آراء

عبد الجبار الجبوري: الاستانة مؤتمر تفاوضي أم تحالفي ..!!

abduljabar alhamdiتنشغل الاوساط السياسية الان، في توصيف مؤتمر الاستانة، الذي سيعقد في اواخر هذا الشهر بكازاخستان، برعاية روسية وتركيا ودعم من الرئيس الامريكي القادم دونالد ترامب، وحضور خجول لايران، وغياب واضح لادارة الرئيس اوباما، هل هو مؤتمرتفاوضي بين روسيا وتركيا والنظام السوري ومعارضته، لتثبيت مبادرة السلام على الاراضي السورية، أم هو مؤتمر لظهور تحالف استراتيجي جديد يرسم خريطة جديدة في المنطقة بعيدا عن الضغوط الامريكية، وإبعاد الدور الايراني الذي يتقاطع مع اهداف هذا المؤتمر ونتائجه المستقبلية الاستباقية، وما هو الدور الايراني ما بعد المؤتمر، وماهي انعكاساته على مجريات الحرب على الارهاب في المنطقة وخاصة آثاره على معركة الموصل الجارية الان ومعركة الرقة المرتقبة، وكيف ينظر الى المؤتمر الرئيس ترامب، بعد أن يستلم الرئاسة في العشرين من هذا الشهر، وماهو موقع المعارضة السورية والائتلاف السوري في المؤتمر وموقفه الرسمي وتأثير وانعكاساته على محادثات جنيف القادمة، كل هذه الاسئلة تؤرق وتقلق الرأي العام العالمي، لاسيما وإن منطقة الشرق الاوسط كلها الان، تقف على بركان متفجر من الحروب الطائفية والقومية والعرقية، وتشهد حروبا منظمة مع الارهاب الدولي، تغذيها الدول العظمى، لهذا لايمكن التكهن بنهايات هذه الحروب ونتائجها الكارثية على العالم، في وقت يشهد الارهاب تغولا متصاعدا، نتيجة الاخطاء الكارثية التي وقعت بها السياسة الامريكية الخارجية، في احتلال العراق، كما وقع بها الاتحاد السوفيتي السابق في احتلال افغانستان، وهاهي السياسة الامريكية، تستمر في عهد الرئيس اوباما، مما اوصل الحال الى انفراط عقد التحالفات واضعافها وفقدان الثقة بين الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في المنطقة، وفي مقدمة هذه الدول، دول الخليج العربي وتركيا، حلفاؤها التاريخيين الاستراتيجيين عبر التاريخ، لهذا كان لابد لايجاد وخلق تحالفات جديدة، تضمن إبعاد هذه الدول عن مرمى الارهاب، وتدمير دولها، كما حصل في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها، لاسيما وإن ايران هي الرابح الاكبر من كل الاخطاء الامريكية، وما التمدد والتوسع الايراني في العراق واليمن وسوريا ولبنان، ماهو الا ثمرة الخطيئة الكبرى، للسياسة الامريكية الفاشلة في المنطقة، وقد عزز هذا التمدد والتغول الايراني، الاتفاق النووي الامريكي-الايراني، والدعم الايراني اللامحدود عسكريا واعلاميا وماليا للميليشيات الارهابية التي أنشأتها لهذا الغرض، ودعمها المباشر لتنظيم داعش الارهابي، وهكذا دخلت المنطقة في حروب لانهايات لها لعصور مقبلة، لن تستطيع كل قوى الارض أن تتحكم وتسيطر عليها وتوقفها، اليوم نرى هذه الفوضى الخلاقة من الحروب العبثية الطائفية، قد قتلت الملايين وهجرت الملايين، ودمرت دولا ومحتها من الخارطة، وتهدد حياة الملايين في العالم، وما يجري الان في سوريا والعراق هو تنفيذ مخطط دولي لتدمير المنطقة وإشعال الحروب والفوضى فيها، ولكن إرتدت هذه الحروب على نحر من اشعلها، على شكل إرهاب دولي بتفجيرات واغتيالات، وخطف وحرق وانتحاريين وغيرها، شاهدها العالم كله في الدول الاوروبية والامريكية، وتعلن عن مسئوليتها دائما دولة تنظيم داعش الاجرامي، وكي لانبعد ونحن نلقي الضوء، على مؤتمر الاستانة، الذي تعول على نتائجه دولا كثيرة، كتركيا وروسيا وسوريا، كما تمتعض منه دولا كثيرة خاسرة من هذا المؤتمر كإيران واوروبا، وادارة اوباما تحديدا، نقول أن الاجتماع التشاوري في الاستانة، هو أرضية لانطلاق تحالف دولي مهم ومؤثر، تحتاجه المنطقة كلها، ردا على فشل امريكا في سياستها وتورطها في دعم الارهاب وتغذيته في المنطقة، وبغض النظر عن أن مؤتمر الاستانة هو مؤتمر تشاوري أو تفاوضي أو تحالفي، ما يهمنا هو النتائج التي سيخرج بها، في مواجهة التحديات الكبرى التي تمثلها أيران في تمددها في المنطقة، وإنشائها لجيش ايراني شيعي اعلنت هي عنه، من ميليشيات عراقية وميليشيات حزب الله والحوثيين لاستكمال مشروعها الكوني الديني الشيعي-الهلال الشيعي -، لذلك نرى أن الخاسر الاكبر من المؤتمر بالرغم من مشاركة خجولة