آراء

الطيب بيتي العلوي: القضايا الحقيقية التي تعترض السيرك الإنتخابي الأمريكي

altayb baytalalwiماذا سيصنع العالم إزاء هذا التشوش الأمريكي (تشوشاليانكي)؟: ومن وجهة نظر الأوروبيين، والأسيويين، والمسلمين، والأفارقة، والأمريكيين اللاتينيين، فإن الولايات المتحدة تبدوفي الوقت نفسه، أنها أقوى من أن تتجاهل، وأذكى من أن تخدع أويسخربها، وأكثرغرورا من أن يعجب بها، وأكثر تقلبا من أن يثق فيها أحد، انهاعصيةعلى الفهم !البروفسور(أ.مكدوغال A.McDougl) أستاذ علم التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة بنسلفانيا ورئيس تحرير مجلة العلاقات الدولية أوربس 

من كتابه Promised land ,Crusader State الطبعة الثانية عام 2001

 

لايمكن لأي سياسي في هذا العالم أن يتجاهل أو يسخرأو يخدع أقوى وأغنى دولة في العالم التي هي أمريكا، (حيث ستبقى كذلك لحقبة طويلة با لرغم من أعراض مابعد الأمركة التي حاقت بالولايات المتحدة منذ عام 2008، ومادامت ميزانتها العسكرية هي جملة 40 بالمائة من مجموع ميزانية العالم مجتمعة، بما في ذلك روسيا والصين وإيران.)

 وبالمقابل فمن حق بعض سياسيي ومثقفي العالم ألا يُعجبوا بالنظام السياسي الأمريكي، أوأن يُلزموا بإستظهار متون التصورالأمريكي الكوسمولجي الكوني في كل المجالات، ...وذلك فقط لان أمريكا مثل الغانية اللعوب:متزئبقة، متغنجة ومتقلبة، قد تعشقها عشقا صوفيا، وتُركِّنَ عقلك في الزاوية، وتنظرإليها بعين الوله والرضا فتتغاضى عن عيوبها، أوتنبذها فترمقها بعين السخط والمقت، فلا ترى فيها غيرالمساوئ.وذاك سرأمريكا، فإما أن تحبها أوأن تكرهها ...لأنها- كما قال البروفسور أ.ماكدوغال - عصية على الفهم.... !

ومن أهم الإستثناءات الأمريكية–التي تميزت بها عن اوروبا الغربية- هي ققدرتها الجبارة على تحويل الخطاب السياسي –المعقد التنظيروالتخطيط- إلى مجرد عرض Spéctacle أو Politic- show سمج، على الطريقة السينمائية الهوليودية، فتتحول المفاهيم الفكرية والأطروحات السياسية، والاقتراحات الإصلاحية إلى رؤى ساذجة تتناسب وعقلية المتلقي الأمريكي الغيرالمسيس ، بتعمد سذاجة التبسيط التي يطلق عليها في الأنثروبولوجيا السياسية الأمريكية ب سياسة ال يوتوب yutube أوثقافة الفبيسبوك –فيتم تقليص مضامين الملفات الجادة الأمريكية الداخلية، والصراعات العالمية، والأزمات المالية الدولية والمحلية، بتناولها بوسائل تهريجية سيركية، تنم عن عدم امتلاك أي مشروع واضح، أوأية حلول ناجعة، بل ترمي فقط إلى المراوغة، وتهدئة الأوضاع الداخلية، وهدهة عقول البشرية وتخذيرها، بإستخدام عناصر التطمين ، والتلويح بالحلول المعجزة ، والدفع بالأمريكين السذج وسائر المضبعين في العالم، للتحلق حول المشروع الوهمي الأمريكي الجديد القادم، تغطية للخطط الأمريكية المفاجئة المنتظرة التي تشتم روائحهاالنثنة في مرحلة كلينتون القادمة،

ويمكننا- في هذه العجالة- تلخيص النواحي التي صمت عنها المرشحان اللذان سيتم إختيار من بينهما من سيُمضي على القرارات الحاسمة التي تفرضها السلطة الحاكمة Establishment في الشأن الأمريكي الداخلي، والبث في مصيرالعالم كله:

