آراء

علجية عيش: النخبة المثقفة في تركيا ونداء الوطن.. 15 جويلية (تموز) ثورة ديمقراطية وليس انقلابا

eljya ayshأجمعت الطبقة المثقفة في تركيا على جعل 15 جويلية (تموز) عيداً وطنيا للديمقراطية في تركيا،  وذلك بدفن الشعب حقبة الانقلابات على نحو لن تتكرر فيه مرة أخرى بعد الآن، وأكدوا أن وقوفهم ضد الانقلاب ليبس من أجل أردوغان وحده  بل من أجل من هو أغلى من أردوغان.. من أجل الوطن، والجمهورية، والديمقراطية، فالشعب التركي لم ينقذ الخيار الديمقراطي في تركيا فقط، بل أنقذه على مستوى المنطقة، وأكد المثقفون الأتراك أن الشعب التركي أثبت  أنه مدرسة ومنهاج يقتدى به وأنه شعب عظيم قل نظيره في هذا الزمن

فهذه الكاتبة التركية حليمة كوكتشة في مقال لها نشر في صحيفة "تركيا براس" تقول أن تركيا منذ  عام 2013 حتى الوقت الحاضر وهي في مرحلة انقلاب بطيئة، بتحالف القوى الخارجية وحلفائها في الداخل يحاولون جر الثورة الهادئة التي حققتها تركيا منذ عام 2002 وحتى الآن، إلى حلقة انقلاب بطيئة، وجعل تركيا في حالة صراع مفتوح وإضعاف الثقة بالسياسة والديمقراطية، وتجزئة وتقسيم الشعب، ولكن الشعب تصدى وبصبر كبير خلال ثلاث سنوات وبوحدة ضد محاولة الانقلاب، وبوجود الشعب في الشوارع سيفهم أولئك المهتمون بالسيسي بصعوبة بالغة أن تركيا ليست مصر، وقال الكاتب علي حسين باكير أنه  من المفارقات أن فشل محاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا في تلك الليلة ستعيد ربما كتابة التاريخ التركي وتسطر نهاية عهد الانقلابات في البلاد وتحمل معها بصيص أمل لشعوب المنطقة، وأضاف بالقول انه لا شك أن هناك الكثير من الدروس التي يمكن أن يتم استخلاصها في العالم العربي من هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة، وهذا بفضل تماسك السلطة السياسية في البلاد، التي أدركت أن شرعيتها تأتي من الشعب وليس من الدبابة أو من الخارج، وأكد أن ما حصل كان استثنائيا بكل التفاصيل، مشهد غير مسبوق في الشرق الأوسط، ربما المرة الأولى التي يتم فيها إفشال محاولة انقلابية حقيقية مكتملة الأركان، ورغم أهمية هذا المشهد فإن دلالاته ورسائله أعمق بكثير منه، وكما كانت التجربة التركية في المرحلة السابقة مثار اهتمام منقطع النظير في المنطقة والعالم، فإن تجربة إفشال الانقلاب ستحظى بالتأكيد باهتمام أكبر لاسيما في ظل ما تشهده المنطقة.

أما محمود عثمان، فقد كتب مقالا مطولا نشره موقع "تركيا براس"، وصف فيه الحشد الجماهيري المؤيد للرئيس التركي طيب رجب أردوغان، وقال أن  الشعب  التركي عازم ومصمم على التضحية، ورفع الحس الوطني إلى ذروته، وكشف محمود عثمان عن رسائل تحذيرية تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي يشبه مرسلوها ليلة الانقلاب بيوم غزوة أحد، وتدعو الشباب للرباط حتالى يوم الاثنين، وعدم إخلاء المواقع، خشية عملية التفاف بديلة يمكن أن يقوم بها الانقلابين، واعتبر هذه الرسائل شعور  بالفخر والاعتزاز لدى الغالبية العظمى بأن الشعب التركي نجح في حماية أغلى ما يملك.. نجح في حماية ديمقراطيته اليافعة، التي قدمت من أجلها أنفسًا غالية، وقالوا أن وقوفهم ضد الانقلاب ليبس من أجل أردوغان وحده  بل من أجل من هو أغلى من أردوغان.. من أجل الوطن، والجمهورية، والديمقراطية.. نعم لقد نجح الأتراك،  أضاف محمود عثمان وربما للمرة الأولى في تاريخهم الحديث، في رص صفوفهم من أجل أداء صلاة الجنازة على حقبة الانقلابات العسكرية، ليدفنوها في مزبلة التاريخ إلى غير رجعة.

أما مولاي علي الأمغاري  فقد اعتبر أن الرئيس أردوغان  والشعب التركي علّم  العالم درسا عظيما في تلاحم القيادة المخلصة بالشعب الوعي الراقي، وقال أن الانقلاب الخامس بتركيا الحديثة أفشله إخلاص فخامة الرئيس "الطيب رجب أردوغان" طيلة مسيرته السياسية لشعب التركي ولوطنه ودينه وأمته وإنسانيته،  كما اعتبر الانقلاب الخامس بتركيا الحديثة فشل فشلا ذريعا وفشل ورائه كل الانقلابيين في العالم وكل القوى الإقليمية والدولية التي قامت بدعمه في السر والعلن، والدليل تأخر الإدانات الدولية والإقليمية (باستثناء قطر والمغرب وبعض الدول الصديقة...، و يقف إلى جانبه الدكتور  إبراهيم عبد الله سلقيني مختص في الفقه الاجتماعي، عبر عن موقف العب التركي والمضمون الذي قدمه من خلال هواتفهم التي نقلت وحشية الانقلابيين ضد الشعب،و عدم تأخر الرئيس في التواصل مع شعبه، من خلال عقده مؤتمرا صحفيا اشاد فيها بالوعي  الإعلامي والشعبي الذي فهم أن الإعلام رسالة، وهذه الرسالة تتمثل في نقل الأخبار التي تغير الواقع وتشكل المستقبل وتبنيه نحو الأفضل.

ونقرأ رسالة الأستاذ عبد الإله فهد التي يقول فيها: "في زحمة المستجدات، وتعاظم الخطوب، وتوالي الأحداث الجديرة بالتأمل والتحليل، قد يجد البعض أنفسهم في عجز إدراك ما يبصرون، وعن فهم ما يسمعون، عجز عن تقدير الموقف وتأويل أبعاده، وقد  يسهل على من يراقب الحدث بعد وقوعه، أن يسترسل في إطلاق الحكم والمواعظ وأن يستسهل ابتكار التحليلات والقراءات، أن يصف ما جرى بأنه سحابة صيف، أو زوبعة في فنجان، لكن الحقيقة أن تركيا   اليوم تفتح فصلًا جديدًا مع فصول تاريخها وتاريخ العالم، فصلًا لا يستمد قيمته من الماضي بقدر ما يستمده من المستقبل، إنها تكتب سطورًا جديدة، لا تتراصف فوقها قصص من التاريخ، ولا تتفاخر صفحاتها بإنجازات الأجداد؛ بل تخط عهداً جديداً يجدر بالماضي أن يفخر به، وتضع ركائز وأسسًا قادرة على إشادة واقع جديد للمنطقة والعالم. تفتح تركيا اليوم باباً من الأمل يكاد يستوعب كل خبرات الشعوب، عبر تجربة جديرة بالتأريخ والدراسة، تجربة فريدة عظيمة بكل المقاييس والمعايير، لقد أثبتت الشعب التركي أنه جدير بوطنه، وأن مصير هذا الوطن ليس موضوعًا للمساومة والأخذ والرد والتلاعب.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم