آراء

الطيب بيتي: الصراع الأمريكي الداخلي الجديد ومؤشرات الحروب الأهلية الأمريكية (1)

altayb baytalalwiلا يجب فقط تحمل ما هو ضروري، ولا حتى محاولة أخفاء ذلك، - فكل مثالية هي أكذوبة أمام الضرورة- بل بجب أيضا محبتها(الضرورة)  فريديريك نتشه ،،، F.Nietzshe in »Ecc.Homo

في حوزتنا اليوم الكثيرمن المعلومات مع يسرإنتشارها، فما السبب في أننالانعرف سوى النزر اليسيرمنها؟ المفكرالأمريكي: ناعوم تشومسكي

 بكل تأكيد لم نعرف منذ قرون فراغا إيديولوجيا كهذا:فقد تعودنا منذ القرون الوسطى على أنه عند نهاية أية رؤية للعالم يتم تعويضها بأخرى، لكن مع إنهيارالشيوعية فإننا نقترب من درجة الصفرالإيديولوجي والقحط الفلسفي المفكرالستراتيجي ومستشار الإليزي الأسبق ألان مانك في كتابه القرن الأوسطي الجديد Le nouveau moyen age الصادرعام 1993

أرباب البيت الأبيض: يُؤتى بهم كدمى ولا يُنتخبون البروفيسوروالمحلل الجيوسياسي الكندي والمحاضرالسابق ب هارفارد  ميشيل شودوفسكي

لا تحتقرن أبدا سلطة الغباء الإنساني، فقد أنجزلنا حربين عبثين كونيتين  الكاتب والمبدع الأمريكي  روبير أ.هاينلين  Robert A. Heinlein

 

الموضوع:

لاجدال أن للشعوب–تاريخيا-ساساتها ونخبها وسياسيوها ومثقفوها ومبدعوها التي تستحقها-كما قال الجنرال دوغول-...، والشعب الأمريكي لا يشذ عن هذه القاعدة.

فالحضارة الأمريكية هي خلاصة الحضارة الغربية (الهيلينية–اليهودية-الرومانية) التي تجمعها عقيدة واحدة وهي مبدأ السيادة Imperium ليتحول المعنى في ما بعد الحرب الباردة إلى إكراه البشرية على عبادة وحدانية السوق التي بشرنا المعلم أوباما في خطابه الأخيربمقرالأمم المتحدة، ب حتمية  إنجازها على المدى المنظور–أي بمجرد تعيين  السيدة هيلاري كلينتون (هيستيرية الحروب)والدمية التي يحركها أميرالظلام وملك الفوضى العالمية جورج سوروس ل تنجذب البشرية إلى الحياة الأكثر خطرا وخطئا وإنحرافا عن الطبيعة البشرية-كما قال المرحوم روجي غارودي

وكرونولوجيا، هي آخرالحضارات الإنسانية وأقصرها عمرا .

والولايات المتحدة الأمريكية هي أول حضارة في التاريخ البشري، قامت على إبادة الشعوب الأصلية للقارة الأمريكية، وتُنهي دورتها الزمنية الحضارية بإبادات شعوب الحضارات القديمة، .وتدميرثقافاتها ومسخ قيمها، تهييئا للإنجازالفوري للنظام العالمي الجديد بدينه الجديد، وبقيمه وأخلاقياته وثقافته وأناسه، و كل رفض لهذا النظام الجديد الكوني يعتبرخروجا عن الشرعية ، وتعطيل للمسيرة الحضارية الإنسانية -هكذا يقررمعلم البشرية أوباما - ويقصد بالطبع بمفهوم الحضارة  معناها– التطوري السوسيولوجي الداروريني Le darwinisme social، أوبالأحرى كما قال ألدوس هيكسلي في إحدى رواياته جعل الناس تقبل المآل الذي لا يحبونه، ولكنهم لا يستيطيعون تجنبه !.

أما العرب وهم المعنيون بالأمرمن قبل ومن بعد–فإن نخبهم ومثقفيهم وإعلامييهم نائمون-وعما يخطط لمصائرهم غافلون، وما سيجري على الساحات الإقليمية العربية والدولية لاهون...ـ، مادام العرب يسحبون كلمة دردشة على الثقافة والسياسة، ويدردشون حتى في المعضلات الكونية الكبرى الكوسمولوجية أوالميتافيزيقة أوال(الجيو-سياسية) المستعصية على الفهم.. !بل ماذا يكون الوجود البشرى ذاته بحسب منطق العبثيين والعابثين، إن كان لهولاء منطق، سوى الثرثرة .

..

