آراء

حسين الشويلي: الأبعاد السلبية لأحزاب المكونات

husan alshoayliلا يكاد يخلو بلد في كوكبنا الأرضي من الأحزاب، ولايمكن أن نتخيّل حكومة تتشكّل بأي دولة دون التطرّق الى الحزب الفائز في الأنتخابات والمكلّف  بتشكيل الحكومة .

مهما أختلفت الأيديولوجيات تكون ظاهرة وجود الأحزاب حالة ديمقراطية وقوة أضافية  لبناء الدولة . لسبب بسيط ومهم لأن الحزب فريق عمل متجانس ومتفاهم وله تشكيلاته التنظيمية وقوانينه الداخلية، وعلى أعتبار أن الحزب يتكوّن من مجموعة أفكار ومتبنيات وهذه الأفكار والرؤى متفق عليها من قبل  أعضاء الحزب بل يعتقدوا  على انها الأصلح والأجدر من غيرها، ففي حال وصول الحزب الى الحكم تتم  عملية تحويّل تلك الأفكارالتي يتبناه الحزب  الى مشاريع وسياسة دولة.

في العراق أستثناء لهذه النمطية الدولية المألوفة، لأعتبارات أهمها التركة الثقلية التي خلفها البعث في  تفسخ مفهوم المواطنة، فحالة أرتفاع منسوب السلطة والثروة على أفكار وأخلاقيات الحزب حوّلت الحزب من تجمع  فكري وطني يهتم أولا وأخيراً بمصلحة الوطن الى أشبة بشركة أسثمار تبحث عن الصفقات والأرباح .

وثانياّ كل طائفة وقومية تبحث عن مصالحها من خلال توظيف الأحزاب فتحوّل الحزب الى شركات أمنية للدفاع وحماية الطائفة والقومية، دون الأعتماد أو الأهتمام ببناء مؤسسات حكومية تحمي الجميع وفق المادة القانونية .

ثالثاً لوجود عدّة قوميات وطوائف ومذاهب أجتماعية وأن كانت الأخيرة غير مؤثرة الاّ أنها موجودة، يسعى الجميع الى أقامة تحالفات أقليمية ودولية للتمكّن من البقاء والنمو والتنافس مع الأحزاب الأخرى، فنتج عن تلك التفاهمات الحزبية \ مع حكومات أقليمية  لوبيات سياسية تعنى بمصالح تلك الدول في العراق،

ولتقاطع مصالح الدول وسياساتها نتجت ممانعات سياسية وتعطيّل لوظائف الدولة جرّاء تقاطع مصالح الدول ذات النفوذ  .

رابعاً كل حزب يسعى للحصول على الدعم والتأيد الجماهيري وأتساع مساحته الجغرافية ومن أهم وأوضح أدوات تحصيل  الدعم والتأيد والتأثير على الذهنية الجماهيرية  الأستعانة بالفضائيات والصحف والمواقع، وقد أدى تعدد الكم الكبير للصحافة المرئية والمقروئة الى خلق خصومات وتباعد بين أبناء البلد فصنع تجمعات بشرية غير متآلفة وأفكار مختلفة حول مفهوم بناء الدولة (دينية - مدنية - أغلبية سياسية - توافقيّة)

فتحوّلت الأحزاب الى أقطاعيات تتحكم وتؤثر على أفكار الناس وتحتكر قرارهم السياسي .

خامساً التشكيلة الحكومية والبرلمانية خرجت من أطارها الفردي الى الأنتماء الحزبي، فبات مألوفاً تسميّة البرلماني والوزير بأسم كيانه الحزبي فالبرلماني لم يعد فرداً ممثلاً لمنتخبيه بل ناطقاً وسفيراً  حزبياً وكذالك الوزير، وهذا التوجّه يوفر الحماية والغطاء السياسي والدعم لكل نائب أو وزير، فمهما بلغ فساد البرلماني أو الوزير فأنه سيحتمي بحزبه ليفلت بسرقاته من طائلة المحاسبة القانونية، فتحوّلت الأحزاب الى أقبية محامات للدفاع وتخليص السرّاق  وحتى قتلة أبناء البلد .

هذه ليست كل سلبيات أحزاب المكونات، أن كل ما يعانيه العراق وما سيعانيه هو نتاج حتمي لدخول كم كبير من أحزاب المكونات الى العملية السياسية، وكم من المرات شاهد العراقيون رفض موظف صغير تنفيذ أوامر رئيس الوزراء لأن أنتماء الموظف الحزبي يأتي قبل الأنتماء الحكومي .

تحزّب الدولة أعلان فعلي لتضخيّم وتأبيّد المشاكل على كافة المستويات _ لأن مجموعة أرادات مختلفة لايمكن أن تقود بلد وسط محيط أقليمي مضطرب طائفياً وسياسياً،

ويكمن الحل في أيجاد  قيادة مركزية قوية قادرة على أرغام الجميع على  ترك أنتمآتهم  في مقرّاتهم الحزبية قبل الدخول الى مؤسسات الدولة الرسمية أو سيزداد الوضع سوءا وتفقد كل محاولات الأنقاذ  والأحساس بالتفاؤل .

 

في المثقف اليوم