آراء

كاظم الموسوي: حصيلة عام من شهداء البحث عن الحقيقة

khadom almosawiنهاية كل عام تصدر المنظمات الدولية والمحلية تقارير سنوية عن ضحايا وشهداء البحث عن المتاعب والحقيقة من اجل الحياة والعمل والمستقبل.. فقد أفادت منظمة "مراسلون بلا حدود" (Reporters sans frontiers) الدولية المتخصصة في حماية حقوق الصحفيين، التي مقرها العاصمة الفرنسية باريس انه "قتل57 صحافيا في العالم عام 2016 بسبب نشاطهم المهني ولا سيما في الدول التي تشهد نزاعات وفي طليعتها سوريا بالمقارنة مع   67 صحافيا عام 2015".

سجلت المنظمة في تقريرها، إن سوريا تحولت الى “جحيم” عام 2016 مع مقتل 19 صحافيا فيها، تليها أفغانستان (10 قتلى) والمكسيك (9) والعراق (7) واليمن (5). كذلك قتل هذه السنة تسعة “مواطنين مراسلين” (مدونين) وثمانية متعاونين مع وسائل إعلام، ما يرفع الحصيلة الاجمالية الى 74 قتيلا سقطوا “بسبب ممارستهم مهمتهم الإعلامية”، وفق ما جاء في الحصيلة السنوية للمنظمة. وقتل جميع الصحافيين تقريبا في بلدانهم، بإستثناء أربعة سقطوا في دول أجنبية وبينهم هولندي وإيراني قتلا بالرصاص في سوريا، وفق التقرير.

قال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار إن “العنف ضد الصحافيين متعمد بصورة متزايدة”، مؤكداً “من الواضح أنهم يستهدفون ويقتلون لأنهم من الصحافيين” وأضاف أن “هذا الوضع المقلق يعكس الفشل المشين للمبادرات الدولية الرامية إلى حمايتهم، وهو بمثابة حكم بالقتل للصحافة المستقلة في هذه المناطق حيث تستخدم كل الوسائل الممكنة لفرض الرقابة ونشر الدعاية، ولا سيما من قبل مجموعات متطرفة في الشرق الاوسط”.

الملاحظ في اغلب التقارير تراجع عدد الصحافيين القتلى، بينما ازداد عدد اعتقال وسجن الصحافيين في العالم هذا العام، وارتبط بصورة خاصة بالوضع السياسي في تركيا، حيث هناك أكثر من مئة صحافي ومتعاون مع الاعلام في السجن حاليا، وفق حصيلة لمنظمة "مراسلون بلا حدود" صدرت في 13 كانون الاول/ ديسمبر. وأوضحت المنظمة أن ثلثي الصحافيين الذين قتلوا هذه السنة سقطوا في مناطق توصفها بالنزاع، خلاف ما حصل عام 2015 الذي شهد مقتل العديد من الصحافيين في مناطق يسودها السلام، مثل الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو في باريس”. وتبقى المكسيك في 2016 البلد الأكثر دموية للاعلام في امريكا، والدولة التي تسجل أعلى حصيلة من الصحافيين القتلى في زمن السلم.

في السنوات العشر الاخيرة قتل ما لا يقل عن 780 صحافيا بسبب مهنتهم، وفق حصيلة منظمة “مراسلون بلا حدود”. ودعت المنظمة الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى تعيين ممثل خاص لحماية الصحافيين. وكان تحالف من المنظمات غير الحكومية وجه في نيسان/ أبريل “نداء رسميا” من أجل استحداث منصب مسؤول مكلف ب“حماية الصحافيين” لدى الأمم المتحدة، يتمتع ب”الوزن السياسي والقدرة على التحرك سريعا، والمشروعية لتنسيق جهود الأمم المتحدة من أجل أمن الصحافيين”.