 

 أولا من الناحية السياسية البحثة:

هناك معضلات سياسية محلية وكونية كبرى، تتغشى آخر مراحل سيرك الإنتخابات الأمريكية، ولكن يبدوأنها لا تقض مضاجع الخصمين المتناظرين :كلينتون وترامب، أوتشغل بال خبراء السياسة الأمريكية والغربية :

- إذ تم التغاضي عن المشاكل الداخلية المستعصية الحقيقية للشعب الأمريكي،

- عدم توضيح التصور- الأمريكي الجديد، بعد أن خربت أمريكا العالم لعقود .

- عدم الفصل ما بين موقف ترامب من سحب كل القوات الأمريكية في البؤرالساخنة في العالم وخاصة في سوريا وأكرانيا، وحل المشاكل مع روسيا والصين بالتبادل التجاري، وتحصين أمريكا، وتقويتها إقتصاديا من الداخل (أي بالعودة بأمريكا إلى عهدها التوراتي القديم الذي من أهم قيمه ا لعزلة التي أخرجها منها الرئيس الديموقراطي ويلسون - في عشرينات القرن الماضي..وما بين مشروع الديموقراطيين الذين تقمصوا - للغرابة ياقات عسكرة الجمهوريين التقليدية، عبر هيلاري كلينتون مدلعة وول ستريت ولوبيات المال والأسلحة، والتي يطلق عليها حاليا في أمريكا ب ملكة الفوضى و هيستيرية الحروب التي تنادي بالدفع بأمريكا إلى هسترة الحروب المباغثة ( انظرعلى سبيل المثال البحث الأكاديمي الموثق للباحثة والمحللة الأمريكية المستقرة بباريس ديانا جونسون ، الصادر في نوفمبر من عام 2015 تحت عنوان Queen of Chaos: The Misadventures of Hillary Clinton– 1 novembre 2015 Diana Johnstone )

 - مشروع الإنقضاض المفاجئ و النهائي على سوريا للقضاء على النظام السوري الحالي الذي لم تتمكن مليشيات أمريكا(من نصرة قاعدة ودواعش وجيوش إسلاموية ) من ترحيل بشار، ثم ضربة نويية مفاجئة قاضية على روسيا والصين وإيران دفعة واحدة ( فتأمل) (حيث كانت الأموال الخليجية هي أهم المصادر المالية الممولة لحملاتها الإنتخابية)

 

- إختزال كل المشاكل الكونية إلى مجرد عربسات ديكورية جانبية، وتبسيطها إلى زخرفات ساذجة :تتلخص في أن العالم اليوم بخيرمنذ نهاية الحرب الباردة، حيث وجدت الإنسانية توازنها في هذه المعادلة: إيديولوجية يسارية، إقتصاد يميني ليبيرالي، ووسطية معتدلة سياسية.وهي معادلة معقدة لايمكن للعقل المتنورتمثلها، ولكنها كافية، لأنها تخضع لمتطلبات الضرورات المرحلية ل الأمبراطورية

 

ثانيا: من الناحية الجيو- سياسة

 فإن الأمورفي غاية الوضوح أيضا: فالحل الذي تتمسك به السلطة الحاكمة Establishment هوحتمية إنجاز النظام العالم الجديد

حيث يتأجج الصراع يوميا ما بين مقاربة الإعلام الرسمي (وخاصة SNN (الموالية لكلينتون )مقابل الشبكات الإعلامية والقنوات الغير الموالية للسلطة الموالية، لترامب .. فتبدو مقاربة رجل الأعمال ورجل الإقتصاد ترامب بالعودة الى قيم العزلة - كمتمرد على حزبه الجمهوري والديمقراطي معا- في مواجهة الديموقراطيين ومعارضة حزبه الجمهوري المناهض لمقاربة هيلاري كلينتون المروجة للمزيد من التوسعية الويلسونية و التقدمية الإمبرالية

