آراء

نبيل أحمد الأمير: رسائل خاصة للباحثين عن رؤية ترامب وصقور البيت الأبيض

nabil ahmadalamirاستطيع القول ان ادارة ترامب ستكون ادارة صقور بالاساس مطعمة ببعض من لديهم علاقات جيدة مع روسيا، بالاضافة الى عدد غير قليل من رجال الاعمال في ميادين الصناعات التقليدية، وبعض الوجوه التي عملت مع جورج بوش (الابن) او من عملوا كحكام ولايات او اعضاء مجلس شيوخ ونواب حاليين او سابقين .

ويتميز اغلبهم بعلاقات وثيقة باسرائيل وبعضهم يكره ايران الى درجة انهم اصدقاء لمنظمة مجاهدي خلق !

اول هذه الوجوه هو نائب الرئيس (مايك بنس) وهو حاكم ولاية انديانا، كما سبق له العمل كعضو مجلس نواب .

هذا الرجل كان في وقت ما رئيس اللجنة الفرعية للشرق الاوسط في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، كل مواقفه السابقة تثبت انه من الصقور .

حيث دعم حرب العراق، ورفض اي موعد لسحب القوات الامريكية من العراق، كما دعم زيادة القوات الامريكية في عام 2007 .

ومن مواقفه أيضاً إنه رفض اغلاق معتقل غوانتانامو، وطالب بمحاكمة من فيه في محاكم عسكرية، كما دعم الاطاحة بالقذافي في ليبيا .  وكان مناصر لاسرائيل، ودعى الى منحها الفرصة لضرب البرنامج النووي الايراني، كما دعم اسرائيل في استخدام القوة لفرض الحصار على غزة، وقد مرر قانوناً في انديانا يمنع اي شركة تقاطع اسرائيل من العمل في انديانا .

اهم المرشحين لمنصب وزير الخارجية هم ١- رئيس مجلس النواب الاسبق (نيوت غينغريتش) . .

٢- ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور (بوب كوركر) . .

٣- ووكيل وزير الخارجية الاسبق (جون بولتون) .

 

١- نيوت غينغريتش . .

كما هو معروف مرر قانون تحرير العراق عام 1998. وللرجل اراء قوية فيما يخص المسلمين في امريكا فقد دعا الى طرد كل مسلم يؤمن بالشريعة من امريكا، كما دعا الى تجريم اي شخص يتصفح مواقع الجماعات الارهابية على الانترنت .

كما يعرف باحتقاره للعديد من المنظمات الدولية كالامم المتحدة وحتى حلف الناتو، ووصف الاولى بالفاسدة، والثاني بان اعضائه لايدفعون حصصهم العادلة .

 

٢- بوب كوركر . .

الذي كان عمدة مدينة تشاتونغا في ولاية تينيسي قبيل فوزه بعضوية مجلس الشيوخ ، دعم حرب العراق وأيّد زيادة القوات الامريكية، ورفض انسحابها المبكر، ورفض تركيز اوباما على باكستان بدلا من افغانستان، لكنه عاد واعترف عام 2015 ان القلاقل التي حدثت في المنطقة العربية بعد الربيع العربي كانت حرب العراق احد اسبابها .

٣- جون بولتون عمل كمساعد وزير خارجية، وكوكيل وزير الخارجية لشؤون منع التسلح، بالاضافة الى المندوب الامريكي لدى الامم المتحدة .

ساند حرب العراق بل ويعد من مهندسيها كما يعد من اهم منتقدي الامم المتحدة . دعم بولتون منظمة مجاهدي خلق وحظر وخطب في احد مؤتمراتها .

اذا عُيّن غينغريتش او بولتون لهذا المنصب المهم فهذا يعني ان ترامب سيفعل مايريده مع او بدون الامم المتحدة . وهذا يشكل انقلابا شاملا على كل فلسفة ادارة اوباما .

أما المرشحون لشغل منصب وزير الدفاع هم

١- السيناتور (جف سيشينز)

٢- مستشار الامن القومي الاسبق (ستيفن هادلي)

٣- السناتور السابق (جيم تالانت) .

 

١- جف سيشينز . .

عمل كنائب عام لولاية الاباما قبيل فوزه بعضوية مجلس الشيوخ . ساند حرب العراق ويعد من الداعمين للخيار النووي الامريكي بالاضافة الى مساندته لزيادة تعويضات قتلى الجيش الامريكي .

 

٢- ستيفن هادلي . .

عمل كنائب مستشار الامن القومي وكمستشار الامن القومي في حقبة بوش الابن وكان له دور مهم في زيادة القوات الامريكية عام 2007 كما يشغل حاليا منصب رئيس مجلس ادارة المعهد الامريكي للسلام .

