آراء

عماد علي: هل فتح البارزاني برسالته منفذا لحل الازمات في كوردستان؟

emad aliلابد ان نشير اولا الى ان الثقة بين الاحزاب مفقودة الى الحد الذي لا يمكن ان نتصور بان الجهات يمكن تفكر مع نفسها وان تصدق البارزاني فيما اعلنه من كيفية حل الازمات السياسية والاقتصادية الخانقة في اقليم كوردستان، خلال توجيه رسالة الى اليهم  وهي تتضمن الخطوط  العريضة الاولية لكيفية العمل والتفاهم والتوافق على حل الازمات الموجودة  . والشكوك تعتري افكارالكثيرين من القادة والجهات من جوانب عدة لاسباب منها:

*ان يكون التوجيه او الرسالة خطة تكتيكية مرحلية نتيجة الضغوطات التي مورست داخليا وخارجيا على البارزاني في الايام القليلة الماضية من جهة، او بعد ان ادرك ان ما صرح به في البعشيقة زاد الزيت على النار من خلال تحدياته وما تضمن مؤتمره الصحفي من كلمات نابية ضد المعترضين والمتظاهرين وانعكست عليه .

* ان تكون الرسالة وما فيها من اجل تهدئة الامور في المناطق التي تصاعدت فيها  نبرة الاعتراضات من التظاهرات والاعتصامات للموظفين والمعلمين يوميا وبرزت احتمال ان تخرج من تحت السيطرة وان يستغلها المتربصين ايضا، ويحاول بهذه الرسالة ان يخضع بها الجميع دون العودة الى الشارع ثانية ان خمدت الاحتجاجات بها، وهذه النية يمكن ان تكون بعيدة وان لا يمكن نفيها .

* يمكن ان نقول قد ادرك البارزاني اخيرا الخطورة المحيطة بالتجربة الكوردستانية وما واجهه من ازدياد تضييق الطريق امام الحلول الناقصة التي ابداه من قبل، وتاكد من ان الوقت ليس لصالحه شخصيا وحزبيا، وان يكون الالحاح على التعنت قد يودي  به وبحزبه وبالتجربة الكوردستانية في وقت قصير، بعد ان اَخبر به وتاكد بان مابعد الانتهاء من دفع بلاء داعش ليس كما هو قبله، ومرحلة اعتلاء ترامب الكرسي والتغييرات المنتظرة وما يعمله من الاحتمالات المتعددة الاوجه وليس كما هو الان لعهد اوباما، والى غير ذلك من الامور الضاغطة على تفكير البارزاني ومن حوله . والعجيب انه كان بامكانه ان يطرح هذه الرسالة قبل التصريحات النارية  التي ادلى بها في بعشيقة التي كانت تتضمن تحديات،  ولم يحسب لاي شيء، وكان المؤتمر الصحفي الاول الذي لا سابق له من حيث الكلام والفحوى والتوجه ومن اطلاق الكلمات غير الدبلوماسية . اما ما تضمن الرسالة التي اطلقها بعد يوم واحد فقط من المؤتمر يثير الشكوك اكثر ويدع من يتعامل مع الواقع ان يخاف من نتائجه اولا، او من كيفية تعامل البارزاني وحزبه مع مجريات ما تريده عملية التصالح والتقارب واعادة السلطة الى سكتها ثانيا، ويحتاج هذا الذي يجري الى الثقة المتبادلة اكثر من اي شيء اخر، والغريب ان لغة الرسالة فيها من الهدوء والخطوط العريضة لحلول القضايا الحساسة وكذلك التهجم والانتقاد الذي يجعل ان يشكك المتابع لما يهدفه البارزاني، هل حقا يريد اعادة النظر في سياساته وياِس من عدم حصوله على ما كان يصر عليه طوال هذه المدة بل ما لاقاه من الاعتراضات والانتقادات ليست بقليلة، واصطدم بجدران وموانع داخلية وخارجية جعله يفكر كثيرا حتى اجراء المؤتمر الصحفي في بعشيقة، وان لم يكن كذلك وبرز الموقف الجديد بين ليلة وضحاها، فان قصر المدة بين المؤتمر الصحفي والبلاغ الصادر عن البارزاني يجعل المحللين يشكون في الامرو بما يمكن ان تكون تحتها من الالغام السياسية واساليب الصراع ايضا .

المتابع له الحق ان يقول بان البارزاني قد اهدر الكثير من الوقت وكان بامكانه ان يعلن عن هذا الذي يمكن ان نسميه بمبادرة التصالح والتقارب والاتفاق من حيث ما تحتويه من الخط العريض لخارطة عمل وفق ما يفكر هو به، وتاخر كثيرا، فكان بامكانه ان يقوم ما قام به اليوم قبل اشهر، وكانت الخطوات التي تحتاجه الخارطة المطلوبة لمثل هذا العمل التي رسمت اطرها على الاقل لوقت اقل مما نحتاجه اليوم وكان يمكن ان يكون التفاهم والتطبيق اسهل، ولم يكونوا كما هم اليوم محصورين من الوقت وما استجدت ايضا اضافة الى التغييرات السريعة التي تجري في العراق والمنطقة وما ترافقها من التاثيرات الى الوضع الكوردستاني غير المتهيء لاي تحدي او عراقيل ممكنة البروز  امام اقليم كوردستان وتجربته .