أما طرح منظري (الجيو - سياسة) لكل من الحزبين:هنري كيسسنغرو بريزينسكيZbigniew Brzezinski فيجمعان كونهما بمثابة الستيفانوفوريين الأخلاقيين، - الذين هم أعلى مرتبة من الأنبياء في الميثولوجيا الإغريقية les moraliste stéphanophores الذين هم حملة الوهج العقل الكوني - على أن الحل لمشاكل الإنسانية، يكمن في زج البشر في بوتقة النظام العالمي الجديد الذي تمثله حكومة عالمية واحدة (بدون حكومات محلية أووطنية أوقومية)، - كما صرح بذلك أوباما في خطابه الرسمي الأخير بمقر الأمم المتحدة.في 10 من شهر سيتبمبرمن عام، 2016ق، حيث قلص المنظور المعرفي الأوبامي (الجيو - سياسي) الجديد - : الأنظمة السياسية العالمية المناهضة للنظام العالمي الجديد إلى مجرد أنظمة أركية عتيقة، وديناصورات الحضارات المنحدرة من الإمبراطوريات المتقادمة، المثيرون للشغب، والغافلون عن صيرورة المسيرة التاريخية الحتمية، وأسيرو الرومانسيات السياسية القروية ، والمصرون على الحفاظ على ميراثهم الميت المحنط.

- وحسم المعلم أوباما كل مشاكل الجيو- سياسات العالمية في إحياء فكرة حتمية تنفيذ الحكومة العالمية الجديدة ، مضيفا بالحرف الواحد أن الفكرة تم إنجابها في الولايات المتحدة في الماضي، وفي أمريكا يجب أن تُنجز في إطارما أسماه ب التكامل العالمي و الحدود المفتوحة (عبرلإكتساح للمزيد من الهجرات البربرية المشبوهة (التي يمولها جورج سوروس الذي يلقب نفسه ب الإمبراطورالغيرالمتوج:على الحكومات الدولية )

وبالنسبة للتصورالكوسمولوجي الأوبامي الكوني–الذي ستكمله هيلاري كلينتون (التي هي جورج بوش الإبن في لباس تنورة)–حسب توصيف مديرمجلة الجيوبولوتيك الفرنسية Pascal Gauchon :باسكال غوشون كما وصفها في العدد الخاص الصادرفي شهر سيبتمبر2016 حول امريكا تحت عنوان أوجه القوة الأمريكية )فالحل العملي للبشري هو فرض النظام العالمي الجديد (وكما عودنا الساسة الأمريكيون، فذاك معناه إقحام العالم في حروب جديدة (إما بالمباشر او بالوكالة ) ستسفرعنها عهود هيلاري كلينتون المقبلة (إن بقيت على قيد الحياة بسبب مشاكلها الصحية المزمنة)

- صب المعلم أوباما آجام غضبه على كل رؤساء الدول والأمم–ما عدا إسرائيل وناتانياهو(التي خصص لها 38مليار دولاركمعونة مالية من أجل الدعم الحربي، والمضحك في الأمرأن الجمهورين شتموا أوباماونعتوه بالبخل والتقصير في حق الفرخة المسكينة الضعيفة إسرائيل المحاطة بالكواسرالهمجية لأن هبة ال 38 تريليونات لمدة عشرسنوات - غير كافية – فتأمل- )

 - أكدأوباما: بأنه قد مضت عهود المتمردين والمشاغبين والمنحرفين عن النظام ، والمنشقين على المجتمع الدولي ،

 ووصف الولايات المتحدة- الجديدة لما بعد الإنتخابات بأنها أم المخترعين للنظام العالمي الجديد، وذلك بعد قرنين سادت فيهما توسع إمبراطورية أمريكية عالمية ، ساهمت في إفراز إمبراطورية الإتحاد السوفياتي ، التي زالت بسبب سذاجة الخلاص المطروح داخل إيديولوجيتها وضمن نظامها– هكذا يفسر المعلم اوباما فلسفة التاريخ - .