 

 

 

أمريكا المستفيدة من الحروب:

أفرزت الحرب العالمية الثانية ظاهرة خصوصية أمريكية وهي طغيان تدخل أصحاب الشركات الكبيرة في تسييرالأدوات الفعالة للسطة السياسية، وبدأوا يشغلون المناصب التنفيذية الرئيسية للحكومات الأمريكية المتعاقبة ويمارسون السياسات الفاعلة التي يعمل بها بإسم الأمة الأمريكية بأسرها( نموذج  ديك تشيني الذي تنقل من منصب رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون للخدمات النفطية. إلى وزيرالدفاع في حكومة بوش الذي قررتوقيت الحرب على العراق، والتخطيط للضربات، وتعيين السفراء المتلاحقين في العراق وأفغانستان، و حتى إختيارالموظفين العاملين في البلدين والذي أثرى ثراء فاحشا من الحملتين على العراق وأفغانستان لملكيته لشركات صناعات الأسلحة ووو ألخ )، ..حيث تفردت الولايات المتحدة بسطرة  لوبيات  الصناعات الحربية على القرارات السياسية، و التي تجني الأرباح من صناعة السلاح وشن الحروب/حيث تتحمل هذه اللوبيات داخل الولايات المتحدة –أكثر من أي عدو مزعوم خارجي -مسؤولية المواقف المتوترة مع الشرق إبان الحرب الباردة، أو تزايد إحتمالات الإصطدام الخطيرما بين الروس والأمريكان على ضوء ما يحدث اليوم في سوريا والعراق، حيث يهدد الإستفزازالأمريكي المستمرالمقصود(سواء عبر الناتوبأكرانيا أوبالمباشرعبرسوريا والعراق) المنطقة والبشرية كلها بمحرقة نووية، تفني كل ما تبقى من معالم حضارية في المنطقة كلها.

ويتشكل دعاة الحرب في الولايات المتحدة من خليط عجيب من ساسة معوقي العقل وعسكريين مختلين ومستثمرين مضاربين مرابين وسماسمرة أبناك روتشيلد الجشعة الممولة لكل الحروب الكبرى، وصناعيين وصوليين، ومتعصبين دينيين( يهود وإنجيليون وبروتستانتيون)، .

و الولايات المتحدة لا يمكنها أن تغتني إلابالحروب، فالتسليح هوالصناعة الأكثرإزدهارا فيها، الذي جعل منها أكبرقوة في العالم بعد الحرب العالمية الأولى، وإختلقت الظروف المواتية للحرب العالمية الثانية مكنها من إمتلاك نصف ثروة العالم بعد عام 1945، وكانت الحرب الحل النهائي لأزمتها المالية الخانقة لعام 1929 .، من هنا فقد كانت الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من نتائج الحربين العالميتين ومن فظاعات هيروشيما وناغازاكي....، وكان من دهائيات السياسة أنها لم تشارك في الحربين إلافي الشهورالأخيرة للحرب، لتنال حصة الأسد، وترمي بالسقط إلى حلفائها الرئيسيين (بريطانيا وفرنسا) وذلك بعد أن أججت للحربين عن طريق المساندة السرية لهتلروموسوليني - لتستكمل بعد ذلك عهدها الجديد الأمبراطوري (التوسعي) الذي تبنته منذ عام 1897، بعد إكتمال غزو أرض الميعاد وإستغلال خيرات أرض كنعان التي وهبها الرب لشعبه المختار (وهذه جملة تتكررمنذ ميثاق ماي فلاور  Mayflowerعام 1620 إلى الخطاب الأخير للرئيس أوباما ب الكيابيتول  في سيبتمبر من عام 2016)،

أما الإتحاد السوفياتي الذي أنقذ أوروبا من نيرالنازية في موقعة ستالينغراد، بتقديم ضحايا بلغ عددهم حوالي 36 مليون روسي، فكان نصيبه طعنة الخنجرفي الظهر، والضرب من تحت الحزام عبرالحرب الباردة.. فيعود الرفيق ستالين متحسرا بخفي حنين، يلعق الأسى والحسرة وراء جداربرلين، ومُحَصِّنا إمبراطوريته المتصدعة بحلف وارسوالعسكري المكين

 

أمريكا الصليبية او أمريكا العهد الجديد:

ورتث الولايات المتحدة، تركة الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس-الأم الرؤوم لأمريكا– بعد إنهياربرطانيا العظمى.ولكي تستحق لقب الإمبراطورية الجديدة، كان لزاما علي أمريكا أن تخرج من عزلتها التدينية (أرض الميعاد، وأرض كنعان، وأورشليم إسرائيل الجديدة والعهد القديم) لتدخل في مرحلة(الدولة الصليبية والعهد الجديد )المسماة سياسيا ب الويلسونية –أومذهب الرئيس وودرو ويلسون-1856– 1924)

