آراء

الظلامية والداعشية ليستا حكراً على أحد!!

bakir sabatinينبغي أن نتبنى الظلامية والداعشية كمصطلح عام لا يتعلق بجهة أو دين بعينهما، تقاس عليه التوصيفات التي تتوفر فيها معطيات القتل ورفض الاخر والتحريض عليهما كمعايير أساسية .

من هذا الباب فكل متطرف يمينيا كان او يسارياً بكل مكوناتهما فهو ظلامي داعشي، فحينما يتهم اليسار الأردني جماعة الأخوان المسلمين بأنهم قتلة ظلاميين متناسين ما تقوم به المقاومة الاسلامية وحلفائها من الأطياف الاخرى في غزة في التصدي للطغيان الصهيوني.. ومن موقعي المحايد كليبرالي فإن هذا الاتهام ليس إنصافاً حينما نتذكر بالمقابل بأن اليسار العالمي في بعض الدول الأوروبية ليس بريئاً من الدم الفلسطيني بدعمه للكيان المجرم الصهيوني، رغم انه يعتبر الحليف التقليدي للحق الفلسطيني وهو ذات الموقف الإخواني الراسخ بالنسبة للقضية الفلسطينية كما تبينه الشواهد والمواقف..

ولتتذكر ايضاً فإن اليسار الاسرائيلي وهو جزء من اليسار العالمي كان يقف دائماً وراء أكبر الجرائم بحق الفلسطينيين مع العلم بان تاريخ بيريز هو تاريخ عمالي بامتياز... اما في سوريا فانا اتفق معك وأقدس وحدة سوريا التي يعربد فيها الشيطان وقد وقع عقده الفاوستي مع كل المتحالفين الصهيوعرب وقوى التامر في العالم لضربها حماية للكيان الإسرائيلي، وفق مصالح وأجنحة كل طرف على حداه، وهذا ينخلع أيضاً على المعارضة السورية المنضوية تحت لواء التحالف ضد سوريا حيث تجدر الإشارة بأنها تتشكل من كافة الأطياف ومنهم الاخوان المسلمون في سوريا مع عدم جواز ربطهم بالإخوان في الأردن او حماس من باب الصيد في المياه العكرة لأن كل جماعة منهم لديها اجندتها المحلية الخاصة.

أما بالنسبة للمغدور ناهض حتر لو اعتبرنا بأن نشره للرسوم المسيئة للذات الإهية جاءت عن قصد، فقاتله مجرم داعشي وهو ليس من الاخوان، وهو تصرف يذكرنا بمصير كل من كان يشتم استالين في ظل حكمه الاستبدادي لروسيا.

وللتذكير أيضا، فإن مبدأ الاغتيال الجنائي أو السياسي كما يشهد التاريخ على ذلك يرتبط بكل الاتجاهات حتى أن اليسار العالمي بمكوناته ليس بريئاً من ذلك.. وهي عمليات كانت تنضوي تحت عنوان المقاومة في اطار القضايا العادلة او العمليات الاستخباراتية في الدولة البوليسية.. وكانت تتم وفق الظروف المحيطة بكل عملية على حداها..

وعودة إلى مصطلحي الظلامية والداعشية كما حددنا خصائصهما في صدر المقال، وقلنا بأنه ينعت بهما كل متتطرف رافض للآخر ويحتكر الحقيقة لنفسه ويستغبي العقول.. لندرج في سياق هذا المفهوم جميع الأطياف والمناهج الفكرية والأحزاب السياسية والطوائف الدينية من أقصى اليسار الى أقصى اليمين والتي يحرض بعض من ينتمون إليها على إلغاء الاخر فهي وفق أفعال منتسبيها ظلامية داعشية، وهذا إجحاف بحق كل الأديان والأطياف الفكرية لو اعتبرنا أن الدواعش الظلاميين من كل الانتماءات يخالفون المبادئ التي تعلموها،. لذلك فهي سلوكيات فردية لأفراد يجمعهم التطرف في أقصى حدوده من اليسار المتطرف حتى أقصى اليمين. اخذين في الاعتبار بأن المقاومة ضد المحتل حو دفاع عن الكرامة والذات والحقوق المشروعة، على أساس قانوني دون تمييز على الهوية واللون والدين ، فمثلاً الصهيونية لم تعد يهودية التكوين، بل تحالف معها عرب بكل انتماءاتهم الفكرية والدينية من باب تلاقي المصالح الخاصة، وهي حقيقة دامغة لا لبس فيها.

أما التنويرية فهي ليست حكراً على تيار فكري بحد ذاته لأنها مفهوم فضفاض ونسبي، وهي تعبر عن التوافقية في منطقة الوسط لمواجهة المحتل وتحرير الانسان من قيود الأنا وقبول الاخر بالحوار المفتوح من اجل التنمية والبناء.. فكل اتجاه يدعو لإلغاء الاخر ولو بالقتل هو ظلامي داعشي .. فالشمس لا تغطى بغربال...

انا مع اليسار في التخندق مع وحدة سوريا ومع كل مسيرة يخرجون فيها في سياق مقاومة التطبيع واتفاية الغاز وتغيير المناهج، ولكن حينما يتعلق الأمر برفض الاخر ومحاولة اجتثاثه فهي ظلامية أرفضها من منطلق وسطيتي القائمة على الحوار البناء والقبول بفسيفسائية التكوين الديني والسياسي للأردن على اعتبار أن الصهيونية لا تخضع لهذا المعيار لأنها عدو تجب مواجهته من باب المقاومة ضد المحتل .

دعونا في هذا السياق نحدد عدونا أولاً وهي الصهيونية التي تقف وراء كل مصائبنا منذ احتلال فلسطين وصولا إلى الأزمة السورية، ثم المطبعون مع هذا الكيان الزائل، وكل من يتحالف معه في كل الأزمات الإقليمية كسوريا على سبيل المثال مع عدم أخذ أحد بجريرة الاخر، أي أن أخوان سوريا المتواطئين هم ليسوا حماس المقاومة، ولا الأخوان المسلمين في الأردن، كما هو الحال بعدم علاقة اليسار الأردني بمكوناته مع اليسار المجرم في الكيان الإسرائيلي، إذن شاركوا في مسيرة اليوم الجمعة من باب مقاومة التطبيع ثم اختلفوا وتحاوروا دون تبني خطاب تحريضي لا يهجع ولا ينيم.

الوطن لا يحتمل مواجهات لا تحمد عقباها.

بعض اصدقائي من اليسارين والقوميين والشيوعيين والعلمانيين والليبرليين في منطقة الوسط سيخرجون في المسيرة التي دعا إليها الأخوان المسلمين للتعبير عن الرفض الجماهيري ضد اتفاقية الغاز فلا تجبير لارائهم على حساب اجندات ترمي إلى خلط الأوراق ببعضها والاصطياد في مياه عكرة لا أسماك فيها.

 

في المثقف اليوم