آراء

أياد الزهيري: ماذا ينتظر تركيا

ayad alzouhiriدعا أردغان الشعب التركي وعلى الأخص أنصاره بالنزول للشارع بدعوى حماية الديمقراطيه من قوة العسكر، وهذا بحد ذاته أمر مشروع، ولا غبار عليه، بل وتؤيده كل القوى الديمقراطيه والمحبه للسلام، لكن في حدود حفظ النظام وأسترجاع الشرعيه، أما أن يطلق العنان لأنصاره أن تعتقل ما تشاء، وتستعمل أقصى درجات العنف، من قتل وسحل في الشوارع والأزقه، هذا ما ينذر بخطر لا تحمد عقباه، نظرآ لحساسية الشارع التركي وما يختزنه من أحتقان يكاد يصل الى درجة الغليان، وهذا ما يفتح باب التوقعات على مصراعيها، أذا أستمر عنف الدوله أتجاه معارضيها، حيث الأخبار تظهر عمليات ذبح حدثت على الهواء وعلى وجه السرعه، هذه الأساليب لا شك سوف تستفز الأخر المعارض، وخاصه التيار العلماني المعارض بكل ألوانه، مما يخلق ردود فعل حاده، وقد تكون غير منضبطه من قبل القوى المعارضه لأوردغان، لأنها تخشى بالرجل أن يتحول الى دكتاتورآ جامحآ يتسم سلوكه بالقسوه المفرطه خاصه وأن مؤيده من قبل العسكر يدينون له بالولاء وهي حاله لم يعهدها الجيش التركي، المعروف بتربيته وعقيدته الأتاتوركيه، وجمهور كبير من المتشددين المتعاطفين مع داعش، وكلا الطرفين يؤمنون بالطريقه العنفيه لتحقيق أهدافهم، وهذا أمر ليس ببعيد فأوردغان غير برئ بتحالفات مع داعش الأرهابي، ونزوعه الى العنف والقسوه يستمده من ولع شديد بالتاريخ السلطاني للدوله التركيه، وهو تاريخ كتب بالدم، ونحن العراقيون أكثر من أكتوى بنار حروبهم، فأربعمائة سنه من الأحتلال العثماني للعراق ترك ذاكره مليئه بالمأسي والدم، حتى أن كلمة (قازوق) لا زالت عالقه بأذهاننا كعراقيين، وهي أداة تعذيب سيئة السمعه، وتعتبر من أوحش طرق التعذيب التي أبتدعتها الذهنيه التركيه المهوسه بالقسوه.

أن الصور التي رسمناها للمشهد التركي، هي صور لها الكثير ما يبررها، وترتبط بالصوره النمطيه للشخصيه التركيه التي تختزن الكثير من السلوك العنفي، والذي يستمد جذوره من أصوله التتاريه، وهي أصول ذات طبيعه متوحشه، وتتسم بالكثير من السلوك العنفي، وهم أول من أخترع أدارة التوحش مع خصومهم وهذا ما جعل الشخصيه التركيه تختزن الكثير من الحموله العنفيه، وغالبآ ما يرمى هذا الخزين العنفي على خصوم حقيقيين أم مفتعلين للتنفيس عن أحتقان تاريخي طالما أثقل كاهل الشخصيه التركيه المأزومه به. كل هذا هو مقدمه لوصف ساحه في غاية الحساسيه، ووضع قابل للأشتعال بسرعه عاليه، لأنها ساحه ملغومه تعيش حاله من الترقب الشديد ومن كل الأطراف المتخاصمه. فالأنظار مشدوده الى ما يترشح من أردوغان أتجاه معارضيه الحقيقين والمتوقعين،وماكان ينويه من تصفيه لخصومه السياسين، وهذا هو ما يقلق المراقبين للمشهد التركي بأعتباره مشهد حسا س، وهذا ناتج من طبيعة الأقتصاد التركي الحسا س  باعتباره أقتصاد يكون عموده الفقري السياحه، وهي صنعه سريعة التأثر بالأحداث، بأعتباره بلد يقصده الكثير لغرض الراحه والأستجمام، فالأمان هو العنصر الأهم في هذه الصناعه، وأهتزازه لأي سبب من الأسباب يؤدي الى أحجام السائحين و يحرم البلد الكثير من الفرص ذات المردود الأقتصادي، وهذا بدوره يعرض البلد للكثير من الخسائر والتي قد لا يتحملها الأقتصاد التركي على الأمد الطويل . طبعآ هذا النوع من البلدان ذات التنوع العرقي والديني تتعرض لخطر التشظي في حالة ضعف قبضة الدوله عسكريآ وأقتصاديآ، وهذا ما ينبغي لأردوغان أدراكه قبل أن يقدم على أي خطوه ذات طايع عنفي شامل، كما نتمنى أن يكون على قدر كبير من الواقعيه والعقلانيه في ضبط أيقاع أنصاره وكبح جماحهم التواق للأنتقام.

أن أوردغان اليوم أمام أختبار صعب، فأما أن يستوعب الدرس جيدآ، ويبعد بلده من كل التوترات السياسيه والدوليه وينأى ببلده نحو السلم الأهلي والأقليمي، أي سياسه متصالحه بعيده عن العدوانيه والأستعلاء، والأبتعاد عن كل السياسات المنتجه للكثير من التوترات والذي قد يكون نظامه السياسي أحد ضحاياها،كما نتمنى لأردغان أن لا يسقط هذه المره من على ظهر صهوة جواده السياسي، كما سقط سابقآ أرضآ من على ظهر صهوة جواده الرياضي .

 

أياد الزهيري

 

 

في المثقف اليوم