آراء

كوردستان الجنوبية الى اين؟

emad aliسؤال عادي يساله كل منا في اية لحظة، ولكن ما تشهده كوردستان بشكل عام وكوردستان الجنوبية بشكل خاص يدعو الى التامل والتمحص قليلا كي نعلم بصعوبة ظاهر وليس مكنون ما نراه غدا، وما نصل اليه في ظل التعقيدات التي تشهده هذه المنطقة في الشرق الاوسط والعراق بشكل خاص، لما له علاقة مصيرية بما يجري في كوردستان، ويتاثران بالبعض بشكل مباشر لما هما فيه من القلاقل وعدم التراخي وحرب داعش المهيمن مع الخلافات الداخلية الكبيرة بين الجهات العراقية مع بعضها من جهة والجهات الكوردية ايضا مع بعضها وبين الجهات العربية والكوردية العراقية التي تشارك في البرلمان العراقي بمقتضيات المستحقات الانتخابية من جهة اخرى، وليس وفق اقتناع الطرفين او الاعتبار لما يجب ان يكونا فيه لتطبيق الدستور كما هو الظاهر فقط، وايضا فيظل ما يجري في كوردستان من الاحداث الخطرة التي تفرز منها في هذه اللحظات السلبيات المؤثرة على مصير الناس اكثر من اي شيء اخر .

ان تركنا ما يجري بين اقليم كوردستان والعراق جانبا لفرصة اخرى يمكن التحدث عنها، وناتي الى داخل ما نحن فيه، فان الوضع الداخلي الكوردستاني في حال لم تشهدها في اية مرحلة سابقة ما بعد انتفاضة اذار وحتى اثناء الحرب الاهلية الداخلية بين الحزبين الرئيسين المتنفذين المسيطرين على زمام الامور منذ عقدين ونيف، رغم اختلاف موازين القوى وسيطرة الديموقراطي الكوردستان على السلطة، على الرغم من عدم تفوقه الجماهيري والشعبي بل لالتفافه حول الديموقراطية مستغلا الكوتا والترغيب والعنف والقانون الانتخابي وما يفعله اثناء الانتخابات من التزيف المشين في وضح النهار منذال دورات الانتخابية المتتالية . وهذا لا يعني ان الجهات الاخرى بريئة، بل ربما اقل شراسة وعدوانية وتاثيرا على مصير الشعب من الديموقراطي الكوردستاني .

ان جئنا من الاخير، فان الديموقراطي اتبع طريقة متخلفة لنزع الخلاف بينه وبين حركة التغيي،ر ليس لشيء وانما لانها فقط ارادت ان يكون النظام برلماني ويُنتخب رئيس الاقليم من البرلمان، ويمكن تطبيق تداول السلطة لتثبيت اركان الديموقراطية المنشودة، اي كل ما ارادته لم تكن فقط لصالح شخص واحد وان لم يكن حتى ضده، بل يمكن ان نقول انه في النهاية يقع لصالحه ايضا، هذا في المقابل من مصلحة جميع الشعب الكوردستاني قاطبة ومن ضمنهم عائلة البرزاني وحزبه ومستقبل الاجيال جميعا . فهل هذا من حق ان يرفض شيء ما يهم الجميع عداه، وبه ارتفعت منحني الخلافات ووصلت الحال الى منع رئيس البرلمان الكوردستاني من قبل قوات امن البرزاني من وصول البرملن وطرد بقرار منه شخصيا الوزارات ونفذها ابن اخيه خانعا مخضوعا دون ان ينبس ببنت شفة . وحدث ما لم يكن بالحسبان ان يقدم من يعرّف نفسه بمهموم قضايا الامة الكوردية الى هذه الخطوة الكارثية البعيدة عن بدايات الحياة الديموقراطية واحترام القانون . وكشف بذلك زيف ادعائاته باحترام الديموقراطية، وكل ما يتزايد عليه من الحياة الحرة الامنة لا يسواي عنده لحظة تمتعه بلذة السلطة، وهذا من بؤس الشعب الكوردي الذي عانى من هذه الصفة في الدكتاتور العراقي واليوم يعانيه من الشخص الاول في سلطته الذاتية، ويبدو ان الشرق الاوسط لا تخلو من هذه الشخصيات التي خلفها لنا التاريخ المظلم .

دخل الوضع في متاهة يصعب الخروج منها بعد ان اقترب الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير في اتفاق سياسي او ائتلاف على غير ما كان يتوقعه الديموقراطي الكوردستان واحس بانه اصبح في زاوية لا يمكنه ان ينفلت منها الا في المراوغة والابقاء الوضع على ماهو عليه لحين الانتخابات المقبلة ولا يمكن توقع ما يحدث عنها في ظل التوترات المسيطرة على الواقع، على ارغم من ان الاتفاق عادي وكل ما فيه لا يرضي البرزاني لانه يؤكد على انتخاب رئيس الاقليم من البرلمان والنظام في كوردستان برلماني على غير توقعه . ونشهد منذ مدة ما يحصل ويخرج البرزاني كل يوم بمزايدة واضحة ليغطي بها فشله في الحكم وتراجع الواقع الكوردستاني حتى عن ما كان عليه في السنين القليلة الماضية، يخرج بادعاء الاستفتاء واستقلال كوردستان ليس الا مراوغة سياسية تكتيكية يراد بها الخروج من العقدة والفشل الذي وقع فيه ويغامر على حساب الشعب عسى ولعل ان ينقذ نفسه، وربما يستفيد من الظروف الموضوعية المؤآتية لنيل ما يريد فقط، وهو ان يسجل به مجدا شخصيا له ليس الا، من دون ان ينتظر ما يُفرز من الخطوة والمغامرة وكيف ينعكس في ظل عدم تهيؤ الوضع داخليا من اية ناحية وخاصة في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي تلف حول عنقه وهي مؤثرة على حياة الشعب وفي كل مفاصل حياة الناس والسلطة ايضا . لا يمكن لاي سياسي ومراقب محنك ان يتصور ما نصل اليه مهما كان ذكائه يدعمه في قراءة ما يجري وفق الماضي وما موجود من العقليات الحاكمة من جهة او اللواعيب المنفردة على الساحة السياسية التي يقل عددهم عن عدد اصابع اليد، موزعين على حلقات متنفذة في الحزبين، وعليه لا يمكن تصور ما يمكن ان يخطونه نتيجة عدم معرفة مسار عملهم ونظرتهم وكل ما يقدمون عليه ليس ما يهم الوضع العام والشعب وانما من منظور المصالح الخاصة القحة بهم فقط . وعليه يمكن ان نتصور شيئا وياتي العكس تماما، وهذا ما ينطبق عليه ان نقول اننا ننتظر القدر الاتي من هؤلاء الجهابذة!! الجاثمين على صدور الشعب الكوردستاني، وعليه لا نعرف اننا نسير الى اين وما هي وجهتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم