آراء

محمد حسن الساعدي: التسويات في المنطقة بين الواقع والتنظير!!

بغض النظر عن الفوران الكبير الذي يصيب المنطقة العربية عموماً، ودخول تنظيم داعش الارهابي على خط التغيير الديمغرافي في المنطقة، الا أن الانتصارات النوعية المتحققة في الشام والعراق، والخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله، وانسحاب وفود المعارضة اليمنية من الكويت، وتشكيل المجلس الاعلى في اليمن بيت الحوثيين وحلفائهم، ينذر بعوامل تصعيد في المنطقة عموماً، وان الاحداث تسير نحو الاشتعال والسخونة، وكما تشير اغلب التقارير، ويتفق معه المحللون، أن منطقة الخليج هي المرشحة للاشتعال، تحديداً (السعودية، وتركيا، ومصر وليبيا)، وما يؤكده هو خطاب زعيم راعش الارهابي البغدادي، والذي دعا شعوبها الى النهوض والثورة ضد حكام الجور، وهذا ما يؤكد ترشّح مناطق جديدة للاشتعال، وما التفجيرات الاخيرة في السعودية، والانقلاب الخاطف في تركيا، الا شرارة الاشتعال القادم . 

كما ان ما حصل من اتفاق النووي بين ايران والدول الست، والتفاهمات الروسية الأميركية، لم تكن موضع ترحيب من قبل الأطراف الإقليمية في المنطقة العربية، لأن نتائجها لم تتجاوب مع مصالح هذه الأطراف ورغبتها في التوصل إلى نتائج سياسية في العالم العربي مخالفة لما تم الاتفاق عليه بين الروس والأميركيين، فقد لمست الأطراف الإقليمية المتصارعة أن الاتصالات الأميركية الروسية متواصلة خاصة بعد زيارة جون كيري الأولى لموسكو في أيار الماضي، وبعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا منذ بداية شهر تشرين 2015، والعمل على تغيير موازين القوى على الأرض لصالح النظام في مواجهة المعارضة المسلحة، لمست هذه الأطراف وخاصة تركيا والسعودية واستشعرت أن ثمة تحولات في الموقف الأميركي باتجاه التراجع لمصلحة الموقف الروسي المؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد، وقد سعت كل من تركيا والسعودية للحفاظ على الوضع القائم ومواصلة تأثيرها على سير الأحداث بوضع العراقيل أمام تغيير قواعد اللعبة وتعطيل التفاهمات الإيرانية، الروسية، الأميركية، فقد بادرت تركيا لإسقاط القاذفة الروسية سوخوي 23 فوق الأراضي السورية يوم 24 تشرين ثاني 2015، بمهاجمتها من قبل طائرتين حربيتين تركيتين من طراز F .16، وهو كا يعد عنصر تصعيد في المنطقة عموماً .

العراق ربما يختلف قليلا عما يحدث من احداث تصعيدية لافتة، فالحرب على داعش وصلت الى حلقاتها الاخيرة، وما الانتصارات النوعية المتحققة على الارض في قواطع الانبار والفلوجة تحديداً، وتحرير الشرقاط، وجنوب الموصل، الا بداية نهاية داعش في العراق، وما حصل من انكسارات في جبهة داعش، الا علامة الانهزام الاخيرة لهذا التنظيم الارهابي، وهذا ما يعزز القول ان العراق بدأ يهداً، وان الصراع سينتقل نحو السعودية، ودول الخليج الاخرى، وتتحول داعش الى ظاهرة عربية، وتبدأ بالزحف نحو هذه الدول، بعد الهزائم المتكررة في العراق والشام .

يبقى المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي هو المستفيد الوحيد من حروب التغيير الديمغرافي في المنطقة العربية البينية، والذي انعكس ذلك بوضوح وعلناً في مواصلة مشاريعه التوسعية الاستيطانية وعدم تجاوبه مع كافة مشاريع التسوية المطروحة، حتى بما فيها تلك المقدمة من الإدارة الأميركية الحليف الاستراتيجي له، والمظلة الدولية لمغامراته التوسعية، كما تبقى الولايات المتحدة في المحرك الرئيس لخيوط المنطقة جميعها، سواءً في رعاية الحكومات، او بتحريك اياديها من داعش، او اي ثوب آخر يظهر مستقبلاً .

 

في المثقف اليوم