آراء

نهاية النكوصية

elmrazik almustafaما يعرفه المغرب اليوم من تغير اجتماعي في شكل نظامه الاجتماعي، يؤكده جل الممارسون للأدوار الاجتماعية المختلفة عن تلك التي سادت في زمن الضبط والضغط وأيام بداية الانفتاح السياسي والحقوقي وبداية مشوار النضال الديمقراطي، رغم استمرار هيمنة النزعة النكوصية التي لا زالت تهدد المكتسبات التي ضحى من أجلها المغاربة عقودا من الزمن.

و إذا كان التغير الاجتماعي ضرورة تاريخية وتحول مستمر، فإن تكتل القوى الديمقراطية لن يكون سوى وجها طبيعيا من وجوه التفاعل الاجتماعي مع ما يحدث في واقعنا الحالي من حركات اجتماعية واحتجاجية في أوساط النقابات وجمعيات المعطلين والنساء والشباب والأطر والمنتديات السوسيو- مهنية..و التي تشكل اليوم قوة جماهيرية ضاغطة على النكوصية وآلياتها المعادية لتطلعات المواطنات والمواطنين التواقين للحرية والتغيير.

لقد أكدت الأحداث الأخيرة أن النكوصية إنكشف مستورها وموتها بات وشيكا، لأن مستقبل المغرب لم يعد رهينة في يد المحافظين والتابعين لهم، وأن القطب الحداثي والديمقراطي فتح آفاقا أرحب في فضاء عالم ينحو كليا إلى التقدم والتطور، منتفضا ضد القطبية التقليدية والشمولية البالية.

إن انخراط عاهل المملكة في سوق النماذج الاقتصادية البديلة، جاء بعد فشل الحكومة في تدبير ملف الاستثمار وعلاقته بالتعاون الدولي، وكمثال على تردي هذه العلاقة، نذكر العجز التجاري الكبير من جهة المغرب في العلاقة مع دولة الصين، والذي بلغ السنة الماضية ما يفوق 25 مليار درهم. فيي حين وصلت الاستثمارات المشتركة بين الصين والجزائر إلى أكثر منن 10 مليار دولار. ولم نسمع من الحكومة ذات يوم أي تحليل من هذا القبيل، وما خفي كان أعظم في علاقتنا مع النماذج الاقتصادية الأخرى الصاعدة عبر العالم.

فبدلا من الانكباب على التطور الاقتصادي والاجتماعي لوضع المغرب على سكة الحداثة والتنمية الشاملة، فضلت الحكومة الانبطاح للنكوصية وبذل جهد مالي وإعلامي وسياسي للترويج لها، وذلك قصد حجب الحقيقة عن الشعب. حيث حققت حكومة السيد عبد الاله بنكيران أسوأ الأرقام على مستوى النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل مقارنة مع حكومتي إدريس جطو وعباس الفاسي السابقتين.

إنها الحقيقة المرة التي تؤكدها كل الأحداث والوقائع المتسارعة على أكثر من صعيد، ورغم ذلك لازال رئيس الحكومة، وهو في آخر أيام ولايته، يطبل ويزمر، شمالا ويسارا، وكأن شيئا لم يقع في عهده.

 أن المغاربة اقتنعوا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن مستقبل الاستقرار والأمان لن يتحقق إلا في ظل مغرب قوي بجغرافيته وتاريخه وخيراته ومناخه وتنمية بشريته الحضرية والقروية المنفتحة على العالم الجديد، وعلى تجارب رائدة أثبتت نجاعتها الاقتصادية والاجتماعية.

لقد قاوم المغرب عبر تاريخه النضالي والكفاحي كل أشكال الترامي على قيمه الحضارية والإنسانية، ورفض المس بتعدديته السياسية والثقافية وبهويته المشتركة. ولهذا السبب لن تصمد النكوصية ولن تعمر طويلا رغم آليات تحكمها، ورغم أساليبها الترهيبية والتشكيكية.

كل المؤشرات تحمل آمالا واعدة للنهوض بالديمقراطية الاجتماعية في مغربنا، وما الدينامية والحركية الاجتماعية التي مهما اختلفت معاركها تظل بوابة مشرعة صوب التغير الاجتماعي الذي يحتاج الى دعم أبناء الشعب الحالمين بتغييرات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وإلى تغيير الواقع الحالي وبناء مؤسسات حديثة قادرة على تحقيق الاستقرار السياسي وحماية المغرب من الهيمنة النكوصية ومن أي تدخل أجنبي كيفما كان نوعه.

 

المريزق المصطفى

 

في المثقف اليوم