آراء

هيئة النزاهة أوقفوا القرار !!

amira-albaldawiمع تصاعد المطالبة بالأصلاحات  ومكافحة الفساد في كل قطاعات الدولة  فأن العيون ترنو والاصابع تشير الى هيئة النزاهة لتدلو بدلوها  وتقديم رؤوس الفساد ، وربما ضغط الشارع  والمطالبات الكثيرة جعلت النزاهة تفتش عن أكباش فداء تشغل الرأي العام بهم، او انها استغلت الصلاحيات الممنوحة لها  حسب قانون هيئة  النزاهة رقم (30) لسنة 2011 للتمدد الى ابعد منها ولتشمل جهات اخرى ليسوا ممن كلفوا حسب القانون بتقديم كشف الذمة المالية  الذين تم تحديدهم  في المادة (17) من القانون  وهم احد عشر بندا من الموظفين والمناصب العليا في الدولة، الا ان نفس المادة أضافت الفقرة (12) (كل من ترى الهيئة ضرورة للكشف عن ذممهم المالية)، وتحت هذه الصلاحية المفتوحة  الا انها المؤطرة والمحددة  بما ورد في الاسباب الموجبة لتشريع قانون  هيئة النزاهة وهو الحفاظ على المال العام، وكل من يعتدي على المال العام من حق الهيئة مطالبته بكشف الذمة المالية ومحاسبته حسب القانون .

لقد اصدرت الهيئة مؤخرا قرارها المرقم  (408) بتاريخ  7/2/2016 بشمول رؤساء الجمعيات والنقابات والمنظمات  بتقديم استمارة كشف الذمة المالية . فشمل رؤساء منظمات المجتمع المدني  بهذا القرار مع انهم ليسوا موظفين حكوميين ولايستلمون رواتب من المال العام، وطبيعة عملهم لاتتيح لهم  التعامل مع المال العام، فهم اما متطوعين  ينفقون على نشاطهم من مالهم الخاص او يحصلون على منح مالية من مانحين دوليين او محليين بتوقيع عقود شراكة لادخل لها بنظام الدولة واموالها، فهل من حق هيئة النزاهة مطالبة رئيس منظمة المجتمع المدني الذي :-

1- طرق الابواب وخاطب المحسنين واصحاب رؤوس الاموال من التجار والقطاع الخاص  لجمع اموال تغطي احتياجات النازحين  او الايتام او الارامل

2- تعاقد مع منظمة دولية لينفذ مشروع في داخل العراق مقابل منحة مالية بالدولار لينفقها في بلده ولمصلحة  شرائح مجتمعه

3- تبرع من ماله الخاص ليقدم خدمات التعليم او الصحة او التوعية وغيرها لمجتمع في امس الحاجة لخدماته التطوعية

4- شمر عن ساعديه عندما حمي وطيس القتال ضد داعش ووفر المواد الغذائية  والملابس والمواد الطبية ووصل الى السواتر الامامية ليقدمها الى المقاتلين من القوات الامنية والحشد الشعبي

هل يحق لهيئة النزاهة ان تحدد عمل منظمات المجتمع المدني  او مساءلتها وهي تقدم التقارير  المالية السنوية الى الدائرة الرسمية التي منحتها اجازة العمل ؟  فضلا عن كشف حسابها المصرفي وتقرير مراقب حسابات خارجي، كل هذا تقدمه الى دائرة رسمية لاتوفر لها سوى شهادة تسجيل، واذا تعرض رئيس المنظمة للتهديد او القتل لانه ناشط يعمل في مجال مراقبة حقوق الانسان او مكافحة الفساد او غيرها فأن تلك الدائرة لن تقدم اي ضمانات  له او لعائلته، واذا أهين رئيس المنظمة او منع من الحصول على معلومة او تم طرد من دائرة رسمية او تعرض لأي مشكلة لااحد يهمه امره مطلقا فهو يعمل بمليء ارادته طوعيا لخلق مجتمع مسؤول متكافل معطاء سليم ومعافى ويتحمل في سبيل ذلك كل المطبات والمصاعب والمشاكل في اجواء  غير آمنة او مشجعة . هل يوجد عاقل يفكر بهذه الطريقة فيقطع اليد الممدودة والمعطاءة والأيجابية والمتفاءلة رغم الآلام والتشاؤم والقتل والدمار؟ انا وكل منظمات المجتمع المدني في العراق نرفع صوتا عاليا (اوقفوا العمل بهذا القرار) الجائر غير المدروس وغير المبرر والذي جاء في غير وقته وفي غير اوانه . وعلى الحكومة ان تتحمل تداعيات قرار كهذا قد يسبب ايقاف عمل المنظمات، فلماذا يعمل رئيس المنظمة وهو مشكوك في ذمته  الماليه التي لم تساهم الدولة في تكوينها او بنائها .

 

د. عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم