آراء

الطيب بيتي: ويسألونك عن مصير أمة المليارين

altayb baytalalwiعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ. من سورة النبأ:

بشرنا عقلاء المفكرين الإسلاميين منذ عهد قريب-بدءا من ستينات القرن العشرين-،بأن خريطة العالم الإسلامي النهضوي التليد،و الإنبعاث الإسلامي المجيد،و الصحوة الإسلامية المشرقة،ستتحقق أخيرا وعما قريب،عبر: خط (جاكرتا-طنجة) !..-علما بأن المرحوم مالك بن نبي صاحب هذا الطرح-قد وضع شروطامحددة للنهضة (العربية-الإسلامية) لابد من توفرها من أجل إنجاحها-،فتحولت مفاهيم الأمة الإسلامية أوالعروبة إلى ألواح خشبية مُغبرّة ومُصفرّة مهشمة،لاتجد من يعيد إليها الحياة-مع توالي الخيبات التاريخية منذ بني أمية في ستينات القرن الأول الهجري مع مرورخمسة عشر قرن حتى اليوم حيث ما فتئت أمور العرب والمسلمين تتعقد أكثر بسبب تراكم أخطاء النخب الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على تغيير العقل الإسلامي ومعالجة الحمق العربي-. ففقد،عندها،التراث الإسلامي-مع مرورالعقود- تأثيره في النفوس والعقول والأرواح.

ومرالقرن العشرون المسيحي على العرب والمسلمين مرورالكرام،إلى أن أطل على البشرية القرن الواحد والعشرون..،ليتحدث العالم كله عن نهاية أطروحات الأمة (العربية–الإسلامية) المرافقة للتدفقات السريعة والمفاجئة لخطابات النهايات (التي ملأت الأسواق الفكرية في بدايات التسعينات) المفرزة للمعادلات الجديدة الساعية لإستكشاف الصورة الكونية الجديدة لعالم ما بعد النهايات ،التي فرضتها براديغمات أطروحات فهم العالم الجديد من أجل مواجهة التحديات المستقبيلة التي ستطال كل الحضارات والديانات والثقافات (ماعداالتقاليد التلمودية–للغرابة-) التي أفرزت التعجيل بإنبعاث ظاهرة الإرهاب الإسلامي –الغيرالمسبوق-والعابرللقارات !أوخط الرعب الإسلامي الجديد الرابط ما بين جاكارتا- واغادوغو ،حيث ترفرف بوارقه السوداء على طول الخافقين مثل الخوارق ،لتفجرالعواصم والعمران مثل الصواعق...،ويتحول ذكرالعرب والمسلمين إلى وصمة عار تتردد أصداؤها في أركان الدنيا على كل لسان ناعق ،

فأقام الغرب-على ضوء هذا الإنبعاث الإسلامي الجديد اللقيط (بموجب التحولات الجديدة التي شهدها العالم منذ بدايات التسعينات) - صروحا من الرؤى ،وأهرامات من الأطروحات والنظريات والفلسفات والستراتيجيات المتجاذبة والمتقاطعة،الهادفة إلى تشويه الإسلام وحجب حقيقته،من أجل إنجازمشاريع (جيو- سياسية) -إبليسية-جد معقدة،تحقيقا للأهداف البعيدة المدى التدجيلية،لا يعلم مدى خطورتها سوى علام الغيب والشهادة،تختلط فيها كل الهرطقات التاريخية الكونية (الدينية واللادينية) و(العقلانية واللاعقلانية) ،بالتلاعب بالمصطلحات التي تدغدغ الأدمغة الفارغة والعقول المستضبعة،يروجها الغرب بمفردات براقة،منذ نهاية الحرب الباردة،مثل الديموقراطية و حرية التعبيروإشاعة التسامح ،مقابل إلصاق كل المفردات المقيتة بالإسلام والمسلمين مثل: الإرهاب و الهمجية والتطرف والتخلف والعنف،المتمحورة حول مقولات الإسلاموفوبيا وما تفرع عنها من ديماغوجيات،مصاغة بكل الطرق الممنهجة الأريسطوطالية البراقة،المُعملِقة لكل أشكال الإسلامات السلفوية التيمية القديمة والوهابية الجديدة،التي من شأنها إبهارالمتلقين المستعجلين والتسطيحيين والمغرضين،والمصابين بالوهن الحضاري وبعقم التفكير .

