آراء

اقرار حق تقرير مصير الكورد من مصلحة مركز العراق

emad aliاننا نسمع احيانا اراء متباينة حول اعقد قضية تاريخية في العراق، الا وهي القضية الكوردية، فمن الاراء دون مناسبة تفرض الكلام عنها؛ اي نجد فيها ما هي نابعة من اهداف خارج القضية ذاتها تخرج من اجل معتقدات وبيان ايديولوجيات مختلفة، فمنها معتدلة واخرى متشددة نابعة من الخلفية التي يتمتع بها القائل حول مصير الكورد ومستحقاتهم دون ان تعتمد اكثريتهم على التاريخ  بشكل علمي وما تفرضه الحقوق التي هي اكثر اهمية من ما سجله التاريخ، واننا اعلم بمن يكتب التاريخ ويخفي غير المرغوب او يطوي ما يحدث فيه لمصلحة المسيطرين دائما .

باختصار شديد جدا، ما حصل خلال العقود او القرن الماضيفي العراق لم يكن لمصلحة احد سواء كان في العهد الملكي او الجمهوري وما تخلله من الظلم على الشعب الكوردي، وما تسببته السلبيات التي برزت من العداء والصراعات المتكررة التي افرزت اكثريتها الخلفيات التعصبية العرقية والايديولوجية المستوردة دون ان تكون نابعة من الواقع ذاته، واديرت بعقليات خيالية دون التعمق بما يفيد شعوب المنطقة وبالاخص العراق بمختلف اعراقهم واديانهم ومذاهبهم، ان لم يُحسب مع ذلك ما افتعلته اصحاب المصالح والمستعمرين والمستفيدين من خيرات المنطقة بما تمكنوا منها بطرق شتى .

كلامي هنا على اهل المنطقة كما نقول نحن ابناء العراق منذ تاسيسه كيفما كان، مع ذلك كان هناك دائما عقول مؤمنة بحقوق الشعوب في اختيار ما هو الحق، وان كان على خلاف مع ما تحمل او تؤمن، اي لم يخلو العراق دوما من الخيرين اصحاب الرؤى والنظرة المنصفة الى قضايا الشعوب ومنها الشعب الكوردي، ونلمس في كل مرحلة ممن يجب الاشارة اليهم بصوت عالي لكونهم تكلموا في وقت لم يتمكن الجميع ان يجرؤ على تلك الكلمات .

لو تكلمنا بحيادية ودون اي انحياز للخلفية القومية التي نعتنقها، ونقيم ما نحن فيه اليوم وفي هذا العصر بالذات، نرى هناك التقدم في النسبة التي تحمل النظرة الانسانية الحقة الى الاخرين لو قورنت مع العقود الماضية وبالاخص مع فترة التعصب القومي، وهذا نابع من الدوافع الانية التي برزتها التغييرات الشاملة في عقلية الانسان الشرقيو منهم العراقي، والتهميش الحاصل في التعصب والتشدد في التمسك بمفاهيم نفدت مدة صلاحيتها لو عرفناها لما فيه الحياة من الانسانية المسيطرة في هذا العصر (على الرغم من وجود الشواذ او المتحفظين والمتخلفين والمتمسكين بما عفى عنه الزمن من الفكر واصبح في عهدة التاريخ فقط كما هي حال داعش وسلوكه وعقليته) .

لو تجسد الوضع المسترخي والسلام والامان في العراق وتلاشى ما توارثته بعض القادة من السلف بقناعة ذاتية تامة اي تفاعلوا مع الحداثة، لكانت الامور تسير وفق ما تشتهيه الانفس الصالحة والعقلية العالية .

ان تكلمنا عن اسباب واستفادة العراق من اقرارهم لحرية حرية الكورد في التوجه واقرار مصيرهم وتحديد مستقبلهم وتعاملهم مع قضيتهم لما امتنع اي كان من الاحرار والاخيار واصحاب الحل والعقد والمتمكنين من قادة العراق عن فسح المجال والحرية في خطو الكورد لما هو سائر عليه، لا بل كان من منفعتهم ان يساعدوهم ويتعاونوا معهم، من اجل ضمان امانهم وو استقرارهم النهائي لهم هم قبل الكورد، ومن اجل فرض الاخوة والسلام الدائم بين المكونات دون اعطاء اية فرصة لتكرار ما حصل واضر الجميع دون استثناء .