في عام 2013 دعا هادلي الى ضرب سوريا بعد استخدام بشار الاسد للاسلحة الكيمياوية (كما إدعوا) في الغوطة، وقد عرف لاحقا انه كان عضوا في مجلس ادارة شركة مصنعة للقذائف الحربية، وقيل ان دعوته لقصف سوريا كانت ستحقق ارتفاع باسهم هذه الشركة لو تحقق ما اراد .

 

٣- جيم تالانت . .

كان عضوا في مجلسي النواب والشيوخ عن ولاية ميزوري . أيد حرب العراق ومن المساندين لزيادة الانفاق العسكري الامريكي، كما كان نائب رئيس لجنة منع انتشار اسلحة الدمار الشامل والارهاب، وقد انتقد اوباما لاخفاقه في التهيؤ لضربة ارهابية باسلحة بايولوجية .

الامر اللافت في كل هؤلاء انهم صقور ولن يبدوا التردد الذي هيمن على ادارة اوباما في مسألة استخدام القوة .

أما المرشح الابرز لمنصب مستشار الامن القومي هو الجنرال (مايكل فلين) الرئيس السابق لوكالة استخبارات الدفاع .

هذا الرجل خدم في الاستخبارات والقوات الخاصة في غرينادا وهاييتي والعراق وافغانستان، كما شغل مناصب مثل مدير استخبارات قيادة العمليات الخاصة المشتركة ومدير استخبارات القيادة الوسطى ومدير استخبارات رئاسة الاركان المشتركة ومدير استخبارات القوات المتعددة الجنسية في افغانستان .

وشغل اخيراً منصب معاون مدير الاستخبارات الوطنية، ومدير وكالة استخبارات الدفاع . اختلف مع ادارة اوباما لاعتقاده ان امريكا اقل أمناً مما كانت عليه قبل 9/11، واضطر الى التقاعد من الخدمة . يؤمن هذا الرجل بضرورة اقامة علاقات طيبة مع روسيا وقد زار موسكو والتقى بوتين . كما يؤمن ان اوباما جعل امريكا ضعيفة وغير مرهوبة الجانب .

هذا الرجل مرشح ايضا لشغل منصب مدير المخابرات الوطنية .

 

هناك شخصيات اخرى قد تشغل مناصب مهمة او تستمر بتقديم النصح لترامب في القضايا الخارجية . .

من ابرزهم الجنرال (جوزيف كيث كيلوغ) . خدم هذا الرجل في حرب فيتنام وفي حرب الكويت وتقاعد عام 2003، وهومدير للقيادة والسيطرة والاتصالات في رئاسة الاركان المشتركة . كما عمل لاشهر في سلطة التحالف المؤقتة في العراق كمدير للعمليات . عمل ايضا في شركة اوراكل لقواعد البيانات وشركة كاسي وهي مُتعاقد مهم مع وزارة الدفاع .

من الشخصيات الاخرى التي يستشيرها ترامب (جوزيف شميتز)، وهو مفتش عام وزارة الدفاع الاسبق . وقد عمل شميتز كمحام وضابط بحري احتياط كما الف كتاب بعنوان (الشريعة تهديد لاميركا) . اضطر للاستقالة من منصب مفتش عام وزارة الدفاع بعد اتهامات عديدة باعاقته للعدالة، وسوء استغلال المنصب . عمل بعد استقالته في احدى الشركات المالكة لشركة بلاك ووتر .

هناك ايضا (جورج بابادوباولوس) وهو خبير في مجال الطاقة ومن المؤيدين لاسرائيل .

كل هذا الفريق أعلاه سيسير باتجاه هجومي في مجال السياسة الخارجية مع محاولة عدم التورط في حرب مكلفة، وسيتصدى لايران مع محاولة تعديل الاتفاقية النووية، وسيتوافق مع روسيا في سوريا و سيكون متشدداً تجاه التيارات الاسلامية أينما كانت في امريكا او في العالم، وسيدعم التيارات العلمانية وكل الرجال الاقوياء في السلطة القادرين على كبح الاسلاميين، مثل السيسي في مصر كما سيعيد اميركا الى دعم اسرائيل غير المحدود .

وربما ستكون لسياسة ترامب الخارجية نتائج ايجابية على المدى القصير في وقف الحرب في سوريا، وتسديد ضربة ساحقة لداعش . لكن هذه السياسات قد يكون لها عواقب سلبية على المدى المتوسط من اهمها بروز تنظيم القاعدة من جديد واستقطابه لعناصر الاخوان المسلمين وكل الناقمين على سياسة ترامب تجاه المسلمين .

