، لا بل تراجعت عما كانت عليه قبل سنوات، واقتصاده فاشل ولم يتمكن من توفير ابسط حقوق المواطنين، وتُفرض عليهم سلطة دكتاتورية فاسدة همها الوحيد تامين مصلحة عائلة وحزب وحلقة ضيقة دون النظر الى المستقبل وما يهم الشعب بشكل عام . ويعلم الجميع ما هو فيه اقليم كوردستان من الازمات الحالية، وعليه يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار كل تلك الخلفية الذاتية ايضا في كيفية التعامل مع المركز العراقي اي بغداد وما يجري فيه اليوم .

انني ارى فيما فيه العراق من الازمة التي تخنق الجميع يجب على الكورد اما ان يغامر ويفعل ما يضمن مستقبله ووفق ما لديه من النقاط القوة والضعف ويعلن عن مايؤمن به من بناء وما يقر لدولته الخاصة ويحقق امال شعبه القديمة الجديدة، ويسير في مسار وان كان غير مضمونا، ولكن وان لم ينجح لا يمكن ان يترتب عليه اكثر من ما هو فيه اليوم من الافرازات الاتية من المركز وتعامله معه من قطع الميزانية والاستعلاء في هذا الوقت وهو غارق في المآزق وكيف يكون غدا عند انفلاته منها . او يعود سالما مسالما كما كان ويخضع كليا الى ارادة المركز ويعود في الخطوات البسيطة الخاصة التي اتخذها في شانه الخاص  نتيجة امر الواقع، ويكون بمثابة انتكاسة على اكثرية الشعب المطلقة  المؤمنة بالاستقلال وبما ضحى من اجله . ويعلم الجميع ان لم يتخذ خطوة من هذا القبيل وباي اتجاه منهما سيكون مهتزا من جميع النواحي لو سار الوضع والواقع كما يسير الان ويضع نفسه في الخطر الاكبر .

اي التعامل المطلوب مع ما يجري من الفوضى العارمة التي لا يمكن ان يشهده البلد مرة اخرى كما هو عليها الان، ويمكن ان يعتمد الكوردعلى الاستراتيجية المختارة من قبل الاقليم وليس على وفق ما تحتاجه بغداد في هذه الايام، والعائق الوحيد الخطر هو عدم التنسيق والتجانس بين الجهات وهذا ما لم نشاهده لحد الساعة والتعاون على مستوى مرضي .

اذن، خلاصة الكلام هي: اما التقاطع في هذا الظرف وبكل ما يمكن التحمل من اجله او التراجع عن ما كان عليه الاقليم خلال هذه المدة كي يتساير مع بغداد ويرضى بما يُعطى له من جميع النواحي، والطريق الثالث وهو السير على ما يحدث كما سار عليه من قبل دون تخطيط وتنفيذ ما يقع عليه في بغداد دون ارادته وبنظرة واعتبار غير مقنع في قرارة ذاته، وهذا ما يمكن ان ينتج الاخطر ولم يعلم نتائجه احد ومستقبله غير مضمون .  اي الواقع العراقي الفوضوي الذي نعتقد بانه يستمر لمدة ليست بقليلة يحتاج من الكورد ان يتخذ خطوات استراتيجية باتجاه معين وان يختار احد الهدفين الاستراتيجين اما الانفصال او الانصهار في النهاية .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم