آراء

عماد علي: هل سيقضي اردوغان على نفسه بتوجهات مابعد الانقلاب؟

emad aliلنا تجربة صدام مابعد الحرب الايرانية العراقية واحتلاله للكويت بعد الازمة الاقتصادية الصاعقة التي ضربت العراق جراء تداعيات الحرب وما بعدها، واتخاذه لمجموعة من القرارات الداخلية والخارجية الراجلة وكيف انّ من ما تراكم عليه من الديون الخارجية اثر حربه المدمرة طوال الثمان سنوات، وان لم يخسر صدام تلك الحرب فلم ينتصر فيها، الا انه خسر نفسه وموقعه وما تمادى وتهابى به ونفش ريشه وكانه انتصر ولم يعلم انه آيل الى السقوط النهائي بهدوء وفي مرحلة السلام مابعد اطول حرب في التاريخ الحديث .

اليوم دخل اردوغان في مرحلة مابعد الانقلاب بتوجهات مشابهة لما اقدم عليه صدام مابعد الحرب العراقية الايرانية، وتوجهاتهو جرائمه الانسانية في حملة الانفال السيئة الصيت من جهة، وزجه لالاف من المعارضين الاسلاميين من وسط وجنوب العراق كتصفية حسابات والحقد الذي حمله في نفسه لضربهم في مابعد الحرب من جهة ثانية . فان الصراع الداخلي لاردوغان الان تغير كثيرا بحيث اصبح يناويء الاسلام السياسي باسلامه سياسي وباعلى درجة ممكنة، بحيث في النتيجة يفسح فرصة اكثر للعلمانيين ان يلعبوا بالساحة الداخلية لتركيا، على العكس من ما يريد تحقيقه من تصفية حسابات متعددة من جهة، ان علم به ام لا فان خطواته تنعكس عليه من الجهة المقابلة، لاهم سبب ان العمق الديموقراطي الموجود الذي انقذه سوف لا يسمح له ان يتمادى عليه باسم الديموقراطية مهما فعل . وكما تهور صدام في سلوكه الى ان وقع في الفخ بسهولة غير معهودة لاي سياسي قاريء للاوضاع العالمية بدقة وعلمية، اننا يمكن ان نشهد العبة بلاعبين جدد مرة اخرى .

اليوم نرى الفوضى المسيطرة على خطوات اردوغان، غير انه في حالة نفسية  يعتقد بانه يصفي البلد من المناوئين له، غير عالم بما يحدث في المحصلة من ايقاد الجذوة من تحت القش في اي وقت، لانه يهدم ما بناه بنفسه ايضا، ويعلم هو قبل غيره ان الشعب التركي ليسوا فقط هم من نزلوا لتاييده اثناء الانقلاب، وله معارضة شعبية كبيرة ايضا وان من اجتاح الشارع ليسوا جميعا محبيه بقدر كونهم لا يريدون ضرب الديموقراطية وعودة زمن الانقلابات، وان كانوا لا يحبذون اردوغان بذاته وما يسير عليه وبؤمن .

انه يسير وفق عملية تصفية الحسابات مع المعارضين بشكل مصلحي خاص مستغلا الفرصة المؤآتية له نتيجة الواقع المستجد لمابعد الانقلاب الفاشل اصلا . القرارات التي يتخذها ضد من ليس له صلة من قريب او بعيد بالاتقلاب من المدنيين، انه رد فعل فوضوي متسرع غير محسوب النهاية، وبه يقع نفسه موقع المنقلب الناجح على نفسه، اي لم يبق اردوغان مابعد الانقلاب كما كان قبله، وبدلا من التوجه بخطوات ليزيد من شعبيته  ومكانته بالتقارب بين التوجهات المختلفة لبلده، اتخذ قرارات مكشوفة غير منطقية  وبها يدفع الكثيرين من المراقبين في الشك في الانقلاب اصلا ومن قام به اساسا . اي في النتيجة يضعف من جبهته الداخلية ويصبح اسير حزبه ومواليه،  دون اية شعبية او تايد للمواطن التركي المستقل .

على الصعيد الخارجي، سواء كانت تصريحاته ورئيس وزرائه رد فعل متسرع ام مخطط ما قبل الانقلاب، فانه وضع نفسه في زاوية لا يمكن ان تكون علاقاته مع الدول الغربية على العموم وامريكا بالذات في المستقبل القريب على خير ما يرام،  على الرغم من بقائه عضوا في حلف الناتو، وما اهتز موقعه ايضا فيه بعد تداعيات ما اتخذه من القرارات من المواجهة لما ضد توجهات الحلف، وتعامله  مع قاعدة انجرليك وعدم تعاونه بشكل مناسب مع امريكا والاتحاد الاوربي في حربهم ضد الارهاب .

يبدو انه يريد تغير التوجه مئة وثمانين درجة نحو الشرق، وهو يركن خلافاته مع دول المنطقة او يطرحه جانبا دون ان يعلن عما يبدر منه لاعادة الثقة به من الجوار،و في هذا الجانب؛ انه لم يقرا المعادلات الجديدة بشكل جيد، وبالاخص؛ كيف يمكن ان يتعامل مع  العراق وايران وسوريا الذيني لازالوا يشكون من سياسات ونوايا اردوغان التوسعية في المنطقة وما يحمله نرجسيته الى الخطوات في هذا الشان الاقليمي . اما روسيا، فيمكن  اردوغان ان يستفاد منها بتنازلات تدعه بعيدة عن اميركا في المقابل وهذا شر يكمن في خير فعلته .

 

في المثقف اليوم