فتم إغراق الأسواق الثقافية والإعلامية والسياسيةالعربية والغربية مع بدايات الألفية الثانية بهذه المفاهيم والمصطلحات،فتقعرت في الأذهان المستغلفة،حتى أصبحت بالتكرارالممل من البديهيات والملسلمات،إلى أن طفت على السطح كل الأحقاد الشعبوية اللاشعورية-الجماعية-التاريخية الغربية القديمة (الصليبية والكولونياليات الحديثة) لتُستثمرفي المزيد من– شيطنة الإسلام وهتلرة أهله–من أجل إشعال حروب كبرى دينية ما بين المسلمين والنصارى (حيث يكون فيها التلموديين –للغرابة أكبر المستفيدين والمتفرجين-) ومن أجل التطويق الأخير لجغرافيات العرب والمسلمين وسائرالمستضعفين الثالثيين،بهدف حشرهم في عوالم مجهولة ومرعبة لا يعلمها إلا الخالق العلام،...فتحول العرب اليوم في أنظارالعالم بأسره–بسبب الإسلام الربيعي الجديد وما إستحدثه مواليده اللقطاء -إلى مجرمين ومعتوهين،وإلى أحط حثالات الشعوب... فمن المسؤول عما يجري اليوم؟

وهل سنضل غارقين في نومنا الكهوفي-نحن أهل السنة والجماعة- ونستظهر بكل إمعية وغباوة-إلى يوم الدين- فلسفة تعليق أخطائنا في الماضي على مشاجب الآخرين ؟وعلى الحظ العاثر ؟وعلى اليهود والنصارى والفرس والصفوية والأتراك والمماليك والفرنجة والصليبيين والإستعماروالكفار؟ وسنظل نجتراليوم أن مصائبنا: نتيجة لأخطاء جمال عبد الناصر،وصدام حسين، والقومية العربية (بكل توجهاتها) والبعث الكافر،وحافظ الأسد، والخميني، وياسرعرفات، وبشارالأسد، ومعمر القدافي، وإيران وحزب الله ،وحسن نصر الله؟ ،

وبالمقابل ماذا قدم لنا الحكام السنيون الأشاوس وفقهاؤهم ونخبهم ومفتوهم –لما قبل الربيع العربي ومن جاء على ظهره -، سوى الخيانات الجماعية الجماهيرية والفردية والحكومية والمشاريع المستقبلية للمزيد من الصراعات الطائفية والحروب الإقليمية والقلاقل الإثنية (ذات الطابع (الثيولوجي-الإثني) -كما في البحرين واليمن والعراق وسوريا وليببيا– والتي ستطال عما قريب مصروتونس والمغرب) والتخوين،والمزيد من الطغيان،والإنبطاح للإسرائيلي والخنوع للغربي والإصرارعلى التطبيع مع الصهينات (الظاهرة والمستورة) ،والإكتفاء على الهش على ظهورالأغنام من البشرالذين يشكلون ما يسمى ب الامة الإسلامية وهم بالعد الحسابي الدقيق حوالي المليارين من المسلمين إلى جانب القوميين العرب بكل تصانيفهم وتوجهاتهم الإيديولوجية/حيث أن هؤلاء وأولائك لا يشكلون-حسب نظرية الأصفار-أي ثقل سياسي على رقعة الشطرنج الدولية وفي مقارعات لعبة الامم،سوى الصفر والإصفرار؟

فمن المسؤول عن هذه الخطايا والرزايا التي أصابت الأمة في الصميم؟ليصبح مصطلحا الأمة الإسلامية –التي لاوجود لها سوى على الأوراق المصفرة،و القومية العربية التي ما فتئ القوميون العرب يتناحرون حتى اليوم حول الإجماع على المصطلح-من الترهات ومن أحاديث الغابرين؟

وهل نضب تراث المسلمين وجفت ينابيع القرآن،ونضب تراث الإسلام ،ولا نجد فيه سوى نصوص تقديس السلفويات المتناسلة الداعية إلى خيانات: الله وقرآنه ورسوله والوطن والأمة والإنسانية،عبر تقديس الرجال والإقتتال حول أقوالهم،عبرالإستزراق لأعداء الامة الحقيقيين التاريخيين، بهدف تحقيق (بالمجان) ما لم يحققه كل الصليببين والمحتلين والإستعمارالقديم والجديد عن طريق التخريب والسبي والذبح والقتل؟

وما مصيرعالم السنة في مواجهة ما أصاب هذه الأمة -إن تبقت فيه بقية؟

للموضوع صلة

 

د. الطيب بيتي

 

في المثقف اليوم