آراء

عماد علي: ما بين الحشد والبيشمركَة من نقاط مشتركة دافعة للتعاون فيما بينهم

emad aliلوهلة يمكن ان نتمعن عن خلفيات انبثاق المؤسستين العسكريتين المختلفتين في التركيب والشكل سواء في وقت الولادة والاهداف والزمان وكيفية تاسيسهما من خلال الثورات بالنسبة للبيَشمركَة ومحاربة الارهاب بالنسبة  للحشد الشعبي .

المعلوم عنهما انهما تكونتا من خامتين عقائديتين قوميا ومذهبيا مختلفتان في  الاهداف تقريبا والتوجه والارضية مختلفة شيئا ما بين رحم ولادتهما، الا اننا يجب ان نعترف بان ما كان في رحمهما تنما في ظروف مختلفة وبدوافع فرضتها الضرورة التاريخية  المحتلفة لكل منهما . مهما ادعى البعض في تعريفهما وبيان حقيقة واختلاف تركيبتهما، وادعاء وطنيتهما العراقية الا ان المخاض لم يكن وطنيا بحتا يمكن ان نعرّفه على انه جاء من اجل  الدفاع عن الوطن ومحاربة من كان يهدفه من خلال الوقوف ضد مكون معين دون غيره من اجل الحفاظ على الوطن، اي ليس في تركيبة البيشمركَة عربي ولا في الحشد الشعبي سني، اليس هذا ما يظهر لنا الحقيقة الساطعة بانه حتى المؤسسة العسكرية الوطنية التى بنيت خلال السنين الماضية ليست بالمستوى الذي يمكن ان يدافع به البلد  عن نفسه بشكل قوي مقارنة بما يقدم من ينتمي الى البيَشمركَة او الحشد من التضحيات، وعلى هذه النقة السلبية اعتمد داعش وتمكن  من الوصول الى العمق العراقيو احتل ثلثه من خلال استغلال المكونات التي خدعت به، ولولا التدخل العقيدي وتشكيل جحافل عسكرية مذهبية التركيب ويمكن ان تكون وطنية الهدف لتكمن الارهاب من ان يحقق هدفه .

اما البيشمركَة له تاريخ ناصع وانبثقت من الضرورة التاريخية القصوى للدفاع عن الذات ومنع الايدي التي ارادت اذابة قومية او عرق معين دون غيره، من خلال ثورة عارمة وبسواعد ذاتية غير مستندة على الاخر، وهي برزت اسما وتركيبا وامكانية من خلال التوليد الذاتي نتيجة رد الفعل الطبيعي لما تعرض له هذا الشعب المتكامل الاوصاف وهو ذومقومات تفرض نفسها ويستحق ان تكون له دولة مستقلة كاملة السيادة  ودون منازع .

ربما تكون هناك انتقادات على كيفية تاسيس مثل هذه القوات العسكرية المبنية على توجهات احادية الجانب ولم تتبناها العقلية الوطنية والانتماء للوطن قبل اي اعتقاد او توجهات اخرى . نقول في هذا الصدد، عندما نقيم الواقع العقيدي والثقافي والسياسي للشعوب العراقية وما يؤمنون به وما هي اولولياتهم وما تربوا عليه قبل اي ايمان بالانتماء الى الوطن منذ الولادة لحين الرشد، لبيّنا بشكل واضح وجلي ان عدم وجود الاحساس باي انتماء لا يمكنك ان تدافع عنه، ان كانت اولولية النسبة الكبرى من عرب الوسط والجنوب بالمذهبية وفي مقدمتها الشيعية سائدة في عقلياتهم وتوجهاتهم فاين الخطا عندما يكون الاعتماد عليهم وبما يتصفون في الدفاع عن الوطن باكمله من خلال دوافعهم المذهبية كانت ام القومية ضد القوى الخارجية وليس الداخلية . ان كان الكورد يعتقدون بانهم يستحقون العيش باستقلالية كاملة دون ان يتضرر منهم المكونات الاخرى، فهل يتضرر احد ان كنا نفكر بعصرية بعيدة عن الانحياز وتاثيرات التاريخ وما توارثناه من خلال السلطات الدكتاتورية المتعاقبة على العراق . فما الضير ان لم تتدخل القوى الخارجية والتابعين لهم داخليا، وتربت هذه القوى الداخية على روح الانسانية العصرية بعيدا عن الاحتكاكات الداخلية وعن استغلالهم من قبل القوى الخارجية وان يكون التفاهم والتعاون والمشاركة الداخلية قبل الاذعان للقوى الخارجية التي لا يهمها شيء الا مصلحتها، فهل يتضرر الشعب من من يبعد عنه الارهاب بروحيته مهما كانت عرقية او مذهبية داخليا فرديا ووطنية فعلا وتوجها من خلال اجاء العملية وفي المسار الصحيح .