من الناحية السياسية سيستفيد المركز العراقي من تقرير المصير وان كان الاستقلال كاخر حل، بحيث تنتهي المشكلة المعقدة العويصة وسيكونو جيرانا متحابين ومتكاتفين ومتعاونين بدلا من وجودهم في البيت الواحد وهم متخاصمين، اي تقرير المصير لكوردستان هو تقرير المصير الجزء الاخر من العراق ايضا سواء كان سياسيا وامنيا فانه ضمان لمستقبل للشعبين دون ان تكون هناك فرصة لسفك قطرة دم اخرى .  ويمكن ان يتحالفوا وينسجموا من اجل سد الطريق امام تدخلات المغرضين بشتى الوسائل المتوفرة لديهم، وفي مقدمة العوامل التي يمكن الاستناد عليها هو التجانس والمصاحبة والتداخل الاجتماعي الاخلاقي الثقافي بين المكونين العربي والكوردي المستمر منذ فترة طويلة واصبحت لهم نقاط مشتركة من كافة الجوانب .

لو ادار النقاش والتفاهم والاقرار بما ينوي اي طرف تحقيقه من الاهداف ومنها حق نقرير المصير بعقلية وتوجهات انسانية مجردة بعيدة عن الخلفيات التاريخة السلبية المؤثرة على النفوس والعقول، ولو ابتعد التعصب وكان التفاوض عقلاني بعيدا عن المصالح الحزبية الايديولويجة الشخصية الضيقة، فان اقرار المصير لشعوب العراق بعربه و كورده سيكون سهلا للغاية ولاقتنع الجميع بما يصبح لديه وهو فرح .

اما من الناحية الاقتصادية المرتبطة بشكل وثيق بالجانب السياسي، فان لدى الطرفين مركز العراق واقليم كوردستان ما لديهم من الاماكنية الاقتصادية والثروات التي تدعهم الى عدم التعدي على البعض، وبامكانهم مساعدة البعض في الشان الاقتصادي ايضا بما يدعم ويمكن الطرفين تحقيقه بشكل جيد .

ان كنا نعتقد وجود الحل الملائم ونفكر بشكل عقلاني صحيح، نعلم ان الدولة ليست الا وسيلة لتنظيم الشعوب من اجل ضمان السعادة والعيش السليم لهم، ومن هذا المنطلق يمكن ان نقول؛ لو كان العمل المشترك بين المركز والاقليم وفق هذه الرؤى لما برز عائق امام عملهما وان كان تقرير مصير االسعب الكوردي في مقدمة اهداف الكورد . لا نعود الى التاريخ ونتحاسب بما اضر القضية الكوردية وبالشعبين وكيف مهد الارضية للتدخلات المغرضة المشبوهة واوصل الحال الى امتداد الحروب الداخلية والخارجية لهذا الحد الذي لم يكن انفصال الكورد من العراق في زمنه اي ضرر يمكن يحتسب لو قورن بما حدث . اي يفترض اخذ العبرة من التاريخ لعدم تكرار ما حدث، ويحدث ذلك من تعاون الخيرين الحاملين للعقليات النيرة الموجودة والجلوس بنوايا محبة للطرفين فيمكن حل هذه القضية دون ان يتضرر اي طرف سياسيا اقتصاديا اجتماعيا مهما كانت افرازات القرارات الصحيحة ومعطياتها مستقبلا.

 لو تعمقنا بنظرة تقيمية ثاقبة بمقياس العقلية الانسانية التقدمية لهذه القضية ومن اجل ايجاد الحل السليم المفيد للطرفين، فان مركز العراق كيفما كانت النتيجة فان كانت بقناعة ستكون اكثر استفادة منالنتيجة مقارنة باقليم الكوردستان، وتختصر الطريق امام الحلول وستنتهي المتاهات التاريخية التي دخلت فيها القضية وتعقدت بشكل كبير جدا. فنحن بحاجة الى تلك العقليات والنوايا الجميلة الانسانية المحبة للشعبين ونهاية النفق مليء بالنور للعقلاء الخيرين الانسانيين المتفائلين والمقتدرين من اخراج العراق قبل اقليم كوردستان من هذه العقدة المتشابكة، وما داعش الا قضية عرضية في مسار تاريخ العراق الحديث .

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم