آراء

حسين الشويلي: شواهد على فشل حكومة التوافق السياسي

husan alshoayliفشلت الحكومة العراقية فشلاً كبيراً وذريعاّ  وفقدت لجراء هذا الفشل مشروعيتها في الأستمرار وعليها الأذعان الى حكومة الأغلبية السياسية .

نحن حين نطلق عنواناً بهذا الحجم ليس تحملاً أو معاداةً لأي من مكونات وأشخاص العملية السياسية، بل هو تقييماً لأداءها السياسي .

ولقولنا أنها قد فشلت لوجود عدّة أعتبارات وثوابت نستند عليها . لاتتعلق تلك الأعتبارات بالأشخاص والمكونات انما بالطريقة التي تدار بها الدولة وسنأتي على أهم مواقع الفشل تباعاً .

الحكومة العراقية قد فشلت في توفير الأمن وحماية المواطنين من القتل الجماعي ، حتى صنّف الشعب العراقي على أنه شعب يتعرض للأبادة الجماعية وفق ما نشرته المنظمات العالمية  .

هذا أولاً أمّا ثانياً: أن الحكومة العراقية قد فشلت في أقناع الرأي العام الدولي أو تفهييم العالم بحقيقة نوع الصراع الدائر في العراق منذ عام 2003، فالعالم يتصور أن مايحدث في العراق أنما هي حرب أهلية بين مكوناته وليس هجمة أرهابية يتعرض لها العراق .

الفشل الآخر يتعلق بتشخيص الجهة التي تقف وراء القتلة ، ولليوم الجدل قائم على تشخيص وتحديد الجهة التي يقف بها القاتل .،، داعش كلمة فضفاضة لاتعني جهة  محددة أو دولة بعينها أو نظام سياسي  معين .

 وفشل من نوع مختلف فقد فشلت في توفير أدنى مقومات العيش الكريم لمواطنيها حيث لارعاية صحية أو أجتماعية وليس ثمّة وجود لقوانين تتعلق بالسلامة العامة  ،  فالأمكنة التي يتواجد فيها الناس هي أمكنة قد تتحول بأي لحظة الى مأساة جماعية  ليس لوجود العامل الأرهابي بل

لعدم توفر شروط السلامة ولعدم وجود كوادر مدرّبة بشكل صحيح لأخذ الحيطة والتدابير   لأي طارئ .

كما هو معروف قد حدثت وقائع وأحداث  كبيرة ومهمة - منذ 2003 الى اليوم كأعمال أرهابية كبيرة كقضية سبايكر وجسر الشهداء وغيرهما، وأحداث أخرى خطيرة، وحصلت أعمال تخريبية كالحرائق الكبيرة في الأماكن التجارية والأسواق والمستشفيات، وحالات أغتيالات كثيرة لشخصيات دينية ووطنية كل هذا قد سجّل ضد مجهول .

وعجزت الحكومة عن تشخيص بطريقة مهنية الجهة التي تقف وراء تلك الأعمال .

حيث أنها تركتها للأجتهادات الشخصية والتؤيلات الحزبية وكل جهة ومكوّن يفسّر ويحلل ويوجه أصبع الأتهام صوب هذه الجهة أو تلك  وفق المصلحة .

وكان من المفترض عملياً أن تقطع بالأدلة اليقينية المهنية  كل التفسيرات والتحليلات حول  حقيقة الفاعل والداعم لهذه الأعمال كي لاتترك للتحليلات الغير مهنية وكذالك قطع الطريق على المغرضين لتزييف الحقائق وأتهام جهة وتبرئة جهة أخرى .

وفشل آخر يضاف الى هذا الفشل ويتعلق به وهو عدم أنصاف ذوي الضحايا الذين تعرضوا للأبادة وتخريب دورهم وأماكن عملهم .

على صعيد مختلف - فشلت الحكومة في  جلب الأستثمارات والشركات العالمية لتوفير فرص عمل لمواطنيها أولاً وثانياً لبناء البنى التحتية للبلد .