وعليه ان النظام الفدرالي العراقي التي يسمح ببناء قوى عسكرية من ما سمي بحرس الحدود ضمن الاقاليم والمحافظات التي تتبنى الفدرالية، في النتيجة، فان القوى المكونةفي تلك الاقاليم ستبنى من قبل اولاد تلك المحافظة او الاقليم، وبالتالي نحصل على نتيجة بان الشكل الديموغرافي هو الذي يحدد تركيب هذه القوات . والسلطة العليا العسكرية المركزية كما هو حال المالية والتخطيط والخارجية ستكون لدى المركز، فسيكون التعاون والتضمان بينهم  عاملا لتقوية البلد القدرالي وليس هناك اي مجال لضعفه، الا اذا تخططت وتحركت بشكل مناقض لاهدافها الحقيقية  .

اهم عامل لعدم التضارب بين هذه القوى، وهو الهدف الاساسي الاستراتجي الذي يتبنونه في افعالهم واهدافهم وتحركاتهم، فان كان الانسان العراقي ومصالحه ومستقبله وانسانيته هو الهدف الرئيسي في توجهاتلاو نوايا واهداف هذه القوى المختلفة الشكل والتركيب، وان كانت الثقافة العامة والاساس المتين لبناء هذه التركيبات مبنية على الانسان والانسانية وحدهما عاريان عن الكثير من التوجهات والافكار غير الانسانية، فان نتائج عملهم سيكون لصالح الجمع او القوى والمكونات المختلفة التي ينتمي اسسا للعراق دولة وشعبا .

البيشمركَة ولدت من رحم الثورة ولها اهداف حقيقية انسانية قبل ان تكون عرقية او مذهبية او دينية او اي شي اخر، ولكن انبثقت من خلال الظلم الذي اصاب الكورد وحدهم دون غيرهم في الكثير من المراحل كرد فعل، والمذهب الشيعي المنتمي الى الشعب العراقي ولادة، وهما قد تعرضا للهجمات الشرسة والظلم والغدر خلال سيطرة الحكومات السابقة على زمام الامور في العراق ووصلت القمة الغدر والطغيان  في عهد النظام السابق، وكانت الادعاءات التي تبناها النظام السابق بشكل غير مباشر هو العمل على تضاد المذهبين من اجل السيطرة على الارض ومن خلال بديهية فرق تسد، ولهذا يشتهر هذان المكونان بالتظلم اكثر من غيرهم،  أليس من حقهم بناء ما يمكن ان يضمن مستقبلهم دون عودة المرحلة البائسة التي مروا بها .