و عليه،  يمكن ان تتفاعل الجهات مع مبادرة البارزاني وان تتجاوب معه وفق ما تتطلبه عملية التصالح والعودة الى ما كنا عليه على الاقل، ومن اجل قطع حجج عدم التجاوب مع الرسالة التي يمكن ان يدعيها البارزاني ويستغل مواقف الجهات لاغراض حزبية صرفة فقط وعلى حساب الشعب . وهنا يبرز التساؤل كيف يتم التجاوب . واعتقد انه يمكن ان نتبع خطوات الحل بفرز ما يتمخض عن التفاهمات المطلوبة بحزمة واحدة اعتبارا للوقت الضيق المتبقي لدينا وانتهازا للفرصة الصغيرة السانحة ومنعا للتدخلات وتلافيا لما يمكن ان تدخل الشيطاين في التفاصيل، وبخطوات واختيارات مناسبة وكما ياتي :

*اختيار شخصية اكاديمة معتدلة مخلصة ذات مقبولية من قبل الجميع من بين اعضاء البرلمان ووفق التوافق المطلوب وله امكانية والقدرة على ادارة البرلمان بشكل مناسب للمدة المتبقية من دورته، لادارة البرلمان بشكل مقبول ومنسجم مع كافة الجهات، بعيدا عن الصراعات الحزبية خارج البرلمان التي زجت عنوة الى داخله من قبل غير المتمكنين والسذج من اعضاءه، ويمكن ايجاد هذه الخصائص المطلوبة لرئيس البرلمان الجديد بين اعضاء البرلمان، وان كانوا جميعا منتمين للاحزاب الا انه يمكن ان نجد من خريجي الاحزاب غير الملتزمين بشكل متطرف بالحزب ومتطلباته، ويمتلك نسبة من المعقولية لادارة البرلمان بشكل ملائم مع ما يجري في اقليم كوردستان وظروفه ومع مستوجبات المرحلة الحالية  .

*في الوقت ذاته يمكن اختيار شخصية كوردستانية معتبرة ذات سمعة وكفاءة وامكانية لانتخابه كرئيس انتقالي للاقليم من قبل البرلمان لهذه المدة المتبقية ولحين اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في وقت واحد، كي يملا الفراغ السياسي والقانوني الذي يعيشه الاقليم حاليا .

و عليه يمكن بحث المواضيع المصيرية الهامة التي يتوقف عليها مستقبل اقليم كوردستان من حيث تحديد النظام السياسي الذي يمكن اتباعه بتفاصيله مع اجراءات امرار دستور مناسب لاقليم كوردستان، يمكن ان يتوافق عليه الجميع دون ضجة او تاخير، لمسايرة الواقع وعدم تبذير الوقت الضيق جدا الباقي لدينا .

ومن اولى مهام البرلمان ورئيس الاقليم المؤقت لهذه المرحلة الانتقالية هو ايجاد الحلول السريعة المناسبة للمواضيع الحياتية الملحة التي لها الصلة المباشرة بحياة الشعب الانية وظروفه اليائسة وغير القابلة للتاجيل وهي :

* ايجاد حل سريع ومناسب باية طريقة كانت للازمة الاقتصاية الخانقة التي فرضت على المواطنين وحلت بالاقليم الدمار النفسي والاقتصادي والاجتماعي من جوانب عديدة، واولى الاولويات توفير رواتب المعلمين والموظفين .

*تحديد المسار الاستراتيجي للتعامل مع المستجدات والتغييرات المتوقعة للمنطقة بما يستوجب من الدراسة والدقة في اختيار الطريقة المناسبة مع كل موضوع بما يتلائم مع كوردستان من جوانبها المختلفة .

و ان تعذر على البرلمان الحالي بما نعرفه عن مكوناته واعضاءه وكيفية وصولهم الى البرلمان نتيجة المنافسات الضيقة الافق ووفق الشعبوية التي اتبعت من قبل الاحزاب للحصول على الاصوات وان كانت على حساب المصير الحقيقي لشعب كوردستان، وبما ارتكبته الاحزاب والشخصيات الثورية التي تدير الاقليم اتباعا لمتطلبات الصراع الثوري التي تربوا عليها في ثنايا الجبال الوعرة امام الحاكم المستبد، دون اي يتبعوا اية خطوة تتلائم مع ما تفرضه المدينة والحياة المدنية فيما بعد الثورة لحد اليوم، وعليه يمكن ان يعتمد البرلمان في القضايا المصيرية الحساسة على تاسيس هيئة استشارية من الشخصيات الاكاديمية الخبيرة والاختصاصية من ذوي الكفاءات والتاريخ الساطع والمخلصين لقضايال الشعب ومن القانونيين والمثقفين وكتاب والصحفيين واصحاب الامكانيات ممن لهم باع طويل في المواضيع السياسية والقانونية لاتباع ما يمكن ان يخرج به الاقليم من عنق الزجاجة التي اوقعته فيها الساسة والاحزاب اصحاب المصالح الخاصة . والا ستذهب الفرصة الاخيرة سدىً دون ان نقطف ثمرة النضالات التي سفكت من اجلها الدماء الزكية لابناء الشعب المغلوب على امره .  

 

 

في المثقف اليوم