فبدأالساسة الأمريكيون(الديموقراطيون والجمهوريون)، يُسَوِّقون لأمريكا المنتصرة في الحروب على النازية والفاشية والمُناهِضة للخطرالأحمرالشيوعي، فتم تقديم أمريكا للعالم بصورة أكثر تعقلا و تفتحا و حداثوية من الملكيات الإمبريالية الأوروبية في القرن التاسع عشر، وأكثرديموقراطية من ديكتاتوريات القرن العشرين لتبريرالحملات الصليبية الجديدة بإسم المنفعة و العقل و التقدم ، أوما يسمى إصطلاحا ب التوسعية العالمية -، (وهومحورالرحى في النهج السياسي للحزب الديموقراطي) منذ أن بدأت الإشارة إلي التقدمية كمفموم سياسي في نهايات القرن التاسع عشرمن طرف جروفر كليفلاند أول رئيس ديمقراطي أمريكي منذ ما قبل الحرب الأهلية الكبرى، ليحوله السيناتورالأمريكي الجمهوري البرت جي .بيفريدج -في خطاب عنيف شهير-إلى مصطلح أمريكي خصوصي–حيث تلبست كلمة التقدمية هنا(بمفهومها الأمريكي الإستثنائي) بالتصورالفلسفي البراغماتي (كفلسفة أمريكية :نفعية عملاتية وواقعانية :النتشية المصدر، والنفعية الأنغلوساكسونية الوسائل، والما كيافلية الأهداف) لتبريرإحتلال أراضي جديدة وبعيدة، عبرالبداية بالإستيلاء على جزرالفلبين، بورتوريكوـ جويام، هاواي، وكل ما تم الإستحواذ عليه في الحرب (الإسبانية- الأمريكية) عام 1898.

وبعد الحرب الباردة، تبحج الساسة الأمريكيون(ديموقراطيون وجمهوريون)بمنقبات تفكيك الإتحاد السوفياتي، والقضاء على الشيوعية بإلإحتواء:أي بالحيلة ووالمرواغات والنفس الطويل والتفاوض والرشوة، بدل الإنفعال والإرتجال المؤديين إلى التدمير المتبادل بالمواجهة العسكرية، وحربا الخليج وافغانستان، و الحملة على الإرهاب  التي هي عصا موسى التي يتوكؤعليها كل من الجمهوريين (البوشيان) والديموقراطيين (إدارة أوبما وخليفته  كلينتون) والتي لهم فيها  مآرب أخرى  تخفى على المغفلين (على المدى البعيد)...،

أما الأهداف المرئية فهي تقديم -هذه المرة- أمريكا أكثر إنسانوية من الأنظمة الشرقية المارقة القادمة في القرن الواحد والعشرين، التي يطلق عليها في الأدبيات الكلاسيكية السياسية الأمريكية  ب بلدان العماء المبين - وهي في التراث السياسي الأمريكي منذ القرن التاسع عشر-كل الدول الخارجة عن أوروبا الغربية حسب تعبيرالمؤرخ الأمريكي جون فيسك ، لتكون أمريكا بذلك كما وصفها الرئيس ابراهام لنكولون-بعد نهاية الحرب الأهلية وتحريرالعبيد الامريكيين-ب آخرأفضل أمل للعالم . فهل كانت الولايات المتحدة حقا  آخرأفضل أمل للعالم .؟؟؟

أم أن  أفضل العوالم قد تحقق أخيرا مع أوباما كما جاء على لسان جون المتوحش في قصة أفضل العوالم لأكسيس كارلايل ، حيث أن المسؤولين الحكوميين في حكومة العالم الجديد يتحدثون بسخرية عن عالم ما قبل الحكومة العالميةالجديدة  قائلين: فهؤلاء الماقبل الحداثيين Les Pré modernes المساكين كانوا حمقى وفقراء ومعتوهين وقذرين؟ ولم يكن يسمح لهم أن يكونوا سعداء بأمراضهم وآلامهمويقينهم، ودياناتهم وتجاعيد شيخوختهم جعلت عالمهم مخيفا؟

فماذا عن المشاريع الأمريكية القادمة القذرة لمابعد أوباما، وما بعد الإنتخابات الأمريكية الأغرب في التاريخ الأمريكي عل الإطلاق؟

للبث صلة

 

في المثقف اليوم