آراء

عماد علي: ترامب والشعوب المغلوبة على امرها ومنهم الكورد

emad aliيبدو ان المفاجئة الترامبية قد اشغلت العالم في هذا الوقت اكثر من غيرها، ويدلي كل متتبع بما لديه، ويرى ويطرح ما لديه حول التغييرات التي تحصل في المرحلة المقبلة، ووفق ما يلقاه من الاعلام وما اظهره دونالَد ترامب للجماهير المنتخبة، والجميع على دراية كافية في الفروقات الشاسعة بين الجماهير فكرا وتعبيرا وانفعالا وما يمكن ان يصل الى الحالة التي توصف بندم على فعل ما بدا من الذات في مرحلة معينة، وتختلف كل هذه الامور بين الجماهير بشكل عام التي تنتخب وبين الاصوات المفكرة والمتتبعة للسياسة والتاريخ، وما يهم العام لما يمكن ان يحدث نتيجة اي اختيار دون تسرع او انفعال . وهناك العديد من الامثلة حول ما اختارته الجماهير في ساعة غضب او انفعال ومن ثم ندمت بعد التاني وابعدته اي ما انتخبته في الوقت المناسب . الا ان الدولة المؤسساتية الراسمالية الاولى في العالم، وما تتضمن وتملك من المؤسسات المهتمة والملمة بهذه القضايا المصيرية ومنها الانتخابات، وهي الية ديموقراطية ناجحة نسبيا لاختيار الرئيس وكيفية امرار ما هو المضر بالمصالح العليا للشعب الامريكي من جهة وما يمكن ان يقدم البلد او يكون مناسبا لها في تسيير امور الدولة في المرحلة التي يتراس فيها البلاد ضمن ما يحتاجه العالم من الفكر والخلفية والشخصية المعينة، والتي من المفروض انها درست وطبخت في تلك المطابخ اصحاب القرارات المتعلقة بالامن القومي للبلاد، والاهم في الامر وهو امام العين قبل اي تحرك او قرار هو مصلحة الشعب الامريكي والدولة المريكية الحاملة للثقافة والفلسفة الراسمالية القحة وان كانت على حساب جميع دول العالم قاطبة .

مؤسسات الفكر والمعاهد العلمية السياسية والكمية الضخمة من الدراسات التي تجري حول المواضيع ومنها مسالة الرئيس وما يمسه من كافة النواحي، ومن هو المؤهل والمناسب للمرحلة وظروف الشعب العام ومذاق الجماهير وتوجهاتهم، كلها ضمن العوامل التي تضع نفسها امام المؤسسات العليا المهتمة بالامن القومي وليس شخصية المرشح ونظرته وخلفيته فقط . المعلوم ان الجماهير وما هو عليه الراي العام والتوجه المبني على الظروف العامة من الامور التي تُدرس كي تقع عليه نتيجة الانتخابات لما تديرها وتريدها تلك المؤسسات الرسمية المهمة والسرية . وعليه، تكون سياسات الرئيس الجديد ضمن اطر صلاحياته  المحدودة له دون الخروج من محددات الامن القومي والمصالح العليا وما يمليه عليه المستشارون الاخصائيون لابسط الامور التي تواجهه .

من خلال تلك العملية المعقدة وما يتبناه الرئيس للخوض في اية مسالة، يمكن ان ندرس ونرى ما يتعامل به الرئيس الجديد دونالد ترامب مع الشعوب المغلوبة على امره ومنهم الشعب الكوردي، على الرغم من ان ما تلقيناه من الافرازات البدائية لما صرح به اثناء حلمته الانتخابية من انه يتعامل مع الدول اكثر من الشعوب، ولكنه تكلم بشكل خاص عن الشعب الكوردي لما له المس المباشر بما تعمل عليه امريكا في المنطقة وما يهمها ضمن المعادلات والمخططات البعيدة المدى .

ستكون علاقة الدول الاربع التي انقسم عليها الكورد مع بعضها ومع امريكا بالذات مختلفة عن بعضها، ويمكن ان تتغير وفق التطورات بعد الهدوء وما تتفاعل به المعادلات ومنها ما يجري من العمليات العسكرية الخاصة ضد الارهاب، وكيف تكون فيه الخارطة السياسية  المستقبلية للمنطقة كامر ستراتيجي حيوي بعيد المدى، وما تفرضه المصالح الامريكة قبل اي شيء ضمن السياق الذي تسير عليه امريكا، وهو الثابت في كل مرحلة وعهد وفي ظل حكم اي رئيس وليس ترامب فقط .  عندما تنتخب الجماهير شخصية مثل ترامب، وهي لا تعي شيئا او لم تحمل اصلا مساحة في عقليتها ما نسميها بالمسؤلية الكبرى وليس بقدر ماهي التي تقع على المنتخب ذاته من ما يمكن ان ندعيها بالمسؤلية الصغرى الخاصة بذاته الفردية فقط . اننا ندرك ما على ترامب وغيره فعله، بعيدا عن الدعايات وما طرحوه من الترويجات في الحملة النتخابية والتي يفرض نسبيا من الالتزام بها عند التطبيق على ارض الواقع . وعليه يمكن ان يتعامل الرئيس في اكثر الاحيان ما تفرضه الجهة التي تتعامل معه، وهذا ينطبق على الشعوب ومنها الشعب الكوردي . اي كيفما كان واقعه  وكيف كان ثقله وما لديه من الاوراق التي يمكن ان يستخدمها كما هي الدول للتاثير على المصلحة الامريكية، في حينه يمكن ان نقرا تعامل الرئيس الامريكي مع شؤنهم ويتعامل مع ما يحملونه من الاهداف . الكورد في هذه المرحلة ليسوا بمستوى يمكن التفاخر بهم شعبا وقيادة ، لكونهم فشلوا في الوصول الى حال يمكن ان يفرضوا انفسهم ويكون لديهم ما يمنع امريكا من التراجع عن تعاملها معهم . وعليه، كل ما يمكن ان نصل اليه خلال قرائاتنا  بما تحمل من احتمالات كثيرة ومنها خطرة سواء كان الرئيس ترامب او غيره، الا ان  الاختلاف الطفيف بين ترامب وغيره هو من ما يحمله من شخصية جدلية مثيرة ومدى التزامه بصلاحياته المحصورة في الحلقة التي تفرض عليه التحركات او خرقها ربما، وهذا ما يدع اي متتبع ان لا يكون متيقنا من ما يذهب اليه من التوقعات حول تعامل الرئيس الجديد مع شعبه . المخيف في امر ترامب انه اكد على ما يهم الداخل الامريكي وما يعمل عليه قبل اي شيء اخر، وهو الاستراتيجية الاولى لديه . وان اهتم بما يهم الدول قبل الشعوب، فانه قد يضر بالمصالح المتفرقة للشعوب التي تختلف عن ما تهتم به الدولة التي تضمهم، وهذا ما يمس  الشعب الكوردي  ومصلحته ومستقبله قبل اي شعب اخر .

 

في المثقف اليوم