 لذلك يمكن ان نكشف عن ان هناك نقاط مشتركة كثيرة بين الحشد والبيشمركَة التي يمكن ان يتثقفوا بها ويتعاونوا عليها بعيدا عن اي هدف خارجي يمكن ان يستغلهم ويشوه بهم  وحدة المصير من خلال الافكار الضيقة الافق المبنية على المذهب كجزء من الدين الذي يمكن ان يُستغل من اجل التفرقة،و ليس بناءا على مصلحة الشعب الذي ينتمي عادة اليه  منذ ولادته،  ودون ان يكون لمذهبه بالذات تاثير مباشر عليه، ويمكن ان يدافع عن الوطن من خلال الانتماء فكريا للانسانية  من جهة وعدم فسح المجال امام استغلاله من قبل الاخر بوجه اخر من خلال ثغرة العرقية والمذهبية العقيدية الضيقة من  جهة اخرى . وعليه فان البيشمركَة الذي يدافع عن عمق معين ودافع لمدة طويلة وكان دفاعه حقا كما نعلم، فانه يدافع عن الانسان العراقي الذي لا يقف الى جانب الاجحاف، والحشد وقبله القوات المعارضة في جنوب العراق واهواره التي انبثقت من شيعة العراق فقط ليسوا في النتيجة الا من افادوا العراق في الخلاص من الدكتاتورية، وهذا مفيد ولكن بشرط ان لا تتمدد وتتطاول اهدافهم الاطار الوطني من خلال الثقة التي تبنيها العقيدة الصحيحة  والثقافة والانتماء العفوي للعرق او المذهب كجزء للنتماء الوطني .

بعيدا عن العقيدة والافكار الضيقة الافق التي تمنع الوحدة والتعاون، فان اي شيء او تركيب او مؤسسة مهما كانت محتواها او بنائها، فان كانت توجهه وايمانه العميق وثقافته مبينة قبل اي انتماء اخر الى الانسانية، فان الوسائل المستخدمة للوصول الى الاهداف العامة للانسانية التي يحملها ليست الا وسائل للوصول وليست بغاية، وعليه فان المذهبية والعرقية التي تفرضها عقلية المنتمي الى اية مؤسسة التي يمكن  استغلالها واستخدامها للدفاع عن الوطن وكافة المكونات، فانها تعتبر وسيلة من اجل تحقيق الهدف الاكبر، فليست الدولة بشيء خارج مصلحة الانسان وليست المذهبية بشيء خارج الانسان وحياته، وليست العرقية بشيء ان كانت ضد الاخر وخارج نطاق الهدف الانساني قبل اي شيء اخر، وان كان الهدف عكس هذا فانه يدخل الى خانة الشوفينية ولا علاقة لهذه بالقومية الانسانية وما يحمله الانسان فطريا في منطقة كالشرق الاوسط الغني بالافكار المثالية التي تعلق ارجل الوليد منذ ولادته بما يفرضه المجتمع من العادات والتقاليد والافكار المفروضة على عقلية المجتمع ويتوارثوها دون التحقق من اصحيتها . وعليه يمكن ان يستغل الانسان الشكل السالب لضربه السالب الاخر لينتج الموجب كما هو المعروف في الرياضيات . ويمكننا ان نقول ليس البيشمركَة والجيش والحشد الشعبي، والوطني وليس حتى الوطن والدولة والمؤسسات والكيانات والهيئات الا وسائل لخدمة الانسان، وما يمكن ان نسميه عفويا بالمواطن . فلا ضير لالف حشد وبيشمركَة وجيش ان كان التعاون المشترك والتداخل بينهم، وليس جيش واحد متضا رب غير معني بالانسان في داخله كما كان ابان السلطات السابقة .

الا ان الحساسية الموجودة على ارض الواقع لهذه التربيات قد تضيق من النجاح في تحقيق مثل هذه الاهداف، وعليه تحتاج هذه العملية المعقدة لقيادات واعية عالية التفكير وعقليتها فوق اي انتماء في الفكر والسلوك والاعتقاد ومغاير تماما حتى لافراد هذه المؤسسات المحدودة الثقافات، وبه يمكن تفادي اي تصادم في المستقبل . والجميع يعلم ان ظروف العراق ليس كغيره فانه لا يمكن ان تطبق نظريات ضيقة التوجه عليه كما في الدول المجاورة

 

في المثقف اليوم