لايران فيه وغير مؤثرة وربما دعوتها لذر الرماد في العيون الايرانية التي أعماها الطغيان والاستكبار الشيطاني لابتلاع المنطقة والاستفراد بها، بعد انحسار الدور الامريكي وفشل تحالفاته مع دول الخليج وتركيا، أو لنقل أن العلاقات فترت بينهما، لذلك نرى أن مؤتمر الاستانة سيضع أسسا جديدة لتحالفات استراتيجية جديدة، تؤسس لسلام شامل في المنطقة، وتحجيم مؤكد للدور الايراني، يقابله دعم لامحدود للرئيس ترامب للمؤتمر حتى بعد انعقاده، وهذا ما لا ترغبه وتريده إيران، بل تعمل على إفشال المؤتمر في الخفاء، وتتظاهر أنها داعمة له، وهي تعلن على رؤوس الاشهاد انها لاتنوي سحب ميليشياتها، وميليشيات حزب الله من سوريا، وتتوغل في المستنقع السوري حتى النهاية، وهكذا يتطابق مشروعها في العراق وسوريا، ويبدو واضحا من خلال التطهير الطائفي الذي تمارسه، لضمان الاتصال البري بينها وبين سوريا الى البحر المتوسط عبر العراق، وقد تحقق هذا في تواجد ميليشياتها في ممرات حدودية، وهذا فطنت له ادارة اوباما، بعد ان وصلت ميليشيات عراقية الى الحدود العراقية السورية وسيطرتها على معابرها، مما ينذر بحرب حدود امريكية –ايرانية، لهذا نعتقد، أن انعقاد مؤتمر الاستانة فرصة لضم المعارضة السورية المعتدلة الى العملية السياسية الانتقالية، والجلوس مع النظام للتفاهم والتصالح، لان من عقد الازمة السورية، هي ان روسيا وتركيا والمعارضة المعتدلة، ترغب بالحل السياسي، فيما تصر ايران وحزب الله على الحل العسكري، (لاهداف عسكرية وسياسية ايرانية)، واضحة، ومؤتمر الاستانة يقوض حلم إيران وحزب الله، ويفوت عليهما تحقيق اهدافهما الاستراتيجية، في السيطرة على سوريا والعراق الى الابد، لانه يشكل سكينا في خاصرة المشروع الايراني، لذا أرى حضور إيران ليس اهمية، بل وزائدا وليس له تأثير على مجريات وبنود المؤتمر، لان إصرار روسيا وتركيا على انجاح المؤتمر وتحويله الى تحالف دائم ومفتوح لكل دول الخليج والمنطقة، التي ترفض الهيمنة الامريكية، والتغول الايراني، الذي غذاه التخادم بينهما على تدمير المنطقة وادخالها في الحروب والفوضى، مما يعزز الدور الاقليمي وتحولاته لكبح جماح طهران من تنفيذ مشاريعها الاقليمية ولو باعال مزيد من الحروب، ودعم المنظمات الارهابية، إذن المنطقة وخاصة بعد وصول الرئيس ترامب الى رئاسة امريكا، ستشهد تحالفات استراتيجية عسكرية، وسياسية، وإقتصادية يسعى لها ترامب ضمن برنامجه الانتخابي، ليخرج امريكا من عزلتها الدولية، ويعيد الثقة لحلفائها في المنطقة، وأولهم السعودية وقطر وتركيا، ممن تقف الان في مواجهة المشروع الايراني بقوة، عبر تشكيل تحالف اسلامي عربي ودولي، ومؤتمر الاستانة هو أرضية تمهيدية لولادة واقع جديد، وحصر المنظمات الارهابية وداعميها بزاوية ضيقة، مع الانفتاح على الفصائل الاخرى المعتدلة والمعارضة، وسيكون الدور الروسي المقبل مهما ومؤثرا في المنطقة كلها، لان عودة روسيا لها اصبح واقعا وعاملا في التوازن الاقليمي المفقود، وإنشاء قواعد عسكرية بحرية وبرية في سورية، رسالة واضحة على عودة التوازن الدولي، وهذه احدى نتائج مؤتمر الاستانة، في حين نجح الرئيس اردوغان في جرأته وحكمته في نزع فتيل ازمات تركيا الداخلية والخارجية، وافشال المخططات الاوروبية والامريكية التي استهدفت تركيا ارضا وشعبا في الانقلاب العسكري الاخير، واستطاع اردوغان ان يجلس المعارضة السورية المعتدلة على طاولة واحدة مع وفد النظام السوري، وهذا بحد ذاته نجاح كبير له، فشلت مؤتمرات جنيف1وجنيف2 وجنيف3 من تحقيقه، عليه الجميع يعول على مؤتمر الاستانة على هدفين رئيسيين هما، عزل الفصائل الارهابية، والذهاب الى حل سياسي تصر عليه روسيا وإيران لابقاء الرئيس السوري في سدة الحكم لحين مرحلة انتقالية، وهذا ما سيتمخض عنه المؤتمر ويؤسس لمرحلة مهمة في العلاقة بين تركيا وسوريا بعد مؤتمر الاستانة، ويشكل انطلاقة مشتركة لمواجهة تنظيم النصرة وتنظيم داعش على الاراضي السورية وابعاد شبح الحرب الاهلية هناك، وهذا الاحساس المشترك لعدو مشترك يجعل نجاح مؤتمر الاستانة حقيقة ماثلة، ويمثل محطة اخيرة للقضاء على الارهاب في المنطقة وتجفيف منابعه، التي يشترك الجميع بتغذيتها بصورة أو بأخرى ...... 

 

في المثقف اليوم