منظمة "مراسلون بلا حدود"، حسب تعريفها تتابع اخبار الصحفيين ولكنها تقع بين فترة واخرى، كغيرها من المنظمات الشبيهة لها، الاقليمية او الدولية، دون ابعاد المحلية المعروفة ظروفها، خاصة التي تكون في ظل انظمة معروفة في تسلطها واستبدادها،تقع هذه المنظمة تحت ضغوط وتاثيرات جهات رسمية محلية او دولية وتصدر بيانات تضليلية تدين بها حكومات لمصلحة حكومات اخرى، او حسب قاعدة: من يدفع للزمار. ويتبين ذلك اكثر في اهتمام وسائل اعلام تلك السلطات او الجهات بما يصدر عن المنظمة ويفضح اهداف ومرامي بيانات منها، فتراها تكرر نشر او اذاعة بيان وتغفل اخر حسب تطابقها او تباينها مع مصالحها وارتباطاتها السياسية والعملية..  وليست كل الارقام التي تذكرها تكون دقيقة او كاملة، فهي باعتمادها على مراسلين محددين او جهات معينة لا تكون دائما وفية للاهداف المهنية والانسانية لها. فمثلا وبالمقارنة عن ما سجلته عن العراق سجل المرصد العراقي للحريات الصحفية مقتل العديد من الصحفيين خلال العام 2016 حيث شهدت معارك تحرير المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش  مقتل 14 صحفيا وجرح 24 آخرين، بعضهم أستهدف من قبل تنظيم داعش بشكل مباشر، بينما أصيب آخرون بفعل تفجيرات وسقوط قذائف هاون، مقرونة بالاسماء والزمان والمكان، مما لا يمكن الشك فيها او تجنبها. وهذا مثال واحد يوضح ما سبق ذكره وتقديره.

لكن هذه الارقام تظل في معايير او اعتبارات معينة تعبر عن مدى انتهاك للقانون الدولي والتقصد في قتل الصحفيين رغم حملهم لما يعرف بهم ويشهد لهم، او منع حصولهم على مصدر معلومات والتحرك الامن في المناطق الساخنة واثناء النزاعات وانكار كفالة الحق في الحرية الفردية والمهنية. والابرز في ذلك هو التهرب من اعتبار الصحفيين متمتعين بحماية كاملة بصفتهم مدنيين يؤدون عملهم، فلا يجوز استهداف أي مدني، مشيرا إلى أن استهداف الصحفي الذي يحمل شارة مميزة يعتبر مخالفة صريحة للقانون الدولي يرتكبها من يقوم بذلك ومنهم الكيان الصهيوني الذي لا يحترم أية مواثيق دولية، او تنظيم ما يسمى اعلاميا بداعش وهو ما يقتضي ليس الشجب والاستنكار، بل تفعيل القوانين وقواعد العمل الدولية، التي تتشدد على عدم استهداف الصحفيين أثناء تأدية وظائفهم وتحديدا أثناء التظاهرات والحروب، وأن تطالب الاتحادات المهنية والمنظمات الرديفة بإجراء تحقيق دولي؛ لكشف قتلة الصحفيين وتقديمهم للمحاكمة الدولية، واعتبار قتلة الصحفيين “مجرمي حرب”، يجب تقديمهم للعدالة حتى لا يتم استهداف الصحفيين.

قوائم الشهداء والضحايا كل عام من الصحفيين خصوصا تفضح الممارسات التي تحصل مع قوانين الصحافة والحريات الصحفية وحرية التعبير من جهة، وتكشف سياسات الحكومات وتطبيقاتها ازاء الاعلام والاعلاميين، وسبل الحماية والدفاع عن اهمية المهنة والعاملين فيها رسميا او شعبيا او ناشطين في مجالها، من جهة اخرى.

وتشير من جهة ثالثة حصيلة عام من شهداء الكلمة والصورة وضحايا الحروب والنزاعات بارقامها ومكانها وزمانها الى مشعلي الحروب والصراعات والنزاعات، وتصرخ دماء الشهداء والضحايا بهم وبمن يشحن اكثر في استمرار الحروب والاحتلال والغزو والدمار.

 

في المثقف اليوم