آراء

عامرة البلداوي: أرقام المرأة بعد 2014

amira-albaldawiتصدمنا التقارير والاحصائيات وكأننا لانعيش في مرارة الاحداث ونكتوي بنارها .. الا ان الرقم صادم خاصة اذا ورد من جهة رسمية  وأكثر من ذلك من جهة دولية .. الرقم هو الوثيقة والسمة والمعيار وهو الوصف الدقيق للحالة بدون مجاملات او تزويق ... نعلم ان أكبر الضرر الذي حصل بعد أحتلال الموصل 2014 من قبل تنظيم داعش الارهابي  حصدته المرأة،ولكننا لانملك رقما محددا  .. نذكر جزافا ان آلاف النساء مختطفات من قبل داعش، ملايين الارامل، ملايين الايتام، ملايين النساء الاميات في بلد الحضارات والمدنية والعلم، مجرد ارقام جزافية لاتستند الى دليل ولاتعد حجة علمية مقبولة وماهي الا  جريا على ماتعدده النوائح  لتستدر دموع البواكي وتستعطفهن . فلم يصدر من اي جهة حكومية او دولية او أممية اي رقم او مؤشر قاطع بنسبة او اعداد النازحات، والسبايا والمختطفات الناجيات منهن ومن مازالت  لدى داعش، قد يقول البعض هناك مسوحات أتخذت ارقامها من عينات ممثلة وعليه يمكن اعتمادها كمؤشرات صحيحة . العينة الممثلة تعني سحبها من كل المناطق عشوائيا ..فكيف وان اغلب المكتويات بنار داعش هن في الأقليم سواء نازحات او ناجيات أما الاسيرات فذلك موضوع آخر لأن معظمهن عبرن الحدود الى الرقة ليعرضن في سوق الرقيق . في الاقليم لم يسمح لفرق مسح  أعداد النازحين من القيام بعملهم،واستثنيت محافظات الاقليم من فرصة تحديد عدد النازحين ومعرفة احوال النازحات، نعم هذا ماحصل تأقلمت مأساة النساء ، فبدل ان نتكاتف لنساعدهن ونخرجهن من الماساة ونعرض ارقامهن للعالم ليعرف حجم المأساة التي حلت بنصف المجتمع .. رفض الأقليم واعتبرهن حصته ولايحق لأحد ان يدخل الخيمة او الكرفان فتشوهت الارقام وفقدت تمثيلها وصدقيتها وبات  لأي واحد الحق في ان يشكك بها . ولكن مع ذلك انا اتمسك برقم واعتبره رقما ثمينا غاليا  مهما أطلقته هيئة الامم المتحدة للمرأة في 8 آذار 2015  معلنة ان (51%) من النازحين  في العراق هم نساء وفتيات  وطفلات ولكن كم منهن معاقات، كم منهن  في المدارس، كم منهن متسربات، كم منهن  تعرضن للضرب او الاختطاف او الاذى او  او او في طريق هروبهن  الى  مخيم النزوح .

وارقام اخرى غالية وثمينة وذات مغزى  ان العراق سجل في شهر حزيران الماضي  14579 حالة زواج رسمية  وفي ذات الوقت سجل 4333 حالة طلاق في المحاكم ..يعني في  شهر واحد  من اشهر العراق الساخنة بالاحداث والقتل والتفجير وخاصة في اشهر الصيف  فأن كل 3 حالات زواج  يقابلها حالة طلاق واحدة، من هذا المصدر الرسمي، من المحاكم العراقية حيث لاتقبل تسجيلها للزواج والطلاق اي شك او تلاعب يمكننا تصور أعداد المطلقات  المتزايد .

وأرقام أخرى مؤلمة وموجعة  يسجلها الطب العدلي حيث أعداد الشهداء في معارك الحرب ضد الارهاب، كم تحصد يوميا من شبابنا من الجيش والشرطة والحشد الشعبي، فكم اعداد المتزوجين، وكم اصبح أعداد الارامل والايتام وكم هو أعداد الامهات الثاكلات لفلذات اكبادهن

هل يمكنكم تصور كم المشاكل التي  يمكن للرقم ان يجد لها حلا مبرما؟ هل يمكنكم تصور كم من الحقوق ضاعت وستضيع لأن الرقم غائب؟ عندما زار العراق مقرر شؤون النازحين  المكلف من المفوضية السامية لحقوق الانسان في 2015 ذكر في تقريره أنه لم يحصل على احصائية صحيحة وكاملة لأعداد النازحين، ليس المقصود العدد الكلي  فقط وانما المقصود أعداد الفئات المختلفة من النازحين (الطفل، الشاب، المرأة، الرجل و العاطل، الطالب ....الخ) وتوزيعهم على محافظات العراق . غدا عندما يهزم داعش ويطرد نهائيا من ارض العراق سنواجه مشكلتين هي ارقام المرأة وارقام الطفل، فهل حينذاك سنحسم أمرنا ونعبر فوق انانيتنا ونفكر بمستقبل اجيالنا ونجعل اول اولوياتنا تعدادا شاملا للسكان لنثبت ارقامنا الصحيحة ونعطي كل ذي حق حقه .

 

د. عامرة البلداوي

 

في المثقف اليوم