آراء

المشهد السياسي والحل المختزل

ahmad fadilalmamoriلا شك أن العملية السياسية في العراق امام مفترق طريق، وهو احد خيارين اما المضي قدماً في مشروع ما يسمى تمثيل المكونات والاستمرار بالمحاصصة، او اختيار الطريق الثاني الاكثر نجاعة والوصول الى تبني منهج الاصلاح البرلماني وهو خيار واقعي وفق رغبة ومصالح  الشعب العراقي .أن الانقسام الذي اصاب مجلس النواب وإصرار المحتجين والمعتصمين على تغير الرئاسات الثلاثة فقط ولا يتعدى الاستحقاق الانتخابي وهو تغير جزئي نحو عملية الاصلاح ولا يقترب من الاسس التي بنيت عليها العملية السياسية وفق تقسيم المكونات وهذه المرحلة لا ضير فيها والابقاء على التوافق السياسي، بما يضمن البدء بعملية الاصلاح البرلماني، الذي يتمحور حول منهاج بناء دولة واضح وشفاف،  بداً من البرلمان الى الحكومة بمؤسساتها التنفيذية والهيئات المستقلة  والحكومات المحلية، دون وضع الحواجز وكسر الاطواق الحزبية والكتلوية التي هي قوالب اوجدها الاحتلال الامريكي واعطها دور اكبر من دورها كمؤسسات وأكبر من دورها البرلماني الذي هو اساس النظام كسلطة برلمانية، وهي خاضعة  لشروط الأحزاب في كل مسألة تمس هذا الاستحقاق وتغيب واضح لإرادة  الناخب والتعبير عن مقدرات ومصالح  وأمال الشعب العراقي، مما افقدها  الرؤية في مصالح المواطن و مقدراته كخيار للوصول الى سبيل ارضاء وغرور قادة الكتل والاحزاب  وهي تفي بمتطلبات الشخصية العراقية المتأزمة  ولاستحواذيه على كل مقدرات الشعب  والمواطن وابقاء الفرد هامشي تابع اسير لحاجة الحزب أو سياسة الكتلة وهو تمثيل ما تحت مصالح رجال الديني باستمداد فروض وتبعيات الطاعة للأشخاص من قيادات هذه الأحزاب الدينية والايمان بمرجعيات  وفق مفاهيم الموروث الديني، أما الأحزاب العلمانية يختلف مفهوم الانقياد وفق اطواق التسلسل الهرمي ومراكز الاشخاص والقرار ونوعية القيادات ولكنها  متشابه، وجهين لعملة واحدة، عدم وجود قيادات او وجود بديل نوعي وانما توريث وموت الحزب بموت المؤسس .

أن خروج نواب الاحزاب المعارضين  لتغير الرئاسات الثلاثة بدأ برئاسة مجلس النواب سوف يضع كل مجلس النواب امام مسؤوليته التاريخية والاخلاقية والقانونية والدستورية، واعطاء تصور وبرهان قاطع انهم ضد الاصلاح وهم لا يوافقون على اي اجراء يمس بهيكلية المحاصصة والامتيازات واصلاح ما أفسده التقسيم غير العادل بأثنية وطائفية وقومية الشعب العراقي، وفق خطط الاحتلال وقبول هذه الاحزاب بمبدأ الشراكة والتوافق السياسي، اليوم عندما ترفض احزاب المجلس الاعلى وكتلة الاصلاح وكتلة بدر وحزب الفضيلة والحزب الاسلامي والكتلة الكردستانية وقد يلتحق بهم اعضاء أخرين نتيجة الاوامر أو الضغوط لان عملية المس بنظام الاستحواذ يؤدي الى فقدان المصالح . هنا اصبح خلل يمس الامن الاجتماعي والسياسي العراقي ممثلا بانشقاق وتأييد غير مدروس ورفض غير مبرر من قبل هذه الاحزاب والكتل لعدم تغير المعادلة الطائفية وتغير بنود الدستور الاحمق الذي كرس هذا الوضع .   

 هذه المكونات المجتمعية وهي التي مثلت الطائفية السياسية (بأحزابها الشيعية والسنية) بحكم الامر الواقع غير الدستوري وهي تسعى لتعميق وتجذير الخلافات وعدم الخروج عن هذه التوليفة المتناغمة،  وحل المشاكل بالطرق السلمية، وبناء تجربة دمقراطية حقيقية مؤمنة بالإنسان وتحفظ دماء الشعب بمعزل عن توافقية المصالح وانهاء المحاصصة الحزبية كخطوة اولى ومن ثم انهاء الطائفية السياسية كخطوة ثانية، من خلال احزاب عابرة للمكونات بعد تعديل الدستور المشؤوم والذي مثل ارادة الاغلبية حسب ما عبر عنه قادة الكتل السياسية والدينية والاجتماعية في وقت التصويت، ولكن عقبة التصحيح تصدم بالأحزاب الاسلامية  (الشيعية والسنية) وهي احزب السلطة التي تؤمن بمشروع الاقاليم واصرارها على تنفيذه الذي هو خلاصة الرؤية الدينية والتاريخية والاجتماعية لقادم الايام .

ان هذه الاحزاب التي قاطعت جلسات النواب المعتصمين وقسم منها يرغب بانتخابات مبكرة للاستحواذ على اكبر عدد ممكن من المقاعد على حساب مصالح الشعب العراقي والاخرى ترغب بإبقاء المكتسبات التي حصلت عليها سابقاً في التمثيل والنسب كمعادلة للمساومة المستقبلية،  أما الاحزاب الاخرى وبدوافع التأثير الاقليمي والخارجي تعارض الاصلاح وفق اولوية خيار الشعب، وهذا ما لا يقبل به الشارع العراقي اولا والنواب المعتصمين الذين افشلوا هيمنة الاحزاب في تسوية الامر وفق خيار الاسس والثوابت . والسبب أن النواب المعتصمين الذين مثلوا النصاب القانوني في البرلمان . ولكن المفارقة أن تشكيلة مجلس النواب (المعتصمون) . وهم ليسوا من لون واحد أو حزب او كتلة واحدة وانما جاءوا على اساس الصحوة الضمير العراقي وتأييد ورفض الشارع للأوضاع المزرية والمأساوية في العراق .

 

احمد فاضل المعموري 

 

في المثقف اليوم