آراء

من يمثل اليسار في كوردستان؟

emad aliتغيرت الاوضاع السياسية الكوردستانية بدرجة فائقة واصبح ما وصلنا اليه خارج توقعات المحللين والمراقبين من كافة الجوانب، اي سرعة التغيير (نحو الاسوا للاسف) كان قياسيا بحيث لا يمكن ان تتمعن فيما وصل اليه واقع كوردستان ولم تلعن المسبب، والتغيير شمل نواحي كثيرة وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي الذي اصبح على شفا الانهيار الكامل، والسياسي المتراوح في مكانه، والثقافي المثبط لعزيمة الشعب وبروز ما يمنع التقدم، والاجتماعي المتخلف لا بل السائر نحو الخلف اكثر يوما بعد اخر، هذا ما يجري رغم الظروف الموضوعية الى الحد الايجابية نسبيا اثر التداخلات الكثيرة بين المجتمعات المختلفة وتاثيراتها على البعض في الواقع الحداثوي في العالم الثالث ونتيجة حرية التواصل وما يصل الينا من المؤثرات الايجابية نتيحة التغييرات الموضوعية عالميا، وفي المحصلة هي التي تفرض نفسها على الواقع الداخلي الكوردستاني بشكل كبير مقارنة مع العقود الماضية التي كان الواقع الكوردي في حالة انعزال كامل تقريبا .

ان دخلنا مباشرة فيما نريد وانطلاقا من تلك الارضية ومن نظرة واقعية بعيدا عن النصوص الخيالية النظرية التي تعودنا عليها في تحليلاتنا، واننجرب ولو مرة نتلكم من الارض، يمكن ان نعرف من هم ممثلو اليسار وكيف يعملوا على ضمان حقوقهم بالدرجة الممكنة ومن هم الطبقة الكادحة وما جرى عليها من التغيير من حيث التركيب والتفاعل مع البعض، بحيث بمكن ان نقول اختلطت الطبقات ولا يمكن تميزها بشكل جلي بحيث يمكن ان يتعامل اي احد معها ويعمل لصالحها اي لصالح الطبقة الكادحة العريضة القاعدة على الاقل . اي عدا ما موجود من المشاكل والتعقيدات السياسية لم تصل الطبقية في مجتمعنا الكوردستاني الى درجة من النضج والتمييز بحيث يمكن ان تتحرك ذاتيا وتصبح معها قادرة على تاسيس ممثلية لها، ويمكن ان نتصور ان يكون نضجها في درجة يفرض عليه تصحح المسار ذاتيا وتمتنع عن التدخلات المصلحية للطبقات الاخرى في شؤونها او تسد طريقعلى ممثلي الراسمالية في ضرب مصالحها . انها اصبحت على حال دخلت فيها كل ما يمكن ان يؤثر ويستخدم الوسائل الملتوية للنيل من اهدافها وحتى كينونتها .

هذا من الناحية الاجتماعية او ما يمكن ان نقيم ما هو الشعب عليه من الناحية الطبقية، اما سياسيا، فان القوى والجهات الموجودة على الساحة جميعها بلا استثناء وحتى من تدعي بانها تعمل لصالح هذه الطبقة، فانهم لا يمثلون الا انفسهم والاهداف السياسية المجردة التي يحملونها بعيدا عن هذه الطبقة، وهم يدعون شيئا ويعملون اخر . لذا يمكن ان نقول بان الطبقة الكادحة غير الناضجة اصبح على مرمى من كل هؤلاء يستغلونها او يرمونها متى ما شاءوا لاهداف سياسية ذاتية بعيدة كل البعد عن مصالحهم . العملية السياسية وعلى ما هي عليه من الضوضاء والضجيج والخلط الحابل بالنابل والتراوح، بعدما اثبتت السلطة فشلها في سير العملية السياسية ووصولها الى نقطة الصفر، وما نراها من افلاسها كليا، فان من يعيش ضمن اطر الطبقة الكادحة هم وقود وضحية هذا الفشل قبل الجميع . على الرغم من ان اية جهة لا تجرا ان تعلن صراحة ماهو عليه الواقع وما يريده من الحل وكيف اوصلوا حال هذه الطبقة الى الماسآة . اي لا حزب ولا حركة ولا تنظيم ممثل للطبقة الكادحة التي فرض الواقع المصطنع والسياسة امورا عليها يمكن ان نقول انها اضاعت حتى طريقها الصحيح، واعاقت السلطة وافعالها الطفولية حتى عملية نضجها الذاتي الكامل الذي كان من المنتظر ان تصل اليه بعد عقدين من التحرر من ربق الدكتاتورية التي كانت السبب الاساسي في تشويها وتمزيقها، ومن ثم هذه الاحزاب العرقية الدينية السياسية والمصلحيين من الذين نفد تاريخ صلاحيتهم ولم يبق امامهم الا ان يدعوا انهم على خطى ضمان مصلحة هذه الطبقة لينقذوا تدني مستوى جماهيريتهم والتي وصلت الى الحضيض في القوى الكلاسيكية المدعية بانها من تمثل اليسار زورا وبهتانا، الا انهم تابعون للقوى التخلفية والمحافظة المتسلطة على رقاب الامة الكوردستانية، والحلقة القيادية الموجودة فيها هي المستفادة والمسيطرة والضامنة للمصالح الشخصية الحزبية الضيقة لنفسها، واصبح الكادح يرمق من بعيد ولم يستفد . هل يمكن ان نرى تحركا او تفاعلا ذاتيا من قبل هذه الشرائح المختلطة التي اساسها والجامع لها هي الطبقة الكادحة وتقع ضمن هذه هذه الحالة الخليطة، وانتشرت هنا وهناك، يمكن ان تتفاعل ذاتيا كي تتمخض منها بعد حركة ذاتية الصنع فاعلة رؤوس حقيقية مخلصة ممثلة لهذه الطبقة وتثبت نفسها على الساحة السياسية وتعيد ما يجري الى نصابها وتركّب كيانها السياسي الصحيح وتعيدها الى مكانها الحقيقي والى واقعها الطبيعي؟

 

في المثقف اليوم