علينا الانتباه أيضاً لرجل مهم في فريق ترامب للشؤون الخارجية، انه الدكتور (وليد فارس) الذي عُين كواحد من اهم من مستشارية للشؤون الخارجية وسيكون له دور مهم في صياغة سياسات ترامب في الشرق الاوسط .

 

وليد فارس . .

اكاديمي من اصل لبناني ماروني عمل مستشارا لشؤون الارهاب في مجلس النواب، كما عمل في صفوف حزب القوات اللبنانية . شغل مناصب مهمة عديدة في مراكز ابحاث امريكية، وألّف العديد من الكتب عن الشرق الاوسط بالعربية والانكليزية والفرنسية . كما كان مستشاراً للمرشح الجمهوري (رومني) .

اهم ما يؤمن به هذا الرجل هو شعوره كاحد ابناء الاقليات الدينية في الشرق الاوسط، وان التيارات الاسلامية تشكل تهديدا مباشرا لهذه الاقليات مثل الاقباط في مصر والموارنة في لبنان .

واهم استنتاج يعمل به هو ان تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة والاخوان المسلمين وحماس وحزب الله وايران بل وربما اردوغان والمؤسسة الوهابية السعودية والقطرية كلهم متطرفون وارهابيون يجب التعامل معهم بحزم وقوة . واهم طريقة ناجحة في التعامل معهم هي دعم الرجال الاقوياء في الشرق الاوسط والتيارات العلمانية والاقليات .

وعليه وكما نعتقد ستكون سياسة ترامب في الشرق الاوسط كالاتي . . .

- عبدالفتاح السيسي في مصر هو الحليف العربي الاول .

- الملك الأردني عبد الله هو الحليف الثاني .

- اسرائيل هي حليف مهم، وسيحاول حل القضية الفلسطينية عبر حل الدولتين وعبر قمع حماس .

- الاخوان المسلمين منظمة ارهابية .

- على الاغلب سيدعم الجنرال حفتر في ليبيا .

- سيتصدى لحزب الله في لبنان (ليس بامكانه فعل الكثير لان ازمة الرئاسة انتهت بانتخاب عون) .

- سيتفق مع روسيا على سحق داعش في سوريا وضمان امن العلويين ودعم الاكراد ولكنه لن يدعم الجماعات السنية الاسلامية التي تدعمها السعودية في سوريا، وربما يصار الى كونفدرالية في سوريا .

- سيستمر بتحالف امريكا مع السعودية ودول الخليج ولكنه سيطلب منهم تمويل هذا التحالف ولن يسكت عن المؤسسة الوهابية السعودية وتحريضها على الارهاب .

- سيحاول اعادة التفاوض مع ايران بخصوص الاتفاقية النووية رغم انه لن يكون هذا الامر سهلا .

- كما سيدعم نظام ال خليفة في البحرين .

 

أما عن العراق . . فإننا نرى :

مع دخول قوات الحكومة العراقية للموصل سيكون على ترامب التعامل مع واقع سيطرة الدولة العراقية على الموقف، مع هذا سيدعم ترامب الكورد العراقيين ولن يتساهل مع اي جماعات مسلحة مدعومة من ايران . ربما سيكون لترامب موقف سلبي من دعوات الاقليم السني مادامت الحكومة العراقية قوية ومسيطرة .

 

وباختصار ستكون سياسة ترامب نكوصاً عن سياسة اوباما الذي قرر التزام الحياد في الصراع الايراني السعودي، وعودة الى دعم الانظمة العربية السنية العلمانية في وجه ايران، كما سيمثل ذلك نكوصاً عن سياسة بوش الابن في دعم الديمقراطية بعد 9/11 . وسيساعد في ذلك اختياره للعديد من الجنرالات للعمل كمستشارين في مواقع مختلفة مما يعزز رؤية وزارة الخارجية الامريكية والمخابرات المركزية وخبرائهما المستعربين الذين يؤمنون ان الديمقراطية امر غير مفيد في الشرق الاوسط .

إن مايهمنا في ذلك هو ما أثر هذه السياسات المتوقعة على الشرق الاوسط ؟

فقد يبدو ان الاثر المباشر هو ايقاف الحرب السورية وهزيمة تنظيم داعش، لكن ذلك قد ينطوي على تهيئة الارضية لاستقطاب تنظيم القاعدة للكثير من عناصر الاخوان المسلمين الذي ستصنّفهم امريكا كارهابيين، خصوصاً وإن مصر والسعودية وتركيا تعاني من ازمة اقتصادية ناتجة عن انخفاض الدخل العائد من السياحة او النفط مما يمكن ان يساعد في نمو التطرف من جديد ....

 

وللموضوع بقية حال إعجابكم به . .

والله من وراء القصد .

 

د. نبيل أحمد الأمير

متخصص ببحوث السياسة الأمريكية

 

في المثقف اليوم