- ويرى هؤلاء les moraliste stéphanophores الستيفانوفوريون الأمريكيون الجدد:أن وجود الإتحاد السوفياتي السابق في عام 1917 ساهم في تخريب إقتصاديات العالم وتحطيم بناه التحتيه ، وعمل على إساءة فهم مقاصد الرأسمالية الأمريكية، التي أصبح من عبء النظام الكوسمولوجي الأمريكي الجديد(الذي طرحه الجمهوري بوش الأب بعد نهاية الحرب الباردة ): أن يفرض النظام الإقتصادي العالمي الجديد على البشرية من أجل مصالح الشعوب، ومن واجب أمريكا الأخلاقي والإنساني خلق مجتمعات إنسانية هادئة لا طبقية ومن دون تاريخ، (عدا التاريخ الأمريكي والعبري) (هكذا !) لكي تتساوى صغرى دول الموزفي المحيط الهادي، مع دول أباطرة الصين وقياصرة روسيا وأكاسرة الفرس، وذلك بخلق نظام واحد أوحد وموحد للبشرية جمعاء.

- ومن أجل التعجيل بتنفيذ هذا المشروع، حتى لا يبقى مجرد مشروع وهمي على الورق–كما يقول المعلم أوباما- :فلابد من تيسير الهجرات القادمة من الدول الثالثية الغارقة في التخلف والهمجية والفقر(وطالب هولاند وميركيل بالمزيد من التضحيات لفتح الأبواب على مصراعيها للهجرات ، والأسبقية لفئران الثورات الربيعية، وصراصيرالإنقلابات الملونة السوروسية ، مع تلميح أوباما الى ولاية ثالثة– بالرغم من صعوبة ذلك دستوريا- (من أجل إنارة وترشيد البشرية).

 - ذكَّر المعلم الأمريكيين بالتأكيد على محاربة الإرهاب (مع دعمه–للغرابة- في كل من سوريا والعراق وليبيا ولبنان واليمن ) بعد الهجمات الثلاث لإرهابية الأخيرة على الأراضي الأميركية بنيو جيرسي، نيو يورك مينيسوتا التي يرتكبها أطفال المهاجرين الصوماليين والأفغان، المستوحاة–حسب تعبيره- من تنظيم القاعدة وداعش .. غيرأن خبراء الجيوسياسية الأكاديميين الأمريكين الجادين، ومتخصصي الإرهاب والإسلاميات، بدأوا يضجون من أكاذيب المعلم وإحتقاره لعقول الأمريكيين وللعالم بأسره، ما دامت القاعدة و داعش مخلوقين فرانكيشطانيين أمريكيين –)

 

 ثالثا: من الناحية الدينية (أومفصل الرحى في النظام المستقلبي–الجيو- سياسي- الأمريكي):

فالأمرفي غاية الوضوح أيضا:فيجب أن يتم تطويع المقولات الدينية (وخاصة الإسلام )حسب مقتضيات حركة التاريخ(الذي يصنعه الغرب كل مرة في مراحله التطورية–المرحلية سواء ب اللاتاريخ ، أوب نهاية التاريخ ، أوب ما بعد التاريخ ) والعمل على ترشيد المقولة الدينية- بمعناها العام والإسلام بالخصوص)- بتوجيه من الكهنوت العلمانوي– الوضعاني العولمي الجديد، أومن طرف رجال دين متنورين و متعلمنين والأفضل أن يتم عن طريق خبراء دين لادينيين كتقنيين بيروقراطيين مع إستبعاد كل رجالات الدين، الذينلا مكان لهم في حكومة العالم الجديدة وصياغة السياسات الثقافية للجماهير العالمية في مرحلة الطفولة، ليصبح الناس منتجين ومستهلكين في كل شيء، حسب قياسات النظام الاقتصادي العالمي الجديد (وما الروحانيات الحقة داخل المجتمعات البشرية - خارج الأنا الأمريكية سوى خزعبلات ومن أحاديث الغابرين - فيجب إقصاؤها وتصبح من مهام المنظمات الدولية الكبرى مثل منظمة اليونسكو).

 

في المثقف اليوم