فحالة العزلة الأقتصادية والقطيعة التي يعيشها الأقتصاد العراقي سببها فشل الخارجية العراقية بأخراج العراق من عزلته الى فضاءات السوق العالمية المتعددة الأسثمارات  وكذالك تغيير الصورة المأساوية البائسة التي علقت بأذهان العالم حول كل ما في العراق .

فشلت الحكومة العراقية في تثبيت حقيقة حزب البعث المقبور على أنه كان حزباً قمعياً عنصرياً أجرامياً ، وسبب فشلها بأثبات هذه الحقيقة أنها عجزت على تقديم  خياراً أفضل وحياة أفضل من الواقع الذي فرضه البعث المقبور على الناس .

نعم وجود حرية في التعبير والتنقل والأنتماء الحزبي والسياسي  وحرية في السفر خارج البلد ووجود عدد كبير من الفضائيات والصحف والمواقع - وتمتع كل ديانة وطائفة بحريتها الدينية، وهذه ليست منحة حكومية للشعب، بل هذه التعددية في الفضائيات والصحف والمواقع أود هنا التأكيد عليها لبشاعة حقيقتها .

حيث رُبطت وجود أحزاب المكونات السياسية بهذه الحرية، فكل مكوّن سياسي بحاجة الى أدوات أعلامية للترويج والدعاية لأفكاره وممارساته، فالحاجة الحزبية السياسية تطلبت وجود حرية أو تعددية في  الفضائيات والصحف، وأن تطلب الأمر أن يكون العكس لمنعت تلك الحرية تحت عناوين مختلقة - كوحدة الخطاب الوطني أو لأجل السلم الأهلي .(كقانون العفو عن الأرهابين والفاسدين كبادرة لأجل السلم الأهلي  ! أو أدخال عناصر أرهابية وبعثيية الى العملية السياسية تحت ذريعة التوازن السياسي) ! 

لكنها نجحت الى درجة كبيرة في حالة خطيرة قد تمتد الى عقود - وهذا النجاح ! يتمثّل في حالة الأستقطاب الحزبي التي أنتجتها بين مكونات الشعب وبين المكون الواحد -

حتى تحوّلت مدن العراق الى ثكنات حزبية أو أقطاعيات  سياسية متخاصمة ، وبات كل عمل لتقريب وجهات النظر بين تلك الأحزاب والجماعات محكوماً بالفشل، فالتحالف الوطني وهو الجزء الأكبر في الحكومة ويملك 183 مقعداً برلمانياً بات هيكلاً بلا روح وكيان سياسي لم ينتخب له رئيس منذ عام 2008 ولم يحدث له أي أجتماع لأعضائه فهو اليوم عنوان لامضمون له .

وتفتت التحالف الوطني كمؤسسة جامعة لعدة أحزاب وتيارات هوتفرّق وخصومة لجماهيره وهنا مكمن الكارثة التي جلبتها حكومة - التوافق السياسي -

بالمحصلة أخطاء الحكومة وفشلها يتمظهر بعدة وجوه - ففشل سياسي ويتمثل في الصراعات الحزبية والأستجوابات المتعددة - وفشل أمني يتمثل في أستمرارية الأعمال الأرهابية والتخريبية - وفشل أقتصادي ومن مصاديقة الفقر والبطالة وأنعدام الرعاية الصحية والأجتماعية - وفشل دوبلوماسي حيث عجزت الخارجية العراقية على التأثيرعلى  الذهنية العالمية وخلق حالة من الدعم الأعلامي وغيره، وسوء أدارة السفارات - وسفيرة العراق في الأردن تحمل الجنسية الأردنية مع عائلتها وكما معروف يعد خرقاً لقوانين السفارات لدى دول العالم .

لم يبق سوى التحوّل الى حكومة الأغلبية السياسية الغير مشروطة بالنسب الحزبية لشغل الكابينات الوزارية، والمعيار الوحيد لأختيار أعضاء الحكومة الكفاءة والوطنية فقط،  قد يكون صعباً لكنه ليس مستحيلاً .

 

في